يتصدر رافائيل جلوكسمان وفرانسوا روفان المشهد السياسي الفرنسي، كأبرز المرشحين المحتملين لتمثيل اليسار في الانتخابات الرئاسية 2027، ورغم اختلافاتهما الجذرية، يرى محللون أنهما قد يشكلان معًا "مرشحًا كاملاً" قادرًا على توحيد القوى اليسارية المتفرقة، وفقًا لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.
خارج الأحزاب التقليدية
يستعد كل من جلوكسمان، عضو البرلمان الأوروبي المقرب من الحزب الاشتراكي، وروفان، النائب السابق من حزب فرنسا الأبية، لخوض الانتخابات الرئاسية خارج إطار الأحزاب التقليدية، في مؤشر واضح على تشظي المشهد الحزبي الفرنسي.
ويدعو أوليفييه فور، الأمين الأول للحزب الاشتراكي، إلى "منصة مشتركة" لـ"اليسار غير الميلانشوني" تمتد "من فرانسوا روفان إلى رافائيل جلوكسمان" للانتخابات الرئاسية 2027.
ويواجه الرجلان تحديًا مشتركًا، وهو كيفية إثبات وجودهما السياسي بعيدًا عن الأجهزة الحزبية؟ ونقلت "ليبراسيون" تعليقًا ساخرًا لأحد النواب الاشتراكيين: "معًا، يمثلان مرشحًا متكاملاً، لكن في لحظة المفاوضات لم يكونا موجودين."
شعبية متزايدة
توضح "ليبراسيون" أنه على الرغم من تراجع الاهتمام الإعلامي بهما، تشير استطلاعات الرأي إلى استمرار شعبيتهما، إذ يقول جلوكسمان: "يبدو أن روفان وأنا لدينا علاقة خاصة بالرأي العام، الناس لم يعودوا يتحملون لغة رجال الحزب، وأفترض أننا نجسد شيئًا آخر، كل واحد منا بطريقته."
هذا النهج الفردي أثار استياء بعض قادة اليسار، حيث وصفت نائبة من حزب الخضر أسلوبهما بأنه "منطق المنافسة"، مشيرة إلى غيابهما عن اللقاءات التنسيقية بين القوى اليسارية لمناقشة ترشيح مشترك للانتخابات الرئاسية.
الإصلاح مقابل الراديكالية
تبرز الاختلافات بين الرجلين في جذورهما الفكرية والسياسية، إذ إن جلوكسمان ينتمي إلى "تقليد اليسار المناهض للشمولية"، وهو تيار يدافع عن قيم ليبرالية تركز على حقوق الإنسان، وتشكل ضد الأيديولوجيات القومية والشيوعية.
أما روفان، فقد صاغ نضاله السياسي في "فرنسا المنسية"، حيث شهد إغلاق المصانع وارتفاع معدلات البطالة وتنامي اليمين المتطرف.
ويقول ميلو ليفي-برول، المتخصص في الاشتراكية والمقرب من جلوكسمان: "روفان لا يأتي من الاشتراكية، إن انتقاده لإزالة التصنيع وتراجع دولة الرعاية ينبع أقل من الصراع الطبقي وأكثر من الحنين إلى "الأيام السعيدة" للمجلس الوطني للمقاومة والثلاثين المجيدة."
نقطة خلاف أساسية
يمثل الموقف من الاتحاد الأوروبي نقطة خلاف جوهرية بينهما، إذ إن جلوكسمان يمثل "يسار نعم" الذي يدافع عن مزيد من الفيدرالية، في حين يمثل روفان "يسار لا" الذي يقبل بالاتحاد على مضض.
يقول روفان: "لم أكن أريد الصعود إلى الطائرة، لكن الآن لا أريد القفز منها بدون مظلة."
يحذر جلوكسمان منذ سنوات من "التهديد الوجودي" الذي تمثله روسيا، داعيًا أوروبا للوقوف متحدة، بينما يركز روفان على المشاكل المحلية والعمال المهمشين في منطقته أكثر من حديثه عن السياسة الخارجية.
أعداء مشتركون
رغم اختلافاتهما، يشترك الرجلان في وجود خصوم مشتركين، خاصة من حزب فرنسا الأبية بقيادة جان-لوك ميلانشون، إذ يصف أنصار ميلانشون جلوكسمان بأنه "صهيوني" أو عميل للولايات المتحدة، بينما يصفون روفان بأنه "خائن" أو "أحمر بني"، في إشارة إلى مزيج من اليسار الراديكالي واليمين المتطرف.
هذه الهجمات تعكس مخاوف من هذين المنافسين، اللذين يستلهمان، كل بطريقته، من ميلانشون، إذ إن روفان يريد، مثل زعيم فرنسا الأبية، إنشاء حركة جديدة ينضم إليها الاشتراكيون، بينما يبدي جلوكسمان، رغم اختلافه مع ميلانشون، احترامًا للعمل الفكري الذي قدمه.