الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التراشق الناري بين ترامب وزيلينسكي.. هل يقوض السلام وصفقة المعادن؟

  • مشاركة :
post-title
التراشق بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

ألقت الحرب الكلامية النارية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس من ناحية، والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من أخرى، بالشكوك حول مستقبل اتفاق السلام بين موسكو وكييف، والمساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وكذلك صفقة المعادن النادرة بين واشنطن وكييف، وفق تعليقات الصحف الأمريكية والبريطانية.

الاجتماع الناري

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه مع تحول رد الفعل على الانهيار الذي حدث بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي، أمس الجمعة، من الدهشة إلى القلق بشأن ما قد يحدث بعد ذلك، كان هناك إجماع ضئيل حول ما إذا كان اتفاق السلام الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لا يزال ممكنًا.

وأوردت الصحيفة ما قاله ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد اجتماعه الناري مع نظيره الأوكراني: "يمكنه العودة عندما يكون مستعدًا للسلام".

وقالت إن الاتفاق الذي أعده ترامب لزيلينسكي، والذي يمنح الولايات المتحدة الحق في استغلال المعادن الحيوية في أوكرانيا مقابل ضمان أمني أمريكي غامض المعالم، ظل دون توقيع.

وفي حين حاول زيلينسكي إقناع ترامب بأن يكون أكثر تحديدًا بشأن كيفية ضمان عدم انتهاك روسيا لوقف إطلاق النار مرة أخرى، قلل ترامب من أهمية الأمن، قائلًا إنه يمثل 2٪ من أي اتفاق يوقف القتال، وقال: "أنا لست قلقًا بشأن الأمن.. أنا قلق بشأن إنجاز الصفقة".

وأعطى المسؤولون الأمريكيون إشارات متضاربة بشأن المستقبل، وقال أحد كبار المسؤولين في إدارة ترامب لـ"واشنطن بوست"، إن الإدارة الأمريكية تدرس إنهاء جميع شحنات المساعدات العسكرية الجارية إلى أوكرانيا، ردًا على تعنت زيلينسكي الملحوظ في مواجهة رغبة ترامب في حل الصراع في أوكرانيا بسرعة.

وقال المسؤول للصحيفة، إن القرار حال اتخاذه، سوف ينطبق على مليارات الدولارات من الرادارات والمركبات والذخيرة والصواريخ، التي تنتظر الشحن إلى أوكرانيا من خلال سلطة السحب الرئاسية.

الشراكة تحطمت

وذكرت صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الزعماء الأوروبيين، الذين صدمهم وأصابهم الفزع بسبب الانتقادات اللاذعة التي وجهها ترامب لزيلينسكي في البيت الأبيض، تعهدوا بسرعة بمواصلة دعمهم لأوكرانيا.

وقالت الصحيفة، إنه مع التحذير الذي وجهه ترامب إلى زيلينسكي "ليس لديك الأوراق للتعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، ومع توبيخ نائب الرئيس جيه دي فانس للزعيم الأوكراني ووصفه بأنه "غير ممتن"، كان من الواضح أن الشراكة التي استمرت ثلاث سنوات في زمن الحرب بين واشنطن وكييف تحطمت.

وتساءلت الصحيفة: هل يمكن إصلاح هذا الأمر؟ وما إذا كان من الممكن إعادة تجميع الصفقة التي تقضي بتزويد الولايات المتحدة بإيرادات من المعادن الأوكرانية والتي كانت السبب الظاهري للزيارة، فهذا أمر لا يزال يتعين علينا أن ننتظره.

ولكن الحقيقة الأكبر، وفق الصحيفة، هي التبادلات السامة التي تم بثها ليس فقط لجمهور مذهول من الأمريكيين والأوروبيين الذين لم يسبق لهم أن شهدوا مثل هذه الهجمات المفتوحة على بعضهم البعض، ولكن أيضًا لبوتين ومساعديه في الكرملين، إذ أوضحت أن ترامب ينظر إلى أوكرانيا باعتبارها عقبة أمام ما يراه مشروعًا أكثر حيوية.

وأوردت "نيويورك تايمز" ما قاله مسؤول أوروبي كبير هذا الأسبوع قبل الانفجار: "إن ما يريده ترامب حقًا هو تطبيع العلاقات مع روسيا".

وقالت الصحيفة، إنه إذا كان هذا يعني إعادة كتابة تاريخ غزو أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، أو إسقاط التحقيقات في جرائم الحرب الروسية، أو رفض تقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا، فإن ترامب -في هذا التقييم لنواياه- على استعداد لإبرام هذه الصفقة، وكان هذا الهدف يتصاعد تحت السطح بينما كان زيلينسكي يتجه إلى واشنطن في زيارته الكارثية.

واستشهدت الصحيفة بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي كان في السابق مدافعًا عن أوكرانيا وسيادتها الإقليمية، وتحول الآن إلى مؤيد لألعاب القوة التي ينتهجها ترامب، وقال في مقابلة مع "بريتبارت نيوز" أن الوقت حان للمضي قدمًا إلى ما هو أبعد من الحرب من أجل إقامة علاقة ثلاثية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.

طرد زيلينسكي

وعلقت مجلة "نيوزويك" الأمريكية على اللقاء الناري بين ترامب وزيلينسكي، وقالت إنه كان من المقرر أن يوقعا على صفقة المعادن، أمس الجمعة، في البيت الأبيض ثم يعقدان مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا في عرض منظم للتضامن يهدف إلى إصلاح علاقتهما المتوترة بشكل متزايد.

وأضافت الصحيفة أنه بدلًا من ذلك، طرد ترامب زيلينسكي من البيت الأبيض وألغى المؤتمر الصحفي بعد تبادل ساخن بشكل ملحوظ مع الرئيس الأوكراني في المكتب البيضاوي، وهو تحول دراماتيكي للأحداث أدى إلى تصعيد التوترات بين الرئيسين، ووضعٌ دفع ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام سريع في أوكرانيا موضع شك.

كتب ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مباشرة بعد اجتماع المكتب البيضاوي: "قررت أن الرئيس زيلينسكي ليس مستعدًا للسلام. لقد أساء إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مكتبها البيضاوي العزيز.. يمكنه العودة عندما يكون مستعدًا للسلام".

وبعد دقائق، شوهد موكب زيلينسكي يقترب من البيت الأبيض، ويستعد لاصطحابه بعيدًا، وقال متحدث باسم البيت الأبيض، إن صفقة المعادن لم يتم توقيعها، وفقًا لتقرير مشترك.

وترجِّح "نيوزويك" أن يؤدي هذا الانفجار العلني إلى زيادة صعوبة عمل ترامب وزيلينسكي معًا على اتفاق سلام أوسع مع روسيا، كما أكد المخاوف التي تراود العديد من الحلفاء الأوروبيين من أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا يتلاشى بسرعة في عهد ترامب.

كمين فانس

وذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أن الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا أصبح معلقًا في الميزان، كما انهارت المحادثات بشأن صفقة المعادن في أعقاب قمة كارثية في البيت الأبيض حذر فيها ترامب زيلينسكي من أنه "يقامر بالحرب العالمية الثالثة"، وطلب من الرئيس الأوكراني العودة "عندما يكون مستعدًا للسلام".

وغادر زيلينسكي البيت الأبيض مبكرًا، وتم إلغاء المؤتمر الصحفي للإعلان عن صفقة المعادن، بعد أن وجَّه ترامب إلى زيلينسكي توبيخًا شديدًا أعقب كمينًا قاده نائب الرئيس جي دي فانس لتدمير العلاقة الهشَّة بين الزعيمين.

وقالت "ذا جارديان" إن الرئيس الأمريكي استقبل نظيره الأوكراني، أمس الجمعة، لمناقشة اتفاقية الموارد المعدنية المثيرة للجدل، والتي قال ترامب إنها الخطوة الأولى نحو اتفاق وقف إطلاق النار الذي يسعى للتوسط فيه بين روسيا وأوكرانيا.

لكن الاجتماع انحدر بعد أن اقترح زيلينسكي أن فانس، المتشكك في الدعم الأمريكي لأوكرانيا، يجب أن يأتي إلى البلاد ليرى الدمار الناجم عن الغزو، وأن روسيا مسؤولة عن القتال المستمر.

وكان من المقرر أن يستمر الاجتماع خلف أبواب مغلقة، لكنه توقف بعد العرض العلني للعداء في المكتب البيضاوي، وبعد فترة وجيزة، أصدر ترامب بيانًا أشار فيه إلى أن الطرفين لم يوقعا على اتفاقية المعادن.