الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تفقدها ثلث قدراتها.. تداعيات عسكرية منتظرة بتعليق المساعدات الأمريكية لأوكرانيا

  • مشاركة :
post-title
مساعدات عسكرية لأوكرانيا - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتعليق جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا في خطوة مفاجئة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة الخارجية الأمريكية، إذ يأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من مواجهة حادة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، مما أثار تساؤلات عميقة حول مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية ودور الولايات المتحدة في أوروبا.

مستقبل الحرب الأوكرانية

تشير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن قرار ترامب يؤثر على أكثر من مليار دولار من الأسلحة والذخائر المخطط تسليمها لكييف، ويمثل تصعيدًا للخلاف بين واشنطن وكييف في لحظة حرجة من الصراع. 

ووفقًا للصحيفة، سيظل التوجيه ساري المفعول حتى يقرر ترامب أن أوكرانيا قد أظهرت التزامًا بحسن النية تجاه مفاوضات السلام مع روسيا.

وتوضح الصحيفة أن المستفيد الأكبر المباشر من هذه الخطوة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فحال استمر التعليق لفترة طويلة، يمكنه استغلال الوقت للضغط من أجل مكاسب إقليمية إضافية، وقد يقرر الامتناع عن أي مفاوضات على الإطلاق، مدركًا أن أي خلاف مطول بين ترامب وزيلينسكي سيعزز موقفه، سواء في ساحة المعركة أو عند إجراء محادثات وقف إطلاق النار.

من خلال إنتاجها الذاتي للأسلحة والمساعدات العسكرية أوروبا، قد تصمد أوكرانيا أمام الإغلاق الأمريكي لبضعة أسابيع أو حتى بضعة أشهر، حسبما أفاد مسؤولون ومحللون أمريكيون للنيويورك تايمز. 

ومن جانبه، قال مايكل كوفمان، زميل أول في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "الحقيقة هي أن أوكرانيا أقل اعتمادًا بكثير على الولايات المتحدة لتلبية احتياجاتها القتالية اليومية مما كانت عليه قبل عام".

حال استمر وقف التسليم لفترة أطول، فستفقد أوكرانيا إمداداتها من الأسلحة المتقدمة الحاسمة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتطورة والصواريخ الباليستية أرض-أرض ومدفعية الصواريخ بعيدة المدى، إضافة إلى قطع الغيار والصيانة والدعم الفني.

وصرح زيلينسكي نفسه بأن قطع المساعدات العسكرية سيكون ضربة مدمرة، قائلًا: "مساهمة الولايات المتحدة في القدرة الدفاعية لأوكرانيا والأمن هي الآن حوالي 30%، يمكنك أن تتخيل ما سيحدث لنا بدون هذه النسبة الحاسمة".

خلفيات الأزمة

تفجرت التوترات بين ترامب وزيلينسكي بشكل علني يوم الجمعة الماضي، خلال اجتماع كان من المفترض أن يشهد توقيع صفقة في البيت الأبيض تتضمن تنازل أوكرانيا عن حقوق التعدين للمعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية الأمريكية.

وبدلًا من ذلك، قام ترامب ونائبه جيه دي فانس بتوبيخ زيلينسكي أمام الكاميرات؛ لعدم إظهاره امتنانًا كافيًا للدعم الأمريكي.

ومن جانبها نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: "لقد كان الرئيس ترامب واضحًا بأنه يركز على السلام، نحتاج أن يكون شركاؤنا ملتزمين بهذا الهدف أيضًا، نحن نوقف مساعداتنا ونراجعها لضمان أنها تساهم في إيجاد حل".

وكشفت الصحيفة عن منهج "العصا والجزرة" الذي يتبعه ترامب لإجبار زيلينسكي على الدخول في مفاوضات أوسع لإنهاء الحرب مع روسيا.

وقال مسؤول إداري مقرب من العملية: "هناك نافذة محتملة مع روسيا، لن تستطيع جلب بوتين إلى الطاولة إذا كنت تناديه بأسماء"، في إشارة إلى تحول جذري بالموقف الأمريكي تجاه الرئيس الروسي.

حدد مايك والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، الشروط بوضوح في ظهوره على قناة "فوكس نيوز"، قائلًا: "ما نحتاج إلى سماعه من الرئيس زيلينسكي هو أنه يشعر بالندم على ما حدث، وأنه مستعد للتوقيع على صفقة المعادن هذه وأنه مستعد للمشاركة في محادثات السلام".

وفي الوقت نفسه، كشفت نيويورك تايمز أن ترامب يتماشى بشكل متزايد مع بوتين وروايته عن الحرب، ووصل الأمر ببعض أعضاء الحكومة الأمريكية إلى توجيه انتقادات حادة لزيلينسكي، إذ وصف وزير التجارة هاوارد لوتنيك، الرئيس الأوكراني بأنه "ليس صانع سلام" بل "مثير للمشاكل"، مشيرًا إلى أن ترامب يريد "الضغط على الجانبين ليجلسهما إلى الطاولة."

توقف المساعدات وتأثيرها

ليست هذه المرة الأولى التي تتوقف فيها المساعدات العسكرية الأمريكية عن التدفق إلى أوكرانيا، إذ حدث ذلك العام الماضي لعدة أشهر بعد ضغط ترامب على حلفائه الجمهوريين في الكونجرس لحجب المساعدة.

وفقًا لنيويورك تايمز، ظهرت التأثيرات بشكل واضح في القصف الجوي الليلي الذي وجهته روسيا إلى البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا. 

ومع فراغ أنابيب إطلاق أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية، لم تستطع فرق الدفاع الجوي التصدي لصواريخ روسيا المتطورة التي استهدفت محطات الطاقة الحرارية.

ومع تأخر المساعدات شهرًا بعد الآخر، ازدحمت محطات المترو في كييف بالعائلات الباحثة عن ملجأ مع تلاشي غطاء الحماية الذي توفره بطاريات باتريوت الأمريكية.

واستغرق تأثير ذلك على الجبهة وقتًا أطول، لكن مع تضاؤل الإمدادات وصمت مدافع الهاوتزر الأمريكية، اضطر القادة الأوكرانيون إلى تقنين الذخيرة.

انتقادات داخلية

أثار قرار ترامب انتقادات من مشرعين في كلا الحزبين، إذ قال النائب الجمهوري، دون بيكون: "للأسف إيران وكوريا الشمالية والصين لا توقف مساعداتها العسكرية ودعمها الاقتصادي، هناك معتدٍ وضحية، هناك ديمقراطية وديكتاتورية.. يجب أن نكون بلا لبس مع الجانب الجيد".

وأضافت السناتور الجمهورية سوزان كولينز: "لا أعتقد أنه يجب علينا تعليق جهودنا، إنهم الأوكرانيون الذين يسفكون الدماء".

يضع قرار ترامب الولايات المتحدة في معارضة مباشرة مع حلفائها الرئيسيين في حلف الناتو، إذ تعهدت معظم الدول الأوروبية الكبرى، بقيادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بزيادة المساعدات لأوكرانيا، متضامنة مع زيلينسكي، لكن ليس لديها ببساطة المخزونات الكافية لتعويض النقص على المدى القصير.

ووفقًا لما أشارت بوليتيكو، حذر إيان بريمر، رئيس مجموعة أوراسيا: "أوروبا لديها وقت قصير للانخراط بالكامل وضمان عدم حدوث تقارب كامل بين الأمريكيين والروس، وإلّا فإنهم يُتركون بدون خيار استراتيجي واقعي".