على الرغم من تحسن جودة الهواء على مدى العقود الماضية في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن نصف الأمريكيين ما زالوا يعيشون في أماكن ملوثة بالضباب الدخاني أو ما يعرف باسم السخام، ويتنفسون هواءً غير صحي وملوثًا في أجزاء كثيرة من البلاد، ما أضر بقلوبهم وأدمغتهم وقلص أعمارهم.
وكشف أحدث تقرير لعام 2025 صادر عن جمعية الرئة الأمريكية، والمعني بحالة الهواء في أمريكا، ونشرته وسائل الإعلام المختلفة، عن تقدم كبير أحرزته الولايات المتحدة في تنظيف مصادر التلوث وأضاف سنوات إلى حياة الناس ومنع ملايين الإصابات من نوبات الربو.
نصف الأمريكيين
وكان من أبرز اللوائح والقوانين التي أسهمت في ذلك، قانون الهواء النظيف، في سبعينيات القرن الماضي، لتنظيم مصادر التلوث، مثل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وانبعاثات شاحنات الديزل، لكن التقرير حذر من أن ذلك التقدم لم يمنع وجود هواء غير صحي وملوث في أجزاء كبيرة من البلاد.
ويعيش ما يقرب من نصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية - أي 156 مليون نسمة - في أماكن ملوثة بالضباب الدخاني أو السخام، وهو ناتج ثانوي للاحتراق غير الكامل للمواد العضوية التي تحتوي على الكربون، مثل الخشب ووقود السيارات والبلاستيك والنفايات المنزلية.
مستويات التلوث
وتتفاوت مستويات التلوث بشكل كبير في جميع أنحاء أمريكا، إذ يتركز أسوأ تلوث بالسخام بمتوسط سنوي في مدن كاليفورنيا مثل فريسنو وبيكرسفيلد، بينما سجل تلوث الأوزون أعلى مستوياته في منطقة لوس أنجلوس، إضافة إلى تصنيف مدن بولايتي أريزونا وتكساس ضمن أكثر 10 مدن تلوثًا بالضباب الدخاني.
واعتبرت مدينة شيكاغو الشهيرة من أسوأ مدن الولايات المتحدة من حيث جودة الهواء، مع تصنيف سيئ للغاية فيما يتعلق بتلوث الجسيمات في الهواء، إذ احتلت المرتبة الـ15 من حيث مستويات الضباب الدخاني، وهي عبارة عن جزيئات صغيرة صلبة أو سائلة يستنشقها السكان وتحمل مواد كيميائية سامة، ناتجة عن حرائق الغابات أو المباني المحترقة أو أدخنة المصانع.
الأوزون والسخام
وأظهر التقرير أن سكان منطقة دنفر الحضرية بولاية كولورادو، يتنفسون بعضًا من أكثر الهواء الملوث بالأوزون في الولايات المتحدة، واحتلت المنطقة المرتبة السادسة، وفقًا للتقرير، مرجعين ذلك إلى زيادة عدد السيارات على الطرق وإنتاج الغاز، إذ تسهم تلك العوادم في إنتاج المواد الأولية للأوزون.
واعتبرت منطقة ديترويت الكبرى، من بين أسوأ المناطق أيضًا، واحتلت المرتبة السادسة من حيث عدد الأيام التي يعاني فيها السكان من الهواء غير الصحي الملوث، وتبين من التقرير أن المنطقة على مدار شهر تشهد 6 أيام ذات مستويات عالية من الأوزون، و8 أيام ونصف ذات مستويات عالية من تلوث السخام.
واحتلت ولاية كاليفورنيا، المرتبة الأولى، إذ تم تصنيف 9 مناطق حضرية في الولاية ضمن أسوأ 25 مدينة من حيث جودة الهواء، على رأسهم مدينة لوس أنجلوس ولونج بيتش، مشيرين إلى وجود ارتفاع كبير في مستويات الأوزون التي تفاقمت بشكل كبير.
الحرائق والمناخ
وخلص التقرير إلى أن حرائق الغابات ودرجات الحرارة المرتفعة إلى جانب الانبعاثات في الجنوب الأمريكي هي عوامل كبيرة أدت إلى تدهور طبقة الأوزون، وتسببت على الأقل في تآكل ربع التحسينات التي تحققت في جودة الهواء، منذ بداية عام 2000، كما تم اعتبار التغيرات المناخية من أبرز الأسباب التي عقدت عملية مكافحة تلوث الهواء.
وحذّر الخبراء من أن التأثيرات الصحية ستؤدي إلى تفاقم الربو، وتلف الشعب الهوائية وانخفاض وظائف الرئة، وعدم انتظام ضربات القلب والوفاة المبكرة لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب أو الرئة، كما تقصر متوسط العمر المتوقع للإنسان، وفقًا لأحدث الدراسات.
ويأتي التقرير في الوقت الذي تدرس فيه إدارة ترامب التراجع عن بعض القواعد التنظيمية الرئيسية المتعلقة بجودة الهواء، إذ طالبت إدارة ترامب الوكالات الفيدرالية بإعادة النظر في العديد من اللوائح، التي أسهمت في تحسين جودة الهواء، وهي القرارات التي وجد خبراء الصحة والأطباء أن تأثيرها الواسع على الأمريكيين ومتوسط أعمارهم سيزداد حتمًا.