في ضوء المستجدات الأمنية في المنطقة، كشفت وثائق استولت عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عن استراتيجية حركة حماس لإدارة صراعها مع إسرائيل، وفقًا لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
تسلط هذه الوثائق الضوء على الخطط التي أعدها يحيى السنوار، زعيم حماس السابق في غزة، إلى جانب تنسيق الحركة مع حلفائها الإقليميين، من أجل تنفيذ هجوم شامل ضد إسرائيل، والذي بلغ ذروته في هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023.
تكشف هذه الوثائق عن تغير في استراتيجية حماس منذ عام 2021، وخاصة بعد عملية "حارس الأسوار"، التي تطورت من مجرد مواجهات عسكرية إلى رؤية واضحة لهدم إسرائيل على المدى القريب، كما توضح الوثائق تفاصيل التخطيط العسكري، والأساليب المتبعة، والحوار مع الحلفاء، والتوقيت الذي تم اختياره بدقة لضمان التأثير الأكبر.
تحولات استراتيجية
بحسب التقرير، لم يكن تطور حماس مفاجئًا، إذ أظهرت وثائق من الجناح العسكري للحركة الفلسطينية أن الاستعدادات لهجوم واسع النطاق بدأت منذ عام 2013، وتضمنت الإستراتيجية تعزيز البنية التحتية للمقاومة في غزة، وزيادة جاهزية التنظيم العسكري، وإجراء عمليات ضد "التهويد والاستيطان"، واعتقال وقمع الأسرى، وحشد الدعم العربي والإسلامي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
إحدى الوثائق التي عثر عليها جيش الاحتلال تضمنت مذكرة داخلية كتبها يحيى السنوار عام 2019، تستهدف تنسيق الجبهات لمواجهة إسرائيل، وتشير هذه الوثيقة إلى أن التنسيق العسكري لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتيجة تخطيط طويل الأمد يهدف إلى توحيد الجبهات ضد إسرائيل في أي مواجهة مستقبلية.
في رسالة أخرى أرسلها السنوار إلى إسماعيل هنية في يونيو 2022، قدم فيها ما سماه "الخطة المرحلية للحملة الإستراتيجية الكبرى ضد إسرائيل"، والتي شملت سيناريوهات متعددة لتوجيه ضربات متزامنة من عدة جبهات، إذ أكد أن هذه الخطة لا تهدف فقط إلى إلحاق الضرر بإسرائيل، بل إلى إضعافها بالكامل حتى تصل إلى مرحلة الانهيار التام.
توقيت الهجوم
من بين أكثر النقاط أهمية في الوثائق، كان اختيار توقيت الهجوم ليتزامن مع أحد الأعياد اليهودية، إذ اعتبر السنوار أن عيد الفصح اليهودي سيكون الوقت الأمثل لتنفيذ العملية، نظرًا لازدياد أعداد المستوطنين في المسجد الأقصى خلال تلك الفترة، ما قد يؤدي إلى تفجير الأوضاع بشكل غير مسبوق.
كما تطرقت الوثائق إلى دور "المقاومة الداخلية" في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، مشددة على ضرورة "تفجير الوضع" هناك بالتزامن مع الهجوم، وذلك لضمان تشتيت قوات الأمن الإسرائيلية على عدة جبهات، وأشارت إلى أن نجاح أي هجوم يعتمد بشكل رئيسي على مدى مشاركة الفلسطينيين في الداخل المحتل، واستعدادهم لتصعيد المواجهات في مختلف المدن.
قوة لحماس في لبنان
كجزء من الاستعدادات العسكرية، أكدت الوثائق المُسرَّبة أن حماس كانت تعمل على تشكيل قوة قتالية في لبنان، مشابهة لوحدة "الرضوان" التابعة لحزب الله، بهدف تنفيذ عمليات نوعية ضد إسرائيل عند اندلاع الحرب، كما أشارت إلى ضرورة تجهيز هذه القوة لتكون قادرة على العمل بفعالية في المواجهات المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مناقشات بين قيادات حماس وحزب الله حول إمكانية تنفيذ عمليات مشتركة داخل الأراضي الإسرائيلية، عبر تسلل مجموعات مدربة من الحدود الشمالية، الأمر الذي كان سيزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية بالنسبة لإسرائيل.
وتوضح هذه الوثائق، التي استند إليها تقرير "يديعوت أحرونوت"، كيف أن حماس كانت تعمل منذ سنوات على بناء قدراتها العسكرية والسياسية لتحقيق هدفها المعلن بتدمير إسرائيل.