الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بيان مجموعة الدول السبع الصناعية وحدود الاستقرار العالمي

  • مشاركة :
post-title
مجموعة السبع

القاهرة الإخبارية - د. مبارك أحمد

جاء البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية، خلال الفترة من 12-14 مارس 2025، بمدينة شارلفوا بكندا، الذي ضم الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا وإيطاليا، واليابان وبريطانيا وكندا، وممثل الاتحاد الأوروبي ليتناول القضايا المركزية التي تُشكل أولويات المجموعة ورؤيتها لتحقيق الاستقرار العالمي، في ظل عالم يموج بالعديد من التحديات، منها تناول الأوضاع في أوكرانيا والسلام الإقليمي والاستقرار بالشرق الأوسط، والتعاون ودعم الأمن والقدرة على الصمود في منطقة الهند والمحيط الهادئ والاستقرار في هايتي وفنزويلا، ودعم السلام بالسودان والكونغو الديمقراطية، وتقوية وتشديد العقوبات والحرب الهجينة.

أولويات مجموعة السبع

تعددت القضايا التى تناولها بيان مجموعة السبع الصناعية ليعكس أولويات المجموعة لتحقيق الاستقرار، وهو ما يمكن الإشارة إلى أهم تلك القضايا على النحو التالي:

(*) دعم أوكرانيا: شكلت أوكرانيا البند الأبرز في بيان مجموعة الدول السبع الصناعية، وهو ما يعكس محورية الاستقرار الأوروبي، الذي يشهد جدلًا ما بين ضفتي الأطلسي، فمن ناحية يطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بضرورة أن تتحمل الدول الأوروبية تكلفة الحفاظ على أمنها داعيًا لزيادة انفاقها العسكري، في إطار حلف شمال الأطلسي "الناتو" ليصل 5% من إجمالي الناتج المحلي للدول الأعضاء في الحلف، كما يطالب أوكرانيا بعقد اتفاقية المعادن الثمينة مع الولايات المتحدة الأمريكية تعويضًا لتحملها التكلفة الأكبر لدعم أوكرانيا. في المقابل تدرك الدول الأوروبية ضرورة دعم استقلاليتها لحماية أمنها بعيدًا عن التبعية للولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي دفع بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للحديث عن فتح النفاش بشأن امتداد الردع الاستراتيجي الفرنسي ليشمل الحلفاء الأوروبيين. لذلك اشتمل البيان على تأكيد دعم المجموعة الثابت لأوكرانيا في دفاعها عن وحدة أراضيها وحقها في الوجود، وحريتها، وسيادتها، واستقلالها. ورحبت بالجهود الجارية للتوصل إلى وقف إطلاق النار والثناء على التزام أوكرانيا بوقف إطلاق النار الفوري، ما يُمثل خطوة أساسية باتجاه السلام الشامل والعادل والدائم، بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة. ودعت مجموعة السبع روسيا إلى القيام بالمثل من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار بشروط متساوية وتنفيذه بالكامل.

(*) السلام الإقليمي والاستقرار بالشرق الأوسط: بدأ البند الخاص بتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط ليكون أكثر انحيازًا للرؤية الإسرائيلية، إذ دعت مجموعة السبع إلى الإفراج عن كل المحتجزين لدى حركة حماس في غزة وإعادة الرفات. وعلى الرغم من تأكيد مجموعة السبع دعمها لاستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة ودون عوائق ووقف إطلاق النار الدائم، والمطالبة أيضًا بضرورة أن يكون للشعب الفلسطيني أفق سياسي يتم التوصل إليه عبر حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن البيان لم يتطرق إلى حل الدولتين وهو ما يُعد تراجعًا عن موقف مجموعة السبع عام 2024، إذ نص على التأييد الكامل لحل الدولتين، تعيش فيه دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، بسلام وأمن وحدود معترف بها تطبيقًا لقرارات الأمم المتحدة. وحول الموقف السوري واللبناني أعربت مجموعة السبع عن دعمها للشعبين السوري واللبناني، فيما تسير الدولتان نحو مستقبل سياسي من السلام والاستقرار، كما أعادت مجموعة السبع تأكيد أهمية سيادة الدولتين وسلامة أراضيهما، ودعت إلى نبذ الإرهاب في سوريا، وإدانة تصاعد أعمال العنف في مناطق الساحل السوري. أكدت المجموعة الأهمية الحاسمة للعملية السياسية بقيادة سوريا، ورحبت بالتزام الحكومة السورية المؤقتة بالعمل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتخلص من كل الأسلحة المتبقية في البلاد. واتساقًا مع موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكدت مجموعة السبع أن إيران هي المصدر الرئيسي لانعدام الاستقرار الإقليمي ولا ينبغي أن يسمح لها يومًا بتطوير أسلحة نووية أو الاستحواذ عليها.

(*) التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ: تبنى بيان مجموعة السبع فيما يخص الصين موقفًا أكثر صرامة من البيانات السابقة، التي تناولت الإقرار يسياسة الصين الواحدة أو مبدأ التعاون التنافسي، إذ شددت مجموعة السبع على التزامها بأن تبقى منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة ومزدهرة وآمنة استنادًا إلى مبادئ السيادة، وسلامة الأراضي، والحل السلمي للنزاعات، والحريات الأساسية وحقوق الإنسان. كما أعربت المجموعة عن قلقها البالغ إزاء الوضع في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وأشارت إلى أنها لا تزال تُعارض بشدة أي محاولات أحادية لتغيير الوضع الراهن، لا سيما إذا كان بالقوة أو الإكراه، في إشارة إلى تايوان الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، وتعتبرها الصين إقليمًا تابعًا لها، فيما أكد بيان مجموعة السبع الحل السلمي للقضايا عبر مضيق تايوان، ومعارضة أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة أو الأكراه. وهو الأمر الذي دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، للقول بمعارضة بلاده بشدة أفعال مجموعة السبع السيئة التي تضر بسيادة الصين، مؤكدًا أن مفتاح الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان يكمن في الالتزام بمبدأ الصين الواحدة. ومن الناحية الاقتصادية عبرت مجموعة السبع عن قلقها إزاء السياسات والممارسات غير السوقية، التي تتبعها الصين وتؤدي إلى الامتناع عن اعتماد تدابير لمراقبة الصادرات، إذ إنها تؤدي إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد، وشددت مجموعة السبع على أنها لا تحاول إيذاء الصين أو كبح نموها الاقتصادي لأن نمو الصين بشكل يتوافق مع القواعد والمعايير الدولية يُشكل مصلحة دولية.

(*) بناء الاستقرار في هايتي وفنزويلا: أعادت مجموعة السبع تأكيد التزامها بمساعدة شعب هايتي لاستعادة الديمقراطية والأمن والاستقرار، بما في ذلك من خلال دعم الشرطة الوطنية بالبلاد، وبعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات بقيادة كينيا. كما أعربت مجموعة السبع عن دعمها للجهود التي تبذلها السلطات في هايتي، لإنشاء هيئة قضائية متخصصة لمكافحة الفساد تتوافق مع أعلى المعايير الدولية. كما جددت دعوتها إلى استعادة الديمقراطية في فنزويلا بما يتوافق مع تطلعات الشعب الفنزويلي.

(*) دعم السلام الدائم في السودان والكونغو الديمقراطية: تُشكل القارة الإفريقية مجالًا حيويًا للدول السبع الصناعية، لا سيما وأن القارة تعتبر مستقبل العالم وفقًا لتصريحات الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن كما تشهد القارة نوعًا من التنافس الدولي ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا في ظل وفرة الموارد الطبيعية بالقارة وغلبة العنصر الشبابي على الهرم السكاني للقارة، فضلًا عن أنها سوق واعدة لتصريف منتجات الدول المتقدمة. لذلك فإن الصراعات التي تشهدها القارة تؤثر بشكل كبير على مستقبل التنمية في القارة الإفريقية وعلى استقرار دولها، فمع استمرار الصراع بالسودان، وما أدى إليه من تفاقم للأزمة الإنسانية أدت إلى النزوح الجماعي في دول الجوار، فقد دعت مجموعة السبع الصناعية الأطراف المتحاربة إلى حماية المدنيين، ووقف الأعمال العدائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. أما بالنسبة للكونغو الديمقراطية فقد حثت مجموعة السبع جميع الأطراف على دعم الوساطة التي تقودها مجموعة شرق إفريقيا ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي، لتعزيز المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان من قبل كل الأطراف، والالتزام بالتوصل إلى حل سلمي للصراع.

حدود الاستقرار

شكلت أولويات دول مجموعة السبع الصناعية فيما يتعلق بالاستقرار الدولي ترجمةً لمصالحها، التي تجلت في محاولتها استعادة التماسك الغربي الذي شهد انقسامًا منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السلطة في ولاية رئاسية ثانية. وهو الأمر الذي تجسد في ثلاثة مؤشرات أساسية:

(*) المؤشر الأول يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني فقد جاء موقف دول مجموعة السبع، ليتماشى إلى حد كبير مع رؤية الرئيس الأمريكي والداعم لإنها الصراع، من خلال تبني موقف مشترك بشأن المسار الأمريكي لتأمين وقف إطلاق النار فى أوكرانيا. وهو ما عبّرت عنه وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، بالقول إن وزراء خارجية الدول السبع وافقوا على الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار الذي يدعمه الأوكرانيون.

(*) أما المؤشر الثاني يرتبط بالموقف الحذر من الصعود الصيني، إذ غاب عن البيان الجديد ما يؤكد إقامة علاقات بناءة ومستقرة مع الصين. كما أعربت المجموعة عن قلقها إزاء التعزيزات العسكرية والزيادة المستمرة والمطردة لترسانة الأسلحة النووية بالصين، ودعوتها إلى الانخراط في مناقشات استراتيجية بشأن التخفيف من المخاطر وتعزيز الاستقرار. كما شددت مجموعة السبع على ضرورة ألا تمارس الصين أو تتسامح مع أنشطة تهدف إلى تقويض أمن المجتمعات وسلامتها.

(*) ويأتي المؤشر الثالث ليعكس ذلك التوافق مع موقف الرئيس الأمريكي، إذ غاب عن البيان التطرق إلى حل الدولتين. وهو ما يعد تراجعًا عن موقف مجموعة السبع عام 2024، إذ نص على التأييد الكامل لحل الدولتين، لذلك فإن استقرار إقليم الشرق الأوسط.

أفول الأحادية القطبية

هناك العديد من المؤشرات التي تعكس أفول الأحادية القطبية، ويمكن الإشارة إلى أهمها على النحو التالي:

(*) الانقسام الأمريكي الأوروبي: اعتبر بعض المحللين بأن التقارب الأمريكي الروسي يُعد خصمًا من رصيد التفاعلات الأمريكية الأوروبية، التي شكلت الإطار الداعم للهيمنة الأمريكية منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، عام 1991، ميلاد نظام عالمي جديد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لولاية رئاسية ثانية، بدت أوروبا في إدراك أن ترامب يُشكل عبئًا على السياسة الأمريكية، وهو ما دفعه للاتجاه نحو فرض تعريفات جمركية على الواردات الأمريكية من أوروبا، وكذلك مطالبة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" لزيادة الانفاق الدفاعي ليصل 5% من الناتج المحلي لكل دولة عضو، فضلًا عن دعم إدارة ترامب للأحزاب اليمينية المناهضة للوحدة الأوروبية، ويميل معظمها لتأييد روسيا والصين.

(*) هشاشة الأمن الأوروبي: على الرغم من أن أوروبا شكلت جزءًا من الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تكفلت بالدفاع عن الأمن الأوروبي وحمايته ضد مصادر التهديدات المختلفة، إلا أن الصراع الروسي الأوكراني جسد الخلاف المركزي بين الدول الأوروبية من ناحية والولايات المتحدة الأمريكية منذ وصول ترامب من ناحية أخرى، وهو ما أدى بالدول الأوروبية إلى التحفظ على خطة السلام الأمريكية في أوكرانيا، إذ أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى أن الولايات المتحدة لا تمتلك خطة للسلام في أوكرانيا، وكذلك تأكيد المستشار الألماني أولاف شولتس، أن الحدود لا ينبغي أن تتغير بالقوة، وأن أوروبا لن تدعم السلام المقروض. يضاف إلى ذلك أن تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي دى فانس، خلال فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن 2025، عكست عمق التباعد بين ضفتي الأطلسي، وانتقاده للديمقراطيات الأوروبية فيما يخص حرية التعبير، وعدم سيطرتها على الهجرة غير الشرعية، قائًلا: "إن التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر فيما يتصل بأوروبا ليس روسيا، ولا الصين، ولا أي طرف آخر، ما يقلقني التهديد من الداخل".

(*) الانسحاب الأمريكي من المنظمات الدولية: شكلت المنظمات الدولية أحد القواعد الداعمة لعمل النظام الدولي، لا سيما وأنها تعكس توجهات النظام الدولي القائم، وحدود احترامه للقواعد المؤسسية إلا أن قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من العديد من المنظمات الدولية في مقدمتها منظمة الصحة العالمية، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والانسحاب كذلك من اتفاقية باريس للتغيرات المناخية، دفعت بالعديد من التحليلات للحديث عن عمق أزمة الهيمنة الأمريكية، التي تعكس تراجعًا للدور العالمي للقطب المهيمن، وهو ما جسده أيضًا عزم إدارة ترامب إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وما يُشكله من تراجع للقوة الناعمة الأمريكية، التي جعلت من المساعدات التنموية والإنسانية مسارًا لبناء التحالفات ومواجهة الخصوم.

(*) تزايد الاستقطاب العالمي: يتجسد الاستقطاب الحاد الذي يعكس حالة عدم الاستقرار وفشل الأحادية القطبية على بناء الاستقرار على مستويين الأول داخل القطب المهيمن ذاته، إذ شكل صعود التيارات اليمينية في الولايات المتحدة الأمريكية حالة من الانقسام الحاد داخل المجتمع الأمريكي، فتلك التيارات ترفض الاندماج بين البيض والسود في الولايات المتحدة الأمريكية، وتطالب برفض الهجرة واللجوء. أما المستوى الثاني لذلك الاستقطاب فإنه يتجسد بالتنافسية الحادة بين القوى المهيمنة على تفاعلات النظام الدولي وتلك الراغبة في تغييره. وكذلك الاستقطاب ما بين القوى الإقليمية والدولية بما أدى لتزايد الأزمات الدولية وعدم قدرة تلك القوى على ضبط سلوكها. وهو ما أدى إلى تراجع قيمة الخير العام لدول المنظومة الدولية بشكل عام.

مؤشرات التعددية القطبية

لخصت مقولة رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن 2025 الدبلوماسي الألماني كريستوف هويسجن، بأن قواعد النظام الدولي الراهن في خطر. وهو ما يعكس اتفاقًا بأن ثمة تبلور للانتقال من نظام الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية التي بدأت ملامحها في التشكل من خلال المؤشرات التالية:

(*) مبدأ التنافس التعاوني بين الولايات والصين: تعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين قطبين اقتصاديين مؤثرين على مسارات الاقتصاد العالمي ككل، فالولايات المتحدة الأمريكية تحتل المركز الأول عالميًا، فيما تأتي الصين في المرتبة الثانية، وهو الأمر الذي أدى إلى المطالبة بتعزيز الشراكة القائمة على التنافس التعاوني بدلًا من عملية التنافس القائمة على فك الارتباط بينهما. وبرغم ذلك فقد اتجه الرئيس دونالد ترامب، إلى فرض تعريفات جمركية على الواردات الأمريكية من الصين. وهو ما أدى إلى قيام الصين بإجراء مماثل. هذا الواقع ربما يُمثل تهديدًا لقيم العولمة التي تجسد أحد مرتكزات الهيمنة الأمريكية في حرية انتقال الأفراد والبضائع.

(*) الشراكة الاستراتيجية الصينية الروسية: تشكل الشراكة الاستراتيجية بين الصين وروسيا أحد مرتكزات التحول إزاء التعددية القطبية، وهي الشراكة التي تم تدشينها، خلال القمة التي عُقدت بين الرئيس الصيني شي جي بينج، والروسي فلاديمير بوتين، 4 فبراير 2022، على خلفية المشاركة في انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية ببكين. واعتبر البيان الصادر عن القمة محطة فارقة في العلاقات بين البلدين، لوضعه ركائز الشراكة بين روسيا والصين وعزمهما العمل معًا ضد الهيمنة الأمريكية، والسعي لبناء نظام دولي جديد يقوم على أساس رؤيتهما الخاصة لحقوق الإنسان والديمقراطية ومنظومة القيم العالمية التي تًشكل الإطار الداعم للنظام الدولي متعدد الأقطاب.

(*) تصاعد التحالفات الإقليمية: جسدت التحالفات الإقليمية المرنة اتجاهًا نحو إرساء التعددية القطبية فقد أعادت الحرب الروسية الأوكرانية أنماط تلك التحالفات، إذ اتهم الغرب إيران بدعم روسيا بالمسيّرات، في حين أشارت بعض التحليلات إلى استخدام المسيّرات التركية من قبل أوكرانيا. وعلى المستوى الاقتصادي تزايدت أدوار التكتلات الاقتصادية، منها تجمع البريكس الذي يسعى أعضاؤه لتشكيل مسار تنموي بديل للنموذج التنموي الغربي، الذي يعتبره البعض السبب الرئيسي في أزمات الاقتصاد العالمي المتتالية بسبب تركز الثروات في مجتمعات على حساب مجتمعات أخرى.

ختامًا، يمكن القول إن الانتقال من نظام الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية ربما يُسهم في بناء عالم أكثر عدلًا وانصافًا واستقرارًا، وربما يحتاج ذلك التحول لفترة انتقالية ما بين عالمين مختلفين في القواعد والمؤسسات والقيم، وهو بلا شك لن يكون انتقالًا يسيرًا، لإدراك القطب المهيمن على تفاعلات النظام الدولي تداعيات ذلك على مصالحه ومكانته العالمية لذلك من المحتمل أن يكون للمواجهة ما بين ذلك القطب والأقطاب الجديدة الرامية للتغيير نحو التعددية القطبية تكلفتها على الاستقرار والتنمية، حتى يتمكن النظام الدولي الجديد من فرض قواعده وقيمه ومؤسساته لتعود دورة الاستقرار من جديد.