نظام التعريفات الجمركية العالمي الذي فرضه دونالد ترامب يهدد طموحاته في تشجيع إنتاج الرقائق المحلية، بينما يعوق أهداف الولايات المتحدة في الهيمنة على السباق العالمي لتطوير الذكاء الاصطناعي، وفق ما أوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن خبراء في قطاع التكنولوجيا، بمن فيهم مسؤولون تنفيذيون في شركات التكنولوجيا وخبراء في سلاسل التوريد ومحللون، إن الحرب التجارية المتصاعدة التي يشنها الرئيس الأمريكي من المرجح أن تعيق توسع قوة الحوسبة الأمريكية. ويرجع ذلك إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف بناء مصانع أشباه الموصلات ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
ما يقلق قطاع التكنولوجيا هو أن الجهود المبذولة لفرض المزيد من عمليات تصنيع الرقائق والإلكترونيات في الداخل سيكون لها تأثير غير مقصود يتمثل في عرقلة شركات مثل OpenAI وGoogle وMicrosoft التي تسعى إلى التغلب على نظيراتها في الصين في بناء الذكاء الاصطناعي المتقدم.
وقال سرافان كوندوجالا من شركة "سيمي أناليسيس" الاستشارية: "إن حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن رسوم ترامب الجمركية قد تصبح الحاجز الأكبر أمام تفوق الذكاء الاصطناعي الأمريكي".
تعهدت شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك مايكروسوفت وجوجل وأمازون وميتا، بإنفاق 300 مليار دولار على البنية التحتية للحوسبة التي تدعم الذكاء الاصطناعي في عام 2025 وحده. وستساعد مشاريع أخرى، مثل التزام شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات بتقديم 100 مليار دولار لتعزيز قدرة تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة، في دعم مثل هذه الطموحات.
وحذرت شخصيات صناعية من أن هذه الجهود تواجه حالة من عدم اليقين والاضطراب مع فرض التعريفات الجمركية على سلاسل التوريد العالمية المعقدة التي تخدم مشاريع الحوسبة الكبيرة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وقال أحد الأشخاص المشاركين في تطوير "ستارجيت"، مشروع مركز البيانات الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار أمريكي، والذي تقوده شركات OpenAIوSoftBank وOracle "أنا أكثر قلقا بشأن التأثير على مكون واحد في مركز بيانات معين قد يتأخر الآن لأن بعض الموردين الخارجيين يتخذون قرارا بشأن أعمالهم".
وقد تم إعفاء أشباه الموصلات ومعدات صناعة الرقائق والمواد والمكونات ذات الصلة من الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ضد العشرات من شركاء الولايات المتحدة التجاريين.
لكن المحللين قالوا، إن نظام التعريفات الجمركية الذي لا يزال قائما، بما في ذلك الرسوم الجمركية البالغة 145% على السلع القادمة من الصين، من شأنه أن يرفع تكلفة البناء والتمويل لمصانع التصنيع ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
وقالت مجموعة "ألتانا" البحثية التي ترسم خرائط سلاسل التوريد العالمية، إن الرسوم الجمركية التي تفرضها الصين وحدها تعني أن مطوري مراكز البيانات الأمريكيين يواجهون زيادة في التكاليف السنوية تتجاوز 11 مليار دولار.
وأعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، أنها تحقق في الآثار الأمنية القومية المترتبة على استيراد أشباه الموصلات وكميات كبيرة من معدات ومكونات تصنيع الرقائق ذات الصلة، حيث تسعى إلى إجبار الشركات على تحويل إنتاج الأجهزة المتقدمة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي إلى الولايات المتحدة.
وقد يؤدي التحقيق الذي قد يستغرق استكماله ما يصل إلى 270 يومًا، إلى فرض أعباء إضافية على القطاع. وقد فعّل ترامب بالفعل صلاحيات المادة 232 لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على قطاعات الصلب والألمنيوم والسيارات.
وكتب ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الأحد الماضي: "لا أحد يفلت من العقاب"، مضيفًا أن إدارته "ستنظر إلى أشباه الموصلات وسلسلة توريد الإلكترونيات بأكملها".
ومع ذلك، قال المحللون إن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات أشباه الموصلات قد يكون صعبا لأن معظم الرقائق تدخل الولايات المتحدة كمكونات مدمجة بالفعل في منتجات أخرى مثل الهواتف الذكية أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو وحدات معالجة الرسوميات المستخدمة في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
وقال أحد المديرين التنفيذيين في شركة تصميم الرقائق التايوانية التي تزود أمازون، إنه إذا تم فرض تعريفات جمركية باهظة على القطاع، فسيتعين على عملاء شركته في الولايات المتحدة تحمل التكاليف لسنوات قادمة.