تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للقيام بمذبحة كبيرة داخل وزارة الخارجية الأمريكية، لتتماشى مع أجندة ترامب " أمريكا أولًا"، بعدما تم وصفها بأنها تضخمت بشكل كبير وأصبحت بيروقراطية وغير قادرة على أداء مهامها، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الدبلوماسية، معتبرين ذلك انحرافًا كبير عن أولويات أمريكا وتفسح المجال أمام خصومها للانتشار بجانب إنشاء جيش من المتملقين.
وفي فبراير الماضي، فوض دونالد ترامب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عبر أمر تنفيذي منفصل وجه فيه بإصلاح ما وصفه بالخدمة الخارجية الأمريكية وكيفية عمل الوزارة لضمان تنفيذ السلك الدبلوماسي الأمريكي لأجندة أمريكا أولا بكل أمانة وكفاءة.
وفقًا لذلك، خرج روبيو ليعلن بالأمس إعادة تنظيم وزارة الخارجية الأمريكية بشكل رسمي عبر إلغاء عشرات المكاتب التي تم اعتبارها زائدة عن الحاجة، بجانب بعض البرامج الخارجية، التي ترى إدارة ترامب بأنها لا تتوافق مع المصالح الأمريكية.
متضخمة وبيروقراطية
وفي إعلانه، وصف روبيو الخارجية الأمريكية بأنها أصبحت وزارة متضخمة وبيروقراطية وغير قادرة على أداء مهمتها الدبلوماسية الأساسية في هذا العصر الجديد من المنافسة بين القوى العظمى، ولم يعد بإمكانها اتخاذ القرارات بسرعة وكفاءة، وهو ما تسبب في ردود فعل غاضبة.
وكان أكبر التغييرات المقترحة هي إلغاء وكيل وزارة الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو جزء من الوزارة اتهمه روبيو بالانحراف عن أولويات الولايات المتحدة حيث استهدف ما أسماه الاستيلاء الأيديولوجي على الوكالة، مشددًا على أن ذلك الفرع وفر بيئة خصبة للناشطين لإعادة تعريف حقوق الإنسان والديمقراطية ومتابعة مشاريعهم على حساب دافعي الضرائب.
إلغاء وتسريح وإغلاق
وعلى الرغم من عدم كشف روبيو عن أعداد المكاتب التي سيتم إغلاقها أو الموظفين الذين سيتم تسريحهم أو البرامج التي من المنتظر أن يتم إلغاؤها، إلا أنه بحسب رويترز، تعمل حاليًا مجموعة داخلية في الوزارة على إعادة التنظيم وتطوير خطط مفصلة لكل جزء من الوزارة بحلول الأول من يوليو.
وبموجب خطة الإصلاح الكبير في الوزارة، سيتم إغلاق أكثر من 132 مكتبًا ومقرًا من أصل 734 مكتبًا تابعًا للوزارة، بما في ذلك بعض المكاتب التي تعمل على جرائم الحرب والدعوة إلى حقوق الإنسان، لضمان أن تكون الوكالة متوافقة مع أولويات دونالد ترامب "أمريكا أولًا".
خصوم الولايات المتحدة
ومن ضمن خطط إدارة ترامب، من المنتظر أن يتم خفض عدد الموظفين في الوزارة بنسبة 15%، كما ستساهم عمليات إغلاق المكاتب وإلغاء البرامج في إلغاء 700 وظيفة إضافية، ولكن بحسب التقرير، يمتلك المسؤولون عن عمليات التقييم 30 يومًا فقط لتقييم عدد الوظائف التي سيتم تخفيضها.
وتتضمن الخطة دمج 734 مكتبًا في 602 مكتب فقط، فضلًا عن نقل 137 مكتبًا إلى موقع آخر داخل الوزارة لزيادة الكفاءة، ومن بين المكاتب التي من المتوقع بالفعل خفضها في الخطة الجديدة مكتب قضايا المرأة العالمية وجهود التنوع والشمول في وزارة الخارجية، والتي تم إلغاؤها على مستوى الحكومة في عهد ترامب.
وردًا على إعادة تنظيم الوزارة أو المذبحة المنتظرة للخارجية الأمريكية، أكد كبار المشرعين في لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي، أن إعادة التنظيم المقترحة التي تأتي بعد تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من شأنها أن تفسح المجال لخصوم الولايات المتحدة.
ستار من الدخان
وبالنسبة لهم فإن تلك التغييرات الجذرية المحتملة لا علاقة لها بتبسيط وزارة الخارجية بقدر ما تتعلق بإضعاف القوة الناعمة الأمريكية، بما في ذلك الدفاع القائم على القيم عن حقوق الإنسان والديمقراطية على مستوى العالم، وهي نفس الاتهامات التي صرح بها عدد من المسؤولين في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، لشبكة إن بي سي.
أيضًا أكدت إيفرت كيلي، الرئيس الوطني للاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، إن الحكومة الأمريكية من المعروف أنها تقوم بالفعل بالتوظيف والترقية على أساس الجدارة فقط، والتي تهدف في الأساس إلى وجود قوة عاملة متنوعة تعكس صورة الأمة الأمريكية التي تخدمها.
لكن وفقًا لها، فإن تصرفات الرئيس الأمريكي ووزارة الكفاءة التي يقودها ترامب، عبارة عن ستار من الدخان فقط لطرد الموظفين المدنيين، والعمل على قدم وساق لتقويض الخدمة المدنية غير السياسية وتحويل الحكومة الفيدرالية إلى جيش من المتملقين الموالين للرئيس الأمريكي فقط وليس الدستور.