الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اتفاق غزة على "شفا الانهيار".. ترامب الوحيد القادر على لجم نتنياهو

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مع اقتراب موعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين في قطاع غزة الأحد المقبل، تشير تقارير أمريكية إلى أن الرئيس دونالد ترامب قد يكون الشخصية الوحيدة القادرة على منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من استئناف الحرب في قطاع غزة.

في هذا الصدد أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بأن مسؤولين عسكريين إسرائيليين أكدوا أن الجيش أتمّ بالفعل استعدادات لشن حملة جديدة ومكثفة في غزة، إلا أنهم يعتقدون أن "الرئيس ترامب فقط يمكنه ثني نتنياهو عن استئناف الحرب".

وضع متوتر

تتزايد المخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة الذي تم التوصل إليه في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي سمح بوقف مؤقت للأعمال العدائية لمدة ستة أسابيع تنتهي في الأول من مارس المقبل، في حين يأتي هذا الوضع المتوتر في ظل الاتهامات المتبادلة بين حماس وإسرائيل بانتهاك شروط الاتفاق القائم، الذي سمح بتبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.

ففي نهاية الأسبوع الماضي، أخرت إسرائيل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من سجونها، احتجاجًا على الطريقة المهينة التي عرضت بها حماس المحتجزين في قطاع غزة قبل تسليمهم، على حد قول حكومة نتنياهو.

طريق متعثر نحو السلام

كان من المفترض أن يستغل الطرفان فترة المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة البالغة ستة أسابيع للتفاوض حول شروط المرحلة الثانية التي كان من المقرر أن تبدأ في الثاني من مارس المقبل، إذ إنه وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، اتفق الجانبان على استخدام هذه الفترة لتبادل نحو 1500 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية مقابل 33 محتجزًا في غزة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.

وكان من المتوقع أن تركّز هذه المفاوضات على من سيحكم غزة بعد الحرب، إضافة إلى الإفراج عن نحو 60 محتجزًا آخر. 

وعلى الرغم من بعض الانقطاعات، سارت معظم عمليات التبادل وفقًا للخطة تقريبًا، إلا أن المفاوضات من أجل مرحلة ثانية لم تسر كما هو مخطط لها، فهي لم تبدأ بعد على الرغم من أنه بموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار في يناير، كان من المفترض أن تختتم بحلول الأحد الماضي.

تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن هذا التأخير يرجع جزئيًا إلى أنه بموجب الاتفاق، يمكن للهدنة أن تستمر رسميًا فقط إذا وافق الطرفان على إنهاء الحرب، إلا أن إسرائيل وحماس لديهما رؤى مختلفة تمامًا لغزة ما بعد الحرب، ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير راغب حتى في استئناف المحادثات.

جانب من عملية تسليم محتجزين في قطاع غزة
مواقف متباينة وصراع إرادات

تباينت مواقف الطرفين بشكل كبير فيما يتعلق باستئناف الحرب، إذ تجنبت حماس، الدعوات الصريحة لاستئناف الأعمال العدائية، حتى لو كانت الجماعة قد جعلت الحرب أكثر احتمالية برفضها الاستسلام.

ويشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن حماس تدرك ضعف موقفها العسكري والسياسي الحالي، ما يجعلها حذرة من التصعيد المباشر الذي قد يؤدي إلى استئناف الأعمال القتالية مجددًا، رغم إصرارها على عدم الانحناء للمطالب الإسرائيلية بنزع سلاحها.

في المقابل، اتخذ نتنياهو موقفًا أكثر حزمًا وتشددًا، إذ صرّح بشكل مباشر أمس الأحد بأن إسرائيل مستعدة لاستئناف القتال إذا لم تقم حماس بنزع سلاحها طواعية.

وفي خطاب للجنود، قال نتنياهو إنه منفتح فقط على المفاوضات حول شروط استسلام حماس، وهو ما يشير إلى تصميمه على تحقيق أهدافه العسكرية مهما كانت التكلفة.

انقسم المجتمع الإسرائيلي بشأن الموقف الذي يجب اتخاذه، فوفقًا لـ"نيويورك تايمز"، يريد الإسرائيليون من نتنياهو الموافقة على هدنة ممتدة من أجل تحرير المحتجزين المتبقين، حتى لو كان ذلك على حساب إبقاء حماس في السلطة، إلا أن حلفاء رئيس الوزراء من اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي يرون أن هزيمة حماس هي أولوية وطنية أكبر ويضغطون عليه بقوة لاستئناف الصراع وإنهاء وجود الحركة بشكل نهائي في قطاع غزة.

خطط عسكرية إسرائيلية

وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة "نيويورك تايمز" معلومات تفصيلية عن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية الجارية، إذ أجرى جيش الاحتلال بالفعل استعدادات واسعة النطاق لحملة جديدة ومكثفة في غزة، وفقًا لثلاثة مسؤولين دفاعيين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم للتحدث بحرية أكبر.

وتشمل هذه الاستعدادات خططًا تفصيلية للعمليات الجديدة التي ستركّز على استهداف مسؤولي حماس، إضافة إلى تدمير المباني والبنية التحتية التي تستخدمها الحكومة المدنية التي تديرها حماس.

وتهدف هذه الخطط إلى إضعاف سيطرة حماس على القطاع وتقويض قدرتها على إدارة شؤون المدنيين.

وعلى الرغم من أن الخطة لم تتم الموافقة عليها بعد من قبل مجلس الوزراء الإسرائيلي، قال اثنان من المسؤولين إنهم يعتقدون أن الرئيس ترامب وحده يمكنه ثني نتنياهو عن تجديد الحرب.

ويشير هذا التقييم إلى الثقل السياسي الكبير الذي يتمتع به ترامب في التأثير على قرارات إسرائيل، خاصة بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024 وعودته إلى البيت الأبيض، بحسب تقرير الصحيفة. 

دبابات إسرائيلية
ترامب بين السلام والحرب

اتسمت تصريحات ترامب بشأن الحرب في غزة بالتناقض والتباين، وأرجعت الصحيفة هذا التذبذب في مواقف الرئيس الأمريكي إلى ماهية استراتيجيته الحقيقية تجاه الصراع، وكيفية تعامله مع الوضع المتفجر في المنطقة، إذ كانت الإشارة الأوضح الأخيرة من إدارته هي السعى إلى تمديد الاتفاق، لضمان المزيد من عمليات تبادل المحتجزين مقابل الأسرى.

وتعكس هذه الإشارة رغبة في تهدئة الأوضاع والحيلولة دون اندلاع جولة جديدة من العنف الذي قد يؤدي إلى تدهور الوضع الإنساني المتردي أصلاً في قطاع غزة.

صرح ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" أمس الأحد، بأنه سيعود إلى المنطقة يوم الأربعاء لإطالة أمد المرحلة الأولى من الهدنة.

وأوضح لاحقًا لشبكة "سي بي إس" أن جولته ستشمل مصر وإسرائيل وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث سيقضي خمسة أيام في محاولة لبناء زخم نحو تمديد الاتفاق.

وأعرب ويتكوف عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق أطول، مما يشير إلى وجود جهود دبلوماسية حثيثة خلف الكواليس لمنع انهيار الهدنة.

ما بعد انتهاء الهدنة

وما إذا كانت المعارك ستستأنف فورًا في حال عدم تمديد الاتفاق، أشارت "نيويورك تايمز"، إلى أنه "ليس هناك حتمية فورية لاستئناف القتال، إذ إن الاتفاق الأولي نص على أن "وقف الأعمال العدائية المؤقت" يمكن أن يستمر بعد موعد الأول من مارس طالما كانت إسرائيل وحماس لا تزالان تتفاوضان على شروط وقف دائم لإطلاق النار.

وذكرت الصحيفة أنه هذا يتيح بعض المرونة في الموقف إذا عاد الطرفان إلى المفاوضات حول تمديد رسمي، ما يمكن الهدنة من أن تستمر تقنيًا حتى لو كانت المحادثات بعيدة عن التوصل إلى حل، وهذه النقطة تفتح نافذة أمل صغيرة لإبقاء وقف إطلاق النار قائمًا، حتى في ظل الخلافات بين الطرفين.