بدأت تداعيات الحرب التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين في إحداث تأثير ملموس على قطاع الزراعة الأمريكي، خاصة في سوق لحوم الخنزير، الذي يُعد أحد القطاعات الحيوية للتصدير. إذ أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية أن الصين ألغت طلبية شراء تبلغ 12 ألف طن من لحوم الخنزير الأمريكية، في خطوة اعتُبرت الأكبر من نوعها منذ عام 2020.
انخفاض حاد
ووفقًا لبيانات الوزارة، تراجعت صادرات لحوم الخنزير الأمريكية إلى الصين في الأسبوع المنتهي بتاريخ 17 أبريل إلى 5800 طن فقط، وهو أدنى مستوى أسبوعي يتم تسجيله منذ بداية عام 2025، بانخفاض حاد بلغ 72% مقارنة بالأسبوع السابق، بحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
وتقول الوكالة الأمريكية، إن هذا التراجع الكبير في المبيعات انعكس فورًا على الأسواق المالية، حيث انخفض سعر عقود لحوم الخنزير في بورصة شيكاغو بنسبة 0.2% ليصل إلى أقل من دولار واحد للرطل، وسط حالة من الترقب في أوساط المستثمرين بشأن ما إذا كانت هذه الخطوة الصينية ظرفية أم بداية لاتجاه طويل الأمد.
مخاوف في صفوف المزارعين
وأعرب عدد من مربي الخنازير في الولايات المتحدة عن قلقهم من التطورات الأخيرة. إذ قال كيفن ستاكي، أحد مزارعي أوهايو، لموقع "Pork Business": "نحن معتادون على تقلبات السوق، ولكن هناك الكثير من المجهول حاليًا يصعب التنبؤ به".
وأشار إلى أن الصين تُعد سوقًا محوريًا للمنتجين الأمريكيين، إذ لا تقتصر على كونها من أكبر مستهلكي لحوم الخنزير عالميًا، بل تلعب دورًا مؤثرًا في توجيه حركة السوق.
وتُظهر البيانات أن الصين استوردت من الولايات المتحدة في عام 2024 حوالي 416 ألف طن من لحوم الخنزير، أي ما يعادل 18% من إجمالي وارداتها. كما تُعد ثالث أكبر سوق للمنتجات الأمريكية بعد المكسيك واليابان، بينما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثالثة بين موردي اللحوم إلى الصين بعد البرازيل والأرجنتين.
تداعيات اقتصادية متوقعة
وحذر الخبير الاقتصادي ألتن كالو من شركة "ستينر للاستشارات" من أن ارتفاع الرسوم الجمركية قد يلحق أضرارًا طويلة الأمد بالاقتصاد الأمريكي، مشيرًا إلى أن الطلب على لحوم الخنزير تراجع بنحو 16% خلال الأزمة المالية العالمية بين عامي 2007 و2011. وأوضح أن المشهد الراهن يختلف من حيث الظروف الاقتصادية، إلا أن "القلق لا يزال قائمًا".
من جهته، عبّر آرون يورغنس، رئيس جمعية منتجي لحوم الخنزير في ولاية آيوا، عن خيبة أمل كبيرة بسبب السياسة الجمركية التي تفتقر إلى الاستقرار.
وقال: "أكثر من 25% من إنتاج الولايات المتحدة من لحوم الخنزير يُصدَّر إلى أسواق خارجية ذات قيمة عالية. وآيوا وحدها تُنتج ثلث لحوم الخنزير الأمريكية، والوصول إلى الأسواق الخارجية أمر مصيري لنا".
الصين تتخذ بتدابير مضادة
في المقابل، اتخذت الصين إجراءات ردًا على قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على مجموعة واسعة من المنتجات الصينية. ومنذ 10 مارس، رفعت بكين الرسوم الجمركية بنسبة 10-15% على سلع زراعية أمريكية مثل الدواجن، القمح، الذرة، القطن، فول الصويا، ولحوم الخنزير، بحسب موقع "أوبزرفر" الصيني.
وقال مسؤول في شركة صينية عاملة في قطاع تربية الخنازير إن الرسوم الجديدة سترفع تكلفة استيراد لحوم الخنزير من الولايات المتحدة، ما يفقدها ميزة التنافسية في السوق الصينية. وأكد أن بكين ستلجأ إلى مخزونها الاستراتيجي من اللحوم لتجنب ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، مشيرًا إلى أن تأثير الرسوم سيكون محدودًا على المستهلكين الصينيين.
وبحسب الإحصاءات، تُنتج الصين نحو 57 مليون طن من لحوم الخنزير سنويًا، ما يعادل 50% من الإنتاج العالمي، بينما تأتي الولايات المتحدة ثالثًا بإنتاج يبلغ 12 مليون طن.
ويرى محللون تحدثوا لموقع "أوبزرفر" الصيني أن تقليص الصين لاعتمادها على واردات لحوم الخنزير قد يُحفّز السوق المحلي على المدى القصير، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف وزيادة تكاليف الإنتاج، مما قد يؤدي إلى دعم أسعار الخنازير في السوق الصينية.