شهدت فرنسا موجة من الهجمات الخطيرة استهدفت العديد من السجون في مختلف أنحاء البلاد، خلال ليلة الاثنين 14 إلى الثلاثاء 15 أبريل 2025، وتنوعت هذه الهجمات بين إحراق السيارات وإطلاق النار باستخدام أسلحة ثقيلة، وفي هذا الصدد ذكرت تقارير إعلامية فرنسية أن هذه العمليات "منسقة" وتأتي ردًا على سياسات الحكومة الفرنسية في مكافحة تجارة المخدرات، ما دفع سلطات مكافحة الإرهاب للتدخل في التحقيق.
خريطة الهجمات
شهدت مدينة تولون في جنوب فرنسا الهجوم الأخطر، حيث أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن سجن تولون-لا فارليد تعرّض لإطلاق نار بأسلحة آلية ثقيلة من طراز كلاشنكوف.
وأكدت نقابة FO-Justice العمّالية عبر منصة "إكس" أنه "تم رصد خمسة عشر أثرًا للطلقات النارية على بوابة الدخول" للسجن.
كما شملت الهجمات مدنًا فرنسية أخرى مثل، إيكس أون بروفانس في الجنوب، وتم إحراق سيارتين وتعرّضت بوابة السجن للهجوم، وفي منطقة نانتير بضواحي باريس، حيث تعرضت سيارات للحرق، أيضًا فالانس في وسط-شرق فرنسا، إضافة إلى إحراق ثلاث سيارات، اثنتان منها تعودان لحراس السجن في فيلبانت بشمال شرق باريس، وفي مرسيليا تم إحراق سيارة وكتابة شعارات على عشر سيارات أخرى.
وامتدت الهجمات أيضًا إلى المدرسة الوطنية لتدريب حراس السجون في مدينة آجين، حيث تم إحراق سبع سيارات.
🔴 Attaques graves contre les personnels pénitentiaires cette nuit
— FO JUSTICE (@SyndFoJustice) April 15, 2025
FO Justice exprime sa plus vive inquiétude et sa colère après les événements d'une extrême gravité survenus cette nuit :
➡️ Centre pénitentiaire de Toulon-La Farlède : une attaque à l’arme lourde, de type… pic.twitter.com/9ABL8kx2im
شعارات المهاجمين ورسائل التحدي
أظهرت تقارير الشرطة أن بعض السيارات المستهدفة في نانتير وفالانس كانت تحمل كتابات بعبارة "DDPF" (اختصار لـ"حقوق السجناء الفرنسيين").
وأشارت مارتين فاسال، رئيسة إدارة منطقة بوش دو رون، في منشور على منصة "إكس" إلى هذه الكتابات قائلة: "هذا أمر مخزٍ تمامًا. أؤكد دعمي لموظفي السجون لشجاعتهم".
رد فعل الحكومة
سارعت الحكومة الفرنسية للرد على هذه الهجمات، حيث أعلن وزير العدل جيرالد دارمانان، وفق ما نقلته "لوموند"، عن زيارته لسجن تولون لتقديم الدعم للموظفين.
وكتب دارمانان عبر منصة "إكس": "الجمهورية تواجه تجارة المخدرات وتتخذ إجراءات ستزعج بشكل كبير الشبكات الإجرامية. إنها تواجه تحديًا وستكون حازمة وشجاعة".
من جانبه، صرّح وزير الداخلية برونو ريتايلو بأنه أصدر تعليمات فورية "بتعزيز حماية الموظفين والمؤسسات العقابية دون تأخير"، مؤكدًا أن "رد الدولة سيكون صارمًا. أولئك الذين يهاجمون السجون وموظفيها مصيرهم أن يُسجنوا في هذه السجون ويراقبهم هؤلاء الموظفون".
تحقيقات إرهابية وارتباط بعصابات المخدرات
في تطور يعكس خطورة الهجمات، أعلنت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، في بيان صدر اليوم الثلاثاء، أنها تولت التحقيق في هذه الحوادث، مشيرة إلى أن التكييف القانوني للقضية سيتم "الإعلان عنه لاحقًا".
وأوكلت مهمة التحقيق إلى الإدارة الفرعية لمكافحة الإرهاب بالشرطة القضائية.
وكشفت مصادر مقربة من التحقيق لصحيفة "لومانيتيه" أن هذه الأعمال "تبدو منسقة وبشكل واضح مرتبطة باستراتيجية مكافحة عصابات المخدرات التي يتبناها الوزير".
تأتي هذه الهجمات في سياق تصاعد المواجهة بين السلطات الفرنسية وشبكات الاتجار بالمخدرات، التي تعتبر السجون إحدى ساحات نفوذها المهمة.
مطالب النقابات
أثارت الهجمات مخاوف النقابات العمالية في قطاع السجون، إذ أكدت نقابة FO-Justice في بيان نقلته صحيفة "لومانيتيه" أن "هذه الأعمال الإجرامية هي هجوم مباشر على مؤسستنا، وعلى الجمهورية، وعلى الموظفين الذين يخدمونها يوميًا"، مطالبة "برد قوي وفوري وواضح من الدولة".
وفي السياق ذاته، صرّح ويلفريد فونك، الأمين الوطني لنقابة UFAP-UNSA-Justice، لوكالة "فرانس برس" قائلًا: "ننتظر عملًا منسقًا من وزيري العدل والداخلية"، مشددًا على أن إدارة السجون "لا تملك القوى البشرية اللازمة لضمان الأمن في محيط المؤسسات على مدار الساعة".
وانتقد مسؤول نقابة UFAP، إحدى النقابات الرئيسية في إدارة السجون، الوضع الأمني قائلًا: "منذ عدة سنوات، لم تعد الشرطة تقوم بدوريات حول المؤسسات".