أعلن فريدريش ميرز، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، خلال الحملة الانتخابية الفيدرالية عزمه استغلال سلطاته، في أول يوم له كمستشار، لإصدار توجيهات لوزارة الداخلية تهدف إلى فرض رقابة صارمة ودائمة على الحدود الألمانية، ورفض طلبات اللجوء الجديدة، بحسب ما نقلته صحيفة "تليجراف" البريطانية.
ومنذ إعلان فوز الحزب بالانتخابات واقتراب تسلّم ميرز السلطة، تشهد ألمانيا تحوّلات سياسية واسعة باتجاه سياسات أكثر تشددًا تجاه الهجرة، تتضمن احتمال ترحيل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة، كما تفعل إيطاليا مع ألبانيا، وذلك عقب تحول ألمانيا إلى اليمين جراء خسارة أولاف شولتس الانتخابات ونهاية حقبة حزب الديمقراطي الاجتماعي.
ترحيل الذكور العزاب
وفي ظل هذا التوجّه الجديد، تدرس الحكومة المقبلة إمكانية إعادة طالبي اللجوء إلى اليونان، خاصة الذكور العزاب الأصحاء الذين دخلوا ألمانيا عبرها. ووفقًا لحكم صادر عن المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيج، يمكن ترحيل هؤلاء طالما لم يتعرضوا لخطر المعاملة اللاإنسانية. وأوضح القاضي روبرت كيلر أن القرار يستند إلى ما إذا كان "اللاجئون في اليونان يحصلون على الحد الأدنى من المأوى والغذاء والرعاية".
يُعدّ هذا الحكم دعمًا مباشرًا لفريدريش ميرز الذي تعهّد بخفض أعداد المهاجرين، حيث اعتبرت المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيج أن اللاجئين المعنيين قادرون على التعامل مع النقص في المساعدات الحكومية في اليونان، شريطة توفر احتياجات أساسية كالمأوى المؤقت والمرافق الصحية، وفقًا لما نقلته تليجراف.
إلغاء لم الشمل
وتشمل هذه التغييرات زيادة هائلة في القدرة على احتجاز المهاجرين في انتظار الترحيل، وتعليق لم شمل الأسرة للمهاجرين لمدة عامين، وتوسيع قائمة البلدان الآمنة التي يمكن إرسال المهاجرين إليها، وإدخال قواعد لترحيل المهاجرين، الذين يواجهون أحكامًا بالسجن، وإلغاء المساعدة القانونية الإلزامية قبل الترحيل.
في عام 2024، أصدرت السفارات الألمانية نحو 120 ألف تأشيرة لغرض لم شمل الأسرة - منها نحو 28300 ذهبت إلى أشخاص من بلدان اللجوء التالية سوريا (نحو 20 ألفًا)، وإيران (4400)، وأفغانستان (2600)، والعراق (1300).
اللجوء إلى دبلن
ويعني هذا الحكم أن طالبي اللجوء الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي عبر اليونان وحصلوا على حق اللجوء، ثم واصلوا طريقهم إلى ألمانيا وقدموا طلب لجوء جديدًا معرضون لخطر إعادتهم من قبل السلطات الألمانية.
وبموجب اتفاقية دبلن، يُفترض أن تُعالج طلبات طالبي اللجوء في أول دولة عضو بالاتحاد الأوروبي يدخلونها، لكن نادرًا ما تُطبق هذه القواعد.
وسابقًا واجهت المحاكم الألمانية صعوبات في ترحيل اللاجئين إلى اليونان، نظرًا لمعارضة جماعات حقوق الإنسان والطعون القانونية، التي تُجادل بأن ظروف معيشة اللاجئين في اليونان سيئة للغاية.
وقضت المحكمة الإدارية الاتحادية بأن المهاجرين الذكور العزاب، الأصحاء، والقادرين على العمل، يجب أن يكونوا قادرين على تحمّل ظروف المعيشة المتردية التي تنتظرهم في اليونان.
وأقرّ الحكم بأن أوقات انتظار الوثائق ونقص الدعم الحكومي العام في اليونان تُمثّل مشكلة لطالبي اللجوء، لكن من المُرجّح أن يجدوا سكنًا، على الأقل في ملاجئ مؤقتة أو مساكن طارئة مُزوّدة بمرافق صحية أساسية.
يأتي ذلك بعد أن صرّح نائب بارز في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لصحيفة "تليجراف"، بأن قدرة ألمانيا على استيعاب اللاجئين استُنفدت، بعد استقبال ملايين الأشخاص من سوريا وأفغانستان، ومؤخرًا من أوكرانيا.
أرقام الهجرة واللجوء في ألمانيا
وقال جونتر كرينجز، عضو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي: "وصل أكثر من 4 ملايين طالب لجوء ولاجئ حرب إلى ألمانيا، خلال العقد الماضي، استُنفدت قدرتنا على دمج هذا العدد الكبير من الناس في مجتمعنا، وتأثر نظامنا العام وأمننا الداخلي بشدة".
في الفترة ما بين يناير ومارس 2025، تم تقديم 41,123 طلب لجوء في ألمانيا، منها 36,136 طلبًا للمرة الأولى، ولا تشمل هذه الأرقام اللاجئين الأوكرانيين الذين دخلوا البلاد منذ نهاية فبراير 2022.
وهذا يعني انخفاض طلبات اللجوء بنحو 42 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (انخفضت الطلبات الأولية بنحو 45%)، نحو 13% من الطلبات الأولية كانت من أطفال اللاجئين المولودين في ألمانيا.
اتخذ المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين قرارات بشأن أكثر من 84269 طلب لجوء بين يناير ومارس 2025، ومعدل الحماية كانت 18.5%.
في سبتمبر 2024، فرضت الحكومة الألمانية ضوابط حدودية مؤقتة على الحدود مع فرنسا ولوكسمبورج وهولندا وبلجيكا والدنمارك، كما تم فرض الضوابط على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك وسويسرا منذ أكتوبر 2023 .
في الربع الأول من عام 2025، اكتشفت الشرطة الفيدرالية 15,131 دخولًا غير مصرح به على الحدود الألمانية، وهذا أقل بنسبة 24% عن الفترة نفسها من العام الماضي.