الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"كتاب أبيض" للدفاع.. خطة بـ800 مليار يورو لتحويل أوروبا إلى قوة عسكرية

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أطلق الاتحاد الأوروبي خطة استراتيجية شاملة لإعادة تسليح القارة الأوروبية بحلول عام 2030، استجابة للتهديدات الروسية المتزايدة والمخاوف من تراجع الدعم الأمريكي بعد عودة الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض.

ووصفت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس (رئيسة الدبلوماسية الأوروبية) الوضع الراهن بأنه "نقطة تحوّل محورية للأمن الأوروبي"، إذ شكَّلت عودة ترامب للسلطة صدمة للأوروبيين، خاصة مع تصريحاته السابقة المشكِّكة في التزام الولايات المتحدة تجاه حلف شمال الأطلسي "ناتو" والدفاع عن أوروبا.

وفي تصريح لافت نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية، قال المفوض الأوروبي للدفاع أندريوس كوبيليوس: "لا ينبغي لـ450 مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي أن يعتمدوا على 340 مليون أمريكي للدفاع عن أنفسهم ضد 140 مليون روسي لم يتمكنوا من هزيمة 38 مليون أوكراني".

الاستثمار العسكري الأوروبي

كشفت المفوضية الأوروبية أن الإنفاق العسكري للدول الأعضاء السبع والعشرين ارتفع بأكثر من 31% منذ عام 2021، ليصل إلى 326 مليار يورو في عام 2024، لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أكدت أن "هذا أفضل، لكنه غير كافٍ".

تهدف الخطة الجديدة، التي قُدِّمت من خلال "كتاب أبيض" للدفاع، إلى زيادة الإنفاق العسكري للوصول إلى 800 مليار يورو بحلول عام 2030.

وتشمل الخطة السماح للدول الأعضاء بتخصيص ما يصل إلى 1.5% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري على مدى أربع سنوات، دون مخالفة القواعد المالية التي تنظم العجز في الميزانيات العامة.

آليات التمويل

وفقاً لتقديرات المفوضية الأوروبية، من المتوقع أن تسمح هذه الإجراءات بتعبئة نحو 650 مليار يورو خلال فترة الأربع سنوات، بينما سيتم توفير 150 مليار يورو المتبقية للدول الأعضاء في شكل قروض.

يهدف النص الذي تسعى المفوضية لتبنيه في أقرب وقت ممكن إلى تمويل مشتريات ومشروعات استثمارية مشتركة في أوروبا، مع إمكانية مشاركة دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل النرويج، كما تركت المفوضية الباب مفتوحًا بشروط معينة أمام تركيا وبريطانيا بمجرد توقيع الأخيرة اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الأمن، والذي تأمل "كالاس" أن يحدث قبل قمة الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المقررة في مايو من هذا العام.

توطين السلاح

تسعى المفوضية الأوروبية إلى تشجيع "الشراء الأوروبي" في قطاع الدفاع، إذ تشترط أن تكون 65% على الأقل من المكونات في أي سلاح "ذات أصل أوروبي"، في محاولة لتقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين.

حددت المفوضية القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية للاستثمار، والتي تركز بشكل أساسي على سد الثغرات في صناعة الدفاع الأوروبية، وتشمل الذخائر ونظم الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى.

وبالفعل منح قادة الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لخطة أورسولا فون دير لاين خلال قمة استثنائية عُقدت في 6 مارس، لكن العديد من الدول الأعضاء تسعى للذهاب أبعد من ذلك واقترحت إطلاق قرض كبير على غرار ما حدث خلال جائحة كوفيد، عندما اقترض الاتحاد الأوروبي 800 مليار يورو.

تشير التقديرات إلى أن الاحتياجات الحالية تبلغ نحو 500 مليار يورو، لكن المفوضية الأوروبية رفضت حتى الآن الالتزام بهذا المسار، إذ صرحت كالاس أمام الصحفيين: "لم نصل بعد إلى هذه المرحلة".

آفاق مستقبل الأمن الأوروبي

تأتي هذه الخطة الطموحة في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية في القارة الأوروبية، خاصة مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وتنامي المخاوف من توسع النفوذ الروسي في المنطقة.

تواجه الخطة تحديات عديدة أبرزها التباين في المصالح والأولويات بين الدول الأعضاء، إضافة إلى القيود المالية التي تفرضها القواعد الأوروبية، إلا أن المحللين يرون أن التهديدات المتزايدة والمخاوف من تراجع الدعم الأمريكي قد تدفع الدول الأوروبية نحو المزيد من التكامل والتعاون في مجال الدفاع المشترك.