تتمتع شخصية الحسين بن منصور المُلقب بـ "الحلاج"، بالثراء في تفاصيلها، وهو الأمر الذي دفع أعلام الأدب والفن، لإصدار كتب وأعمال فنية عنه، إذ يعد أحد شعراء الدولة العباسية ومن رواد أعلام التصوف في العالم العربي والإسلامي، لذا عمد المسرح القومي المصري إلى تقديم عرض، يتكون من 3 فصول ويتناول الشخصية بشكل مُغاير، ضمن عروض أخرى يعتزم تقديمها في الفترة المقبلة، بعد تبنيه شعار "2023 عام جديد.. ومسرح جديد".
العرض المسرحي الذي حمل اسم "صاحب الوردة" والذي قدم رؤية عصرية مختلفة لشخصية الحلاج من تأليف الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال، وبطولة كوكبة من النجوم أبرزهم، الفنانون المصريون أحمد عبد العزيز، رانيا فريد شوقي، يوسف إسماعيل، محمد صلاح آدم ونخبة من ألمع نجوم فرقة المسرح القومي، وإخراج أحمد شوقي.
تجربة مثمرة
يُمثل العرض المسرحي عودة مميزة للممثلة المصرية رانيا فريد شوقي، بعد غيابها عن المسرح القومي لسنوات طويلة، منذ أن قدمت مسرحية "اللهم اجعله خير"، مع الفنان على الحجار.
تؤكد رانيا فريد شوقي لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن الوقوف على خشبة المسرح القومي له معزة خاصة في قلبها إذ تقول: "منذ سنوات طويلة لم أقدم عملًا على المسرح القومي، وهذه عودة مميزة بالنسبة لي، فخورة للغاية بها، خاصة أن بداياتي على خشبة المسرح جاءت من خلال مسرحية "عطوة أبو مطوة"، مع الفنان القدير يحيى الفخراني، لذا أعتبر خشبة المسرح القومي بمثابة "وش الخير" بالنسبة لي، بالإضافة إلى أن هذا المسرح وقف عليه أساتذة كبار من نجوم الفن".
وتضيف: "التجربة مُثمرة وكانت مشجعة بشكل كبير بالنسبة لي، لأن العمل يحمل بصمات الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال، الذي يتميز بقدرة كبيرة على الكتابة بصبغة روحانية، نراها واضحة في أعماله ومنها مسلسل "جزيرة غمام" الذي حقق نجاحًا كبيرًا في شهر رمضان الماضي".
مسؤولية كبيرة
تشعر رانيا فريد شوقي بمسؤولية كبيرة تجاه مسرحية "صاحب الوردة"، إذ تقول: "ينتابني إحساس بمسؤولية كبيرة وخوف شديد، فالمسرح مختلف تمامًا عن السينما والتلفزيون، حيث يلتقي الفنان يوميًا مع الجمهور، مع وجود مساحة للتغيير في الآداء، فرغم المتعة الرائعة التي أشعر بها في رد فعل الجمهور المُباشر، إلا أن الأمر أيضًا يعد مسؤولية كبيرة على الفنان".
وتضيف: "المسرح القومي له جمهور معين، ورغم حدوث تراجع للمسرح بشكل عام، فإن هذه الفترة هناك خطة كبيرة لاستعادة عافية المسرح من جديد، وتقديم عروض كثيرة تليق بالجمهور المصري.
التقاء الأرواح
وعن تفاصيل شخصيتها في "صاحب الوردة"، أشارت إلى أنها تجسد خلال أحداث العمل شخصية سيدة تدعى أسماء، لم تتزوج رغم تقدمها في العمر، وتنتظر توأم روحها، وخلال الأحداث يظهر بالصدفة أمامها الحلاج الذي يجسد دوره الفنان أحمد عبد العزيز، ويحدث بينهما حالة من التقاء الأرواح.
وفيما يخص تعاونها مع الفنان أحمد عبد العزيز، تقول: "هذه ليست المرة الأولى التي أقف فيها أمام الفنان الكبير أحمد عبد العزيز، إذ سبق أن جمعنا أكثر من عمل تلفزيوني، ولكنها المرة الأولى بالنسبة للمسرح، وهو فنان كبير في التمثيل والإخراج، وسعيدة للغاية بهذا التعاون، وأتوقع نجاح العمل لأن شخصية الحلاج مناسبة بشكل كبير للفنان أحمد عبد العزيز الذي يُعد إضافة كبيرة للعمل.
قيمة الحب
يُرجع الفنان أحمد عبد العزيز حماسه لخوض تجربة العرض المسرحي "صاحب الوردة"، إلى كونه من تأليف الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال، إذ يقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "هو أحد كبار الكتاب في مصر، وأعتبره إضافة مهمة وامتداد للجيل الذهبي من كبار المؤلفين، وعندما قرأت نص المسرحية، وجدته عمل شاعري جميل، يعزز من قيمة الحب في حياتنا، من خلال شخصية الحلاج، التي سبق أن قدمتها ولكن كمخرج من خلال مسرحية "مأساة الحلاج" للكاتب الكبير صلاح عبد الصبور، ويُعلي العرض المسرحي من قيم الحب، فهذه المشاعر الإنسانية الرومانسية لا تأتي بسهولة، ودائمًا تُحاط بمشاعر أخرى مثل الحقد والحسد والكراهية والصراعات".
رؤية جديدة
يؤكد المخرج أحمد شوقي، أنه لم يواجه أي صعوبات في مسرحية "صاحب الوردة"، لأن كل صناع العمل كانوا حريصين على تقديمه بكل حب وإخلاص وصدق، وبالتالي كل شيء بالنسبة له كان سهلًا، بينما انحسرت الصعوبات في اختيار الممثلين لتجسيد شخصيات العمل، لأن قصة الكاتب عبد الرحيم كمال فرضت شكلًا معينًا في اختيار النجوم، فكان يشترط وجود ممثل قوي ومثقف وواعٍ بجانب نجوميته وحضوره، إضافة إلى العمق في التعامل مع القصة، فالسيناريو رغم أنه بسيط وقريب من الناس، يحمل في طياته عُمقًا كبيرًا في الشخصيات، ويحتاج إلى مجهود وتركيز متواصلين".
وعن تفاصيل المسرحية، يشير إلى أن العمل يتناول شخصية الحسين بن منصور الحلاج، ولكن بشكل معاصر يواكب العصر حاليًا وبرؤية جديدة، لنرى من خلال الأحداث مظاهر كثيرة مُزعجة وسلبية، منها وجود أحد المنافقين الذي يكشف الحلاج ألاعيبه وأكاذيبه، بالإضافة إلى وجود شباب حائر لا يعرف الطريق الصحيح، وأيضًا ظهور شخصية مثل أسماء التي تجسدها الفنانة رانيا فريد شوقي، فيكون الحلاج لها بمثابة القنديل المُضيء في الطريق المُظلم، ويفتح مساحة التسامح والحب بين الناس.
معنى الحب
يوضح الكاتب عبد الرحيم كمال، مؤلف مسرحية "صاحب الوردة"، أن العرض يناقش موضوعًا مهمًا ويقدم رسالة قوية تعرّفنا معنى الحب وتدعو إلى أن نعيش في سلام.
ويضيف: "فخور للغاية بكتابة عمل فني على خشبة المسرح القومي، والذي سبق أن قدمت عليه من قبل عرضين، هما "مديح المحبة" عام 2016، و"قمر العشاق" عام 2017، بالإضافة إلى أن أول تجربة لي على المسرح جاءت من خلال "محاكمة الكاهن" مع الفنان الراحل نور الشريف".