في خطوة وصفت بالتاريخية، قررت الهند تعليق العمل بمعاهدة نهر السند مع جارتها باكستان، التي بموجبها يتقاسم البلدان أفرع النهر الشرقية والغربية، وهي الخطوة التي أثارت تساؤلات حول مدى تأثر باكستان من ذلك الإجراء، و"هل تستطيع نيودلهي خنق جارتها والضغط عليها؟".
وتعرف اتفاقية نهر السند، بأنها معاهدة تم توقيعها بين البلدين عام 1960 برعاية البنك الدولي، يتم بموجبها تقاسم روافد النهر الحيوي سلميًا، وكان الهدف منها تحقيق أقصى استفادة لتلبية احتياجاتهم من المياه، وتم الاعتماد عليها في كلا البلدين بالزراعة والصناعة وتوليد الطاقة.
الري والزراعة
ومن المتوقع أن يؤثر تعليق المعاهدة بشكل كبير على باكستان، بحسب وسائل الإعلام الهندية، كون نهر السند يُعد المصدر الرئيسي للمياه ويوفر 154 مليون متر مكعب سنويًا، التي تعد ضرورية لاحتياجات المياه والقطاع الزراعي في باكستان، الذي يسهم وحده بنسبة 23% في الدخل القومي الباكستاني ويدعم 68% من سكان الريف.
وحذّر الخبراء من أن أي انقطاع في تدفق المياه من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على القطاع الزراعي، إذ يؤدي انخفاض المياه بالتبعية إلى انخفاض إنتاج المحاصيل ونقص الغذاء وعدم الاستقرار الاقتصادي في المناطق الريفية التي تعتمد على الزراعة.
تحديات كبيرة
ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه باكستان بالأساس تحديات كبيرة في ملف المياه مثل استنزاف المياه الجوفية، وملوحة الأراضي الزراعية، والقدرة المحدودة على تخزين المياه، إذ يبلغ إجمالي المخزون للسدود الكبرى نحو 14.4 مليون قدم مكعب فقط، وهو ما يمثل 10% فقط من حصة المياه السنوية لباكستان بموجب المعاهدة.
ويؤدي تعليق توريد المياه إلى تفاقم تلك الثغرات من خلال قطع إمدادات المياه المضمونة، ما يترك باكستان مع خيارات أقل لإدارة احتياجاتها من المياه، لكن في المقابل يعتمد قدرة الهند على تنفيذ أي تهديد يتعلق بقطع المياه، وفقًا للخبراء، في مدى قدرتها على القيام بذلك.
البنية التحتية
وتمتلك الهند قدرة كبيرة على الاستفادة من معظم حصتها المخصصة للمياه من الأنهار الشرقية بموجب المعاهدة، لكنها في الوقت ذاته تمتلك بنية تحتية محدودة على الأنهار الغربية، تمنعها من تنفيذ أي تهديد فوري بوقف تدفق المياه، وهي العملية التي قد تستغرق عقودًا من الزمن لتحقيقها.
وتحتاج الهند، كما يقول الخبراء لصحيفة ناشيونال إنديا، إلى آليات تحكم غير موجودة حاليًا، من أجل التحكم الكامل في تدفق الأنهار الغربية، وحتى ذلك الحين سيستمر تدفق المياه إلى باكستان بفعل الجاذبية - على حد تعبيرهم - بجانب القيود القانونية في الاتفاق التي تمنع أي تعليق أحادي الجانب، وهو ما يدفعها للوقوف في وجه مشكلات عالمية مع الأمم المتحدة.
رسالة ورد
وينظر إلى تعليق المعاهدة من جانب الهند، بحسب المسؤولين، بأنه رسالة شديدة وقوية إلى باكستان، ضمن إجراءات وصفوها بالتاريخية والقاسية، التي تشير ضمنًا إلى أن الدم والماء لا يمكن أن يتدفقا معًا، وستجعل جارتهم تعيد التفكير في دعم من وصفوهم بالإرهابيين، ورسالة بأن الهند مستعدة للرد المناسب.
في المقابل، نفت باكستان وجود أي علاقة أو مسؤولية عن الهجوم، مشيرة إلى أن ذلك الهجوم عبارة عن صراع داخلي في الهند، يأتي ضمن انتفاضة أوسع ضد الحكومة الحالية، ويعد جزءًا من سلسلة ثورات إقليمية، تأتي من قبل أشخاص يناضلون من أجل حقوقهم، ونتيجة مباشرة لاضطهاد حكومة مودي للأقليات.