الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

روسيا تحتفي وأوروبا قلقة.. تداعيات المواجهة التاريخية بين ترامب وزيلينسكي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

شهد البيت الأبيض مشادة كلامية غير مسبوقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انتهت بمغادرة الأخير مبكرًا وإلغاء المؤتمر الصحفي المشترك المقرر بينهما، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب).

وتحول اللقاء الذي كان مخصصًا لتوقيع اتفاق المعادن إلى ساحة لتبادل الاتهامات والتحذيرات، في مشهد وصفه مسؤول روسي كبير بأنه "تاريخي"، وأثار ردود فعل متباينة على المستويين الإقليمي والدولي.

إنذار واضح

في جوٍ متوتر داخل المكتب البيضاوي، وجّه الرئيس الأمريكي إنذارًا واضحًا لنظيره الأوكراني، قائلاً: "إما أن تبرموا اتفاقًا وإما أننا سنترككم وحدكم".

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، اتهم ترامب زيلينسكي بـ"المقامرة بإشعال حرب عالمية ثالثة"، مُحمِلًا إياه مسؤولية تعريض حياة ملايين المواطنين للخطر.

وفي موقف تصعيدي غير معهود في الدبلوماسية الدولية، قال ترامب مخاطبًا زيلينسكي: "أنت تتلاعب بالأوراق وتغامر بحياة ملايين المواطنين"، مضيفًا: "بلدك في أزمة كبيرة ولا يمكن الاستمرار في الحوار" على هذا النحو، في إشارة واضحة إلى رفضه لمنهج التفاوض الذي يتبناه الرئيس الأوكراني.

وفي تطور لافت، ذكرت شبكة CNN أن ترامب اجتمع مع نائبه جي دي فانس ووزيري الخارجية والخزانة قبل أن يطلب من زيلينسكي المغادرة، ما يشير إلى أن قرار إنهاء اللقاء لم يكن ارتجاليًا بل جاء بعد تشاور مع الدائرة المقربة في الإدارة الأمريكية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي
زيلينسكي يتمسك بالضمانات

من جهته، أصر الرئيس الأوكراني على مطالبه بتوفير ضمانات أمنية لبلاده، مؤكدًا أنه "لا يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار فقط" دون ضمانات طويلة الأمد، وهو ما قوبل برفض صريح من ترامب الذي أعلن بوضوح قائلًا: "تأكد اليوم أن زيلينسكي غير مستعد للسلام".

وأفادت وكالة "رويترز" بأن زيلينسكي غادر البيت الأبيض في وقت مبكر عمّا كان مقررًا، بعد المشادة الكلامية الحادة مع ترامب.

ووفقاً لما ذكرته شبكة Fox News عن مسؤولين بالبيت الأبيض، حاول "زيلينسكي" العودة لاستئناف المحادثات، إلا أن الرئيس الأمريكي طلب منه المغادرة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي
محاولة تخفيف التوتر

وبعد مغادرته البيت الأبيض، حاول الرئيس الأوكراني تخفيف حدة التوتر عبر تغريدة على منصة "إكس" قال فيها: "شكرًا أمريكا، شكرًا على دعمكم، شكرًا على هذه الزيارة. شكرًا للرئيس الأمريكي والكونجرس والشعب الأمريكي.. أوكرانيا تحتاج إلى سلام عادل ودائم، ونحن نعمل من أجل ذلك"، في محاولة واضحة للحفاظ على العلاقات مع واشنطن رغم المواجهة الحادة.

وفي المقابل، أكد البيت الأبيض لاحقًا أن اتفاقية المعادن التي سافر زيلينسكي إلى واشنطن خصيصًا لإبرامها لم يتم توقيعها من قبل أي من الطرفين.

مغادرة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي للبيت الأبيض
صفقة المعادن

خلال اللقاء المتوتر، حاول ترامب الضغط على زيلينسكي للتوقيع على اتفاقية تتعلق بالمعادن، قائلًا له: "توقيعك على اتفاقية المعادن سيجعل موقفك أقوى"، غير أن مسؤولًا في البيت الأبيض أكد لاحقًا أن "زيلينسكي وترامب لم يوقعا على الاتفاق المذكور.

وفي توضيح جديد، أعلن البيت الأبيض أن "ترامب هو من قرر إلغاء توقيع اتفاق المعادن مع زيلينسكي"، ما يؤكد أن الرئيس الأمريكي اتخذ موقفًا حازمًا بعدم المضي قدمًا في أي اتفاقيات مع أوكرانيا، في ظل عدم استعداد كييف للتحرك نحو تسوية سلمية وفق الرؤية الأمريكية.

وفي تصريح يعكس حدة الخلاف، قال ترامب: "زيلينسكي قلل من احترام الولايات المتحدة داخل المكتب البيضاوي"، وهو ما أكده مسؤول في البيت الأبيض بقوله إن "ترامب شعر بعدم الاحترام من زيلينسكي" خلال اللقاء، الأمر الذي أدى إلى تصاعد حدة التوتر بينهما.

استقالة زيلينسكي

في تطور يعكس حجم الأزمة وتداعياتها على العلاقات الأمريكية-الأوكرانية، دعا السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام، الرئيس الأوكراني إلى تقديم استقالته على خلفية المشادة الكلامية.

وقال "جراهام" في تصريح متشدد: "على زيلينسكي أن يتغير أو أن يرحل"، ما يمثل موقفًا غير مسبوق من قيادي جمهوري له تأثيره داخل الحزب.

تصريح جراهام يعكس موقفًا متصلبًا من جانب الحزب الجمهوري، ويشير إلى حجم الغضب في أوساط الحزب الحاكم من نهج الرئيس الأوكراني في التعامل مع الملف، خاصة بعد ما وصفه مسؤولون أمريكيون بـ"تقليل احترام الولايات المتحدة" خلال اللقاء في البيت الأبيض.

السيناتور الجمهوري البارز ليندسي جراهام
تداعيات دولية للأزمة

لم تمر هذه المواجهة غير المسبوقة دون ردود فعل دولية، إذ سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتعليق عليها مؤكدًا أن بلاده "ستستمر في مساعدة أوكرانيا"، وأضاف: "ينبغي علينا أن نحترم من يقاتلون منذ البداية"، في إشارة واضحة إلى دعمه الموقف الأوكراني.

وشدد الرئيس الفرنسي على أن بلاده كانت "على صواب في مساعدة أوكرانيا ومعاقبة روسيا قبل 3 أعوام وستواصل ذلك"، في موقف يعكس استمرار الانقسام الأوروبي-الأمريكي حول كيفية التعامل مع الأزمة الأوكرانية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.

روسيا تحتفي وتسخر

على الجانب الآخر، رحبت موسكو بهذا التطور، ووصف مسؤول روسي كبير المشادة بين ترامب وزيلينسكي بأنها "تاريخية"، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وفي تعليق لافت، قال نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف إن "توبيخ ترامب لزيلينسكي مفيد لكنه ليس كافيًا"، مضيفًا أن روسيا "تحتاج إلى وقف واشنطن المساعدات العسكرية لأوكرانيا".

وفي تصريح ساخر يعكس درجة الاحتفاء الروسي بالأزمة، قالت الخارجية الروسية إن "احتفاظ ترامب ودي فانس بضبط النفس وعدم ضربهما زيلينسكي معجزة"، في إشارة إلى حدة المواجهة بين الجانبين.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس و الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي

وأضاف ميدفيديف، في تصريح آخر، أن "زيلينسكي تلقى صفعة قوية من ترامب في البيت الأبيض"، مؤكدًا على حجم الإهانة الدبلوماسية التي تعرض لها الرئيس الأوكراني.

وفي تطور يهدد بتعقيد الوضع أكثر، نقلت رويترز عن مسؤول أمريكي كبير قوله إن "المشادة بين زيلينسكي وترامب قد تؤدي لتسريع التحقيق في المساعدات الأمريكية لأوكرانيا"، ما ينذر باحتمال تقليص أو حتى وقف الدعم العسكري الأمريكي لكييف، وهو ما يمثل تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الأوكراني-الروسي.

ماسك يدخل على الخط

على صعيد ردود الفعل الداخلية، غرّد الملياردير إيلون ماسك، قائلًا إن "زيلينسكي دمَّر نفسه أمام الشعب الأمريكي" بموقفه خلال اللقاء، في إشارة إلى تداعيات هذه المواجهة على الرأي العام الأمريكي والدعم الشعبي لقضية أوكرانيا.

وترك ترامب الباب مواربًا للحوار مستقبلاً، وصرح بأنه "يمكن لزيلينسكي أن يأتي مرة أخرى إذا كان مستعدًا للسلام"، وقال إنه "لا يريد مزايا تفاوضية لأحد بل يريد السلام"، في إشارة إلى موقفه المعلن منذ حملته الانتخابية بضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة.