الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تجديد للمحتوى أم تهديد للهوية؟.. الدراما المُقتبسة في ميزان النقد

  • مشاركة :
post-title
بوستر مسلسل "آسر" بطولة باسل خياط

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

أصبحت ظاهرة اقتباس المسلسلات الأجنبية وتعريبها من أبرز القضايا المثيرة للجدل في صناعة الدراما العربية، خلال السنوات الأخيرة، إذ يرى البعض أن هذا التوجه يمثل خطوة نحو تطوير وتجديد المحتوى العربي، فيما يعتبره آخرون تهديدًا للأصالة وتقليلًا من قيمة الإبداع المحلي.

تتباين الآراء بشأن تأثير هذه الظاهرة على الجمهور وصناعة الدراما بشكل عام، ويُطرح السؤال الجوهري: هل يعد الاقتباس تقليدًا لنجاحات أجنبية أو محاولة لتقديم دراما عربية بأفكار جديدة وبأسلوب عصري؟

حرص موقع "القاهرة الإخبارية" على التواصل مع عدد من النقاد العرب، لاستكشاف الأسباب الكامنة وراء هذا الاتجاه، والوقوف على آثاره المتعددة على المشهد الدرامي المحلي.

بوستر مسلسل "القدر"
الأصالة في مواجهة التقليد

يرى الناقد اللبناني جمال فياض أن الاقتباس قد يكون مفيدًا إذا تم اختياره وتنفيذه بعناية، لكنه يحذّر من الإفراط في الاعتماد عليه، إذ يقول: "كثرة الاقتباس والتعريب تضر بالدراما عندما تتحول إلى قاعدة، ما يؤدي إلى تراجع الكتابة المحلية وضعف الإبداع العربي".

ويضيف: "تعريب المسلسلات التركية قد يكون مقبولًا لأنه يتماشى مع العادات والتقاليد العربية، أما تعريب الأعمال الأمريكية فقد يؤدي إلى تشويه الواقع العربي، وإدخال تناقضات غير منطقية".

أما الناقد السوري وسام كنعان، فيرى أن الاقتباس لا يتماشى غالبًا مع طبيعة المجتمع العربي، قائلًا: "هذه الأعمال تشجّع على الاستسهال، وتركّز على صراعات رجال المال وقصص الحب السطحية، التي لا تمثل واقع الشارع العربي. قد تجذب الجماليات الخارجية كالأزياء والديكورات، لكنها تفتقر إلى العمق والقيمة الفنية".

ويتابع "كنعان": "هذا التوجه لا يعبّر عن أزمة في الإبداع، فمثلًا في مصر، نشهد كل عام إنتاجات تحظى بإجماع نقدي وجماهيري، وتنافس أحيانًا الأعمال العالمية. وربما يكون الاتجاه نحو الاقتباس مدفوعًا برغبة في الترفيه، أكثر من الاهتمام بالقضايا المجتمعية".

ويؤكد: "الدراما لا تلجأ للاقتباس بسبب ضعف أو عجز، بل كخيار واعٍ لتقديم نوع معين من المحتوى. ولا تزال هناك أعمال أصلية مهمة، سواء في مصر أو سوريا، قادرة على المنافسة والتميز".

بوستر مسلسل "كريستال"

تأثير الاقتباس

من جانبه، يشير الناقد اللبناني محمد حجازي إلى أن الدراما العربية لا تحتاج إلى اقتباس من الأعمال الأجنبية، قائلًا: "تظهر الحاجة إلى الاقتباس عندما يضعف الابتكار في الأفكار المحلية، رغم أننا نملك العديد من القضايا الغنية التي يمكن معالجتها بطرق مبتكرة".

ويعتبر "حجازي" أن أغلب الاقتباسات تُنفّذ بدافع تجاري بحت، لاستثمار نجاح الأعمال الأصلية، لكنها نادرًا ما تضاهيها أو تتفوق عليها.

ويضيف: "تأثير هذه المسلسلات على الشباب كبير، خصوصًا في مرحلة المراهقة، حيث يبحثون عن الهروب من واقعهم من خلال متابعة قصص لا تمت بصلة إلى بيئتهم أو ثقافتهم".

بوستر مسلسل "سراب"
التصدير

وحول إمكانية تصدير الدراما العربية بدلًا من استيراد المحتوى الأجنبي، يقول "حجازي": "لكي نصدّر أعمالنا، علينا أولًا أن نرتقي بجودة الإنتاج، وأن نؤسس لمحتوى يستند إلى القيم والمبادئ الثقافية العربية".

ويتابع: "إذا وُجدت نية حقيقية لدى المنتجين لتقديم أعمال تعكس ثقافتنا، فلن نكون بحاجة للاقتباس، لكن الواقع يشير إلى أن السوق تتحكم في توجهات الإنتاج، ما يؤدي إلى تقديم أعمال سطحية بلا رسالة حقيقية".