الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بسبب زيلينسكي.. ستارمر يتبنى الحذر خلال لقاء ترامب المرتقب

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

توقعت مصادر بريطانية رفيعة المستوى أن يتبنى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر نهجًا دبلوماسيًا حذرًا خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع المقبل، خاصة في ما يتعلق بالتصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها ترامب مؤخرًا ضد نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفق صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.

وتأتي زيارة ستارمر إلى واشنطن في لحظة حرجة قد تكون مفصلية لقيادته، وسط تبادل الاتهامات والإهانات بين أوروبا والولايات المتحدة حول الحرب في أوكرانيا وأفضل السبل لإنهائها، وفق الصحيفة

تعميق شرخ التحالف الغربي

أججت تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة التوترات بشكل غير مسبوق بين الضفتين الأوروبية والأمريكية، خاصة بعد هجومه العلني على زيلينسكي ووصفه بالديكتاتور.

وزاد ترامب من حدة التوتر اليوم الجمعة عندما وجه انتقادات لاذعة لكل من ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واتهمهما بعدم فعل أي شيء للمساعدة في إنهاء الحرب.

وقال "ترامب" لشبكة "فوكس نيوز": "لم يفعلوا شيئًا.. ماكرون صديق لي، والتقيت برئيس الوزراء (ستارمر)، إنه شخص لطيف جدًا... لكن لم يفعل أحد شيئًا".

هذه التصريحات جاءت وسط موجة استنكار متصاعدة بين القادة الأوروبيين ضد تأكيدات ترامب بأن زيلينسكي ديكتاتور، وأن أوكرانيا هي التي بدأت الحرب عام 2022، وهو ادعاء يتناقض تمامًا مع الإجماع الدولي حول المسؤولية الروسية عنها.

وفي تصعيد للموقف الأوروبي، وصف المستشار الألماني أولاف شولتس تصريحات ترامب بأنها "خاطئة وخطيرة"، بينما اتهم زيلينسكي نفسه الرئيس الأمريكي بأنه يعيش في "فقاعة من المعلومات المضللة".

وهذه المواجهة العلنية غير المسبوقة بين حلفاء تاريخيين تضع الدبلوماسية الأوروبية أمام تحديات غير مسبوقة، وتهدد بتقويض التضامن الغربي في مواجهة روسيا، وفق الصحيفة.

استراتيجيتان متباينتان

مع وصول العلاقات عبر الأطلسية إلى أدنى مستوياتها، يستعد كل من ستارمر وماكرون للسفر إلى واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات، يأملان أن تساعد في تحديد مصير أوكرانيا المستقلة.

ومع ذلك، تختلف استراتيجية كل منهما في التعامل مع الرئيس الأمريكي اختلافًا جذريًا، ففي حين وعد ماكرون بتوجيه رسالة صريحة وحادة لترامب، تحذره من مخاطر الظهور بمظهر الضعيف أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسعى ستارمر إلى نزع فتيل التوتر من خلال تجنب الإشارة المباشرة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة المثيرة للجدل.

وكشف مسؤول بريطاني رفيع المستوى لـ"ذا جارديان" عن هذا النهج قائلًا: "نريد التركيز على المستقبل بدلًا من إعادة النظر في أي من الخلافات التي كانت في الأيام الأخيرة.. إذا سألنا الرئيس (ترامب) عن وجهة نظرنا فسنقدمها، بما يتماشى مع التصريحات التي أدلينا بها، لكن من الأفضل دائمًا التركيز على المستقبل بدلًا من محاولة إعادة النظر في جدالات الماضي".

هذا التباين في النهج يعكس الدور المختلف الذي تسعى بريطانيا للعبه في الأزمة، وقال مسؤول بريطاني آخر إن "ماكرون سيكون هناك ممثلًا للاتحاد الأوروبي.. دورنا مختلف قليلًا، نريد أن نلعب دور الجسر بين الولايات المتحدة وأوروبا".

وتعكس هذه التعليقات النهج الأوسع لستارمر في التعامل مع ترامب منذ توليه السلطة، والذي يتمثل في تجنب التعليق على الجدالات المتكررة التي يثيرها الرئيس الأمريكي، والتركيز بدلًا من ذلك على الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في حماية أوكرانيا وتجنب الرسوم الجمركية التي تهدد الاقتصاد البريطاني.

تهميش القارة العجوز

تأتي زيارة ستارمر في وقت يعبر فيه القادة الأوروبيون عن قلقهم العميق إزاء استبعادهم من المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، وإزاء لهجة تصريحات ترامب الأخيرة بشأن أوكرانيا، في حين تثير هذه التطورات مخاوف عميقة في العواصم الأوروبية من إمكانية إبرام صفقة أمريكية-روسية على حساب المصالح الأوروبية والسيادة الأوكرانية.

وكان الرئيس الأمريكي أثار زوبعة دبلوماسية حين اتهم أوكرانيا بشكل خاطئ ببدء الحرب، وحذر هذا الأسبوع في منشور طويل على وسائل التواصل الاجتماعي قائلًا: "على زيلينسكي التحرك بسرعة وإلا فلن يبقى له بلد"، وهذه التهديدات المبطنة تعكس تحولًا جذريًا في الموقف الأمريكي من الأزمة الأوكرانية وتشير إلى احتمالية الضغط على كييف لتقديم تنازلات جوهرية لموسكو.

وتشير تقارير دبلوماسية عديدة إلى وجود انقسام متزايد داخل التحالف الغربي حول كيفية دعم أوكرانيا، فبينما تصر بعض العواصم الأوروبية على مواصلة الدعم العسكري والسياسي غير المشروط لكييف، تبدو واشنطن في عهد ترامب أكثر ميلًا نحو البحث عن تسوية سريعة للصراع، حتى لو جاءت على حساب الطموحات الإقليمية الأوكرانية.

الملفات الحيوية

يحمل ستارمر في جعبته خلال زيارته للبيت الأبيض أجندة طموح، تتضمن مجموعة من الملفات الحيوية التي تتجاوز الأزمة الأوكرانية لتشمل التجارة الثنائية والتعاون الدفاعي.

ووفقًا للمصادر البريطانية، سيحاول رئيس الوزراء استغلال العلاقة الشخصية الإيجابية التي بدأت تتشكل بينه وبين ترامب.

وشجع مكتب رئاسة الوزراء البريطاني حقيقة أن ترامب استبعد حتى الآن المملكة المتحدة من قائمة الدول التي فرض عليها رسومًا جمركية جديدة، معتبرًا ذلك مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية بناء علاقة وثيقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

وسيطرح ستارمر قضية التجارة خلال المحادثات، بحجة بأن البلدين يجب أن يزيدا التبادل التجاري الثنائي بدلًا من أن يتعرضا للضغوط بسبب حواجز جمركية جديدة.

أما في الملف الأوكراني، فيأمل رئيس الوزراء البريطاني استخدام النوايا الحسنة لإقناع ترامب بتقديم الدعم الجوي والاتصالات والمساعدات اللوجستية لأي قوات أوروبية قد يتم نشرها لحماية اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا.

وكان ستارمر قد صرح في وقت سابق بأن المملكة المتحدة ستكون على استعداد للمساهمة بقوات برية ضمن قوة أوروبية، لكنه أكد أن أي نشر من هذا القبيل سيكون مشروطًا بوجود "شبكة أمان" أمريكية لضمان سلامة القوات المشاركة.

دعوات لموقف أوروبي موحد

في خضم هذه التطورات المتسارعة، تتعالى أصوات خبراء الأمن والاستراتيجيين الغربيين مطالبة القادة الأوروبيين باتخاذ موقف أكثر حزمًا وصرامة في مواجهة الضغوط الأمريكية الجديدة.

وفي هذا السياق، قدم إتش آر ماكماستر، أحد مستشاري الأمن القومي لترامب خلال فترة ولايته الأولى، نصيحة صريحة للأوروبيين، قائلًا: "يحتاج الأوروبيون إلى الخروج برسالة واضحة: مهما فعلت، لا تعط بوتين ما يريده مقدمًا".