قالت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إن مئات الجنود الروس تم إرسالهم سرًا إلى كوريا الشمالية للتأهيل الطبي والراحة، حيث تتولى بيونج يانج دورًا جديدًا في رعاية الجنود المصابين في الحرب ضد أوكرانيا.
ومنذ بداية الحرب، عاد مئات الآلاف من الجنود الروس إلى ديارهم، وشارك العديد منهم في برامج تمولها الحكومة لإعادة التأهيل.
وترى الصحيفة أن هذه الرحلات الاستشفائية "أحدث إشارة" إلى التوافق العسكري والسياسي المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية منذ بداية الحرب مع أوكرانيا.
وبلغ هذا التعاون ذروته مع نشر بيونج يانج أكثر من 10 آلاف جندي لدعم القوات الروسية في منطقة كورسك في جنوب غرب البلاد، بحسب تقديرات غربية.
وفي تقريره الأسبوع الماضي، كتب معهد دراسة الحرب بواشنطن، إن "وصول جنود روس من ذوي الخبرة القتالية -وخاصة إذا كانوا من الضباط أو ضباط الصف- إلى كوريا الشمالية قد يسمح للجيش الروسي بالعمل مع القوات الكورية الشمالية، ونشر الدروس المستفادة من الحرب في أوكرانيا".
علاج مجاني
ونقلت "ذا جارديان" عن أحد الجنود الروس وصف رحلته التي استمرت أسبوعًا إلى كوريا الشمالية، حيث استقر في منشأة في "وونسان" -مدينة ساحلية وقاعدة بحرية تقع في إقليم كانجوون بكوريا الشمالية وتطل على بحر اليابان- مع نحو عشرين جنديًا روسيًا آخرين، أنه كان يستمتع بحمام سباحة وساونا، وقضى أيامه في لعب تنس الطاولة والورق مع زملائه العسكريين.
وقال الجندي إن المرافق كانت نظيفة وجيدة بشكل عام، لمنه اشتكى من أنه لم يتلق العلاج الطبي المتوقع عادة في المصحة، في حين كانت الوجبات "بلا طعم وتفتقر إلى اللحوم".
وأضاف أنه تم منعه هو والجنود الآخرين من التجول خارج النزل في المساء، أو التواصل مع السكان المحليين.
وأكد التقرير أن المنظمات الحكومية الروسية للمحاربين القدامى -التي تشرف على الرحلات إلى مئات المصحات في جميع أنحاء البلاد- لم تروج علنًا للرحلات إلى كوريا الشمالية، ولم يتم نشر أي لقطات من الزيارات.
ولكن في مقابلة نشرت هذا الشهر، قال السفير الروسي لدى بيونج يانج إن "المئات من الجنود الروس" الذين قاتلوا في أوكرانيا "يخضعون لإعادة التأهيل في مصحة ومرافق طبية في كوريا الشمالية".
وقال السفير ألكسندر ماتسيجورا، لصحيفة "روسيسكايا جازيتا" الحكومية: "العلاج والرعاية والطعام، كل ما يتعلق بالإقامة في كوريا الشمالية، كان مجانيًا تمامًا".
أضاف: "عندما عرضنا تعويض أصدقائنا (الكوريين الشماليين) عن جزء على الأقل من نفقاتهم، شعروا بالإهانة وطلبوا منا ألا نفعل ذلك مرة أخرى".
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن "هذه التصريحات جديرة بالملاحظة باعتبارها أحد أول الاعترافات العلنية من أي من الجانبين بدعم كوريا الشمالية الملموس لجهود حليفها في الحرب".
للعسكريين فقط
حسب التقرير البريطاني، لا يزال مدى وتأثير دور كوريا الشمالية في تقديم الخدمات الطبية وإعادة التأهيل للجنود الروس غير معروف، لكن حتى الآن، يبدو أنها صغيرة النطاق نسبيًا وتقتصر على العسكريين من أقصى شرق روسيا، التي لها حدود برية قصيرة مع كوريا الشمالية.
كما لم يتضح بعد ما إذا كان الجنود الروس الذين أُصيبوا بجروح خطيرة تلقوا العلاج في مستشفيات كوريا الشمالية أو ما إذا كانت أي مراكز صحية خارج "وونسان" استقبلت عسكريين أجانب.
وقالت "ذا جارديان": "تعرض نظام الرعاية الصحية في بيونج يانج لضغوط شديدة بسبب العقوبات الدولية، في حين أن الحواجز اللغوية والثقافية قد تعوق العلاج بشكل أكبر، خاصة في ضوء النطاق الواسع من الظروف الجسدية والنفسية، بما في ذلك اضطراب ما بعد الصدمة الذي يعاني منه العديد من الجنود".
وقال ممثل إحدى وكالات السياحة الروسية، التي سهلت رحلات الجنود في الصيف الماضي لـ"ذا جارديان"، إن الجولات كانت مخصصة حصريًا للعسكريين من أقصى شرق روسيا، واستوعبت بضع مئات من المشاركين فقط.
لكنه أضاف أن كوريا الشمالية "لديها القدرة على الترحيب بعدد أكبر بكثير من الجنود الروس".
معسكر للأطفال
أيضًا، على مسافة غير بعيدة عن مكان إقامة الجنود في "وونسان"، نظمت كوريا الشمالية معسكرًا صيفيًا لأطفال العسكريين الروس الذين لقوا حتفهم في الحرب.
وخلال رحلة إلى بيونج يانج في يونيو من العام الماضي، ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة المعسكر الصيفي، وشكر "الرفيق كيم جونج أون على تنظيم عطلة لأطفال القتلى المشاركين في العملية العسكرية الخاصة في معسكر سونجدوون الكوري".
وتشير "ذا جارديان" إلى أن روسيا ترتبط بعلاقة طويلة الأمد مع معسكر "سونجدوون الصيفي"، الذي يزوره الأطفال الروس من حتى قبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا.
وعلى النقيض من الرحلات الطبية، عملت وسائل الإعلام الروسية على تغطية الزيارات إلى المعسكرات الصيفية في كوريا الشمالية بشكل علني، ونشرت صورًا لأطفال يقفون أمام تماثيل زعماء البلاد.