في خطوة تعكس سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرامية إلى تقليص البيروقراطية الحكومية، أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية عن فتح باب التقاعد المُبكر لموظفيها، ضمن موجة جديدة من الإجراءات التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، المكلف بإدارة ما يسمى "قسم كفاءة الحكومة".
تقاعد مُبكر للموظفين
كشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن أن وزارة الصحة الأمريكية أبلغت موظفيها، الاثنين، بإمكانية التقدم للتقاعد المبكر خلال الأيام العشرة المقبلة، بعد حصولها على تفويض من مكتب إدارة شؤون الموظفين الأمريكي، في حين تأتي هذه الخطوة في إطار ما وصفته الوثائق بأنه "إعادة هيكلة جوهرية وتقليص وإعادة تنظيم" للوكالات الحكومية.
وأوضحت الوثائق أن الموظفين المؤهلين للاستفادة من برنامج التقاعد المبكر، يجب أن يكونوا قد بلغوا سن الخمسين على الأقل مع 20 عامًا من الخدمة الفيدرالية، أو أي عمر آخر شريطة إكمال 25 عامًا من الخدمة.
وقد تم تحديد الموعد النهائي لتقديم الطلبات في 14 مارس الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة.
وتمثل هذه المبادرة جزءًا من الخطة التي يقودها الرئيس الأمريكي بالتعاون مع إيلون ماسك لتقليص حجم البيروقراطية الفيدرالية، في خطوة تعكس توجهات الإدارة الجمهورية الجديدة نحو ما يصفونه بـ "تحجيم الحكومة وزيادة الكفاءة".
طلبات غير تقليدية
في تطور مثير للاهتمام، كشفت الصحيفة البريطانية أن إدارة ترامب أرسلت جولة ثانية من رسائل البريد الإلكتروني، تطلب من الموظفين مشاركة خمس نقاط توضح إنجازاتهم خلال الأسبوع الماضي، وهو إجراء غير مُعتاد في العمل الحكومي الأمريكي.
وفي تحول لافت، ذكرت المصادر أن موظفي وزارة الصحة، والتي تضم هيئات حيوية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ومراكز السيطرة على الأمراض، كانوا قد أُبلغوا سابقًا بأنه ليس عليهم الاستجابة لرسائل البريد الإلكتروني من "قسم كفاءة الحكومة" الخاص بإيلون ماسك، إلا أنه في يوم الاثنين، تم إبلاغهم بضرورة الرد بحلول منتصف الليل دون الكشف عن معلومات حساسة، مثل أسماء الأدوية والأجهزة التي يعملون عليها.
وأشارت "ذا جارديان" إلى أن اتحاد موظفي الخزانة الوطنية، الذي يمثل العاملين في وزارة الصحة، أبلغ أعضاءه بأنه يجب عليهم الامتثال لاختيار الوكالة للمضي قدمًا في هذا "التمرين غير المستحسن"، وفقًا لتعبير الاتحاد.
وعبر أحد مصادر إدارة الغذاء والدواء عن قلقه، قائلًا: "أشعر أنني سأقضي اليوم بأكمله في كتابة هذه النقاط الخمس بطريقة لا تحتوي على معلومات حساسة مع توفير معلومات تفيد بأن وظيفتي مهمة، لا أعرف ما إذا كان يمكن تسمية ذلك بالكفاءة".
تداعيات مُحتملة
يأتي هذا التطور في وقت حساس للقطاع الصحي الأمريكي، حيث تثير هذه الإجراءات تساؤلات حول تأثيرها المحتمل على كفاءة وفعالية الخدمات الصحية، خاصة في ظل المخاوف من فقدان خبرات متراكمة في حال اختار عدد كبير من كبار الموظفين خيار التقاعد المبكر.
وتعد إدارة الغذاء والدواء ومراكز السيطرة على الأمراض من أهم الهيئات التابعة لوزارة الصحة، حيث تضطلع بمسؤوليات بالغة الأهمية تتعلق بالرقابة على الأدوية والأغذية وإدارة الأزمات الصحية العامة، وأظهرت جائحة كوفيد-19 الدور المحوري لهذه المؤسسات في الاستجابة للطوارئ الصحية.
رؤية ماسك للإصلاح
يُذكر أن إيلون ماسك تم تعيينه من قبل الرئيس دونالد ترامب للإشراف على "قسم كفاءة الحكومة"، وهي هيئة تهدف إلى تقليص الإنفاق الحكومي وتبسيط الإجراءات البيروقراطية.
وأثار هذا التعيين جدلًا واسعًا نظرًا لعدم امتلاكه خبرة سابقة في الإدارة الحكومية، فضلًا عن انتقادات بشأن تضارب المصالح المحتمل، غير أن مؤيديه يرون في نهجه فرصة لإدخال أساليب إدارية جديدة مستوحاة من قطاع الأعمال إلى العمل الحكومي.
تعكس هذه التطورات رؤية الرئيس ترامب، الذي تولى منصبه في يناير 2025، لإعادة هيكلة الإدارة الفيدرالية وتقليص نفوذها، وكان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بإجراء إصلاحات عميقة في الجهاز البيروقراطي الأمريكي، معتبرًا أن العديد من المؤسسات الحكومية قد تضخمت بشكل غير مبرر.