مع اقتراب المحادثات المرتقبة بين الولايات المتحدة وروسيا، في الرياض، تبدو الساحة السياسية الدولية في حالة ترقب شديد، وسط مؤشرات على تحولات جذرية في العلاقات الدولية، وفق تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فيواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انتقادات واسعة بسبب استعداده لتقديم تنازلات كبرى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
قوة موقف بوتين
يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وضع مريح قبل المفاوضات المرتقبة في المملكة العربية السعودية، حيث تشير تقارير "سي إن إن" إلى أن ترامب ألغى العزلة الدولية المفروضة على بوتين، ما أدى إلى تفكك الوحدة الغربية بشأن أوكرانيا، هذا التحول أثار تساؤلات حول مدى التزام واشنطن بالدفاع عن أوروبا، خصوصًا في ظل الغموض الذي يحيط بموقف ترامب من حلفائه التقليديين.
وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن رفضه لأي محادثات لا تشمل أوكرانيا، مؤكدًا أن بلاده لن تقبل بأي قرارات تتخذ نيابة عنها، وأثارت التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة قد تستبعد حلفاءها الأوروبيين من المحادثات قلقًا واسعًا في العواصم الأوروبية؛ مما دفع فرنسا إلى دعوة زعماء الاتحاد الأوروبي إلى اجتماع طارئ في باريس.
تحركات دبلوماسية أمريكية
أكد ترامب للصحفيين أنه يعمل بجدية على تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، لكنه لم يوضح تفاصيل الصفقة المقترحة، يقود الوفد الأمريكي إلى المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وفقًا لشبكة "سي إن إن"، فإن هذه المحادثات تُعد امتدادًا للمكالمة الهاتفية الأخيرة بين ترامب وبوتن، والتي أثارت جدلًا واسعًا حول نوايا الإدارة الأمريكية.
وأثار وزير الخارجية البولندي راديك سيكورسكي، المخاوف من أن ترامب قد يكون مستعدًا لمنح بوتين تنازلات غير مسبوقة، ما سيؤدي إلى تقويض نفوذ أوروبا في المنطقة، كما اعتبر أن إعادة تأهيل بوتن سياسيًا يعزز موقفه، ويفتح الباب أمام مزيد من التوسع الروسي.
تحذيرات من فقدان النفوذ الغربي
وحذّر خبراء السياسة الخارجية من أن أي صفقة أمريكية روسية قد تضفي الشرعية على العدوان الروسي على أوكرانيا، ما سيضعف الموقف التفاوضي لكييف، وأشارت "سي إن إن" إلى أن وزير الدفاع بيت هيجسيث، صرح بأن الاتفاق المحتمل لن يشمل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ولن يتضمن نشر قوات أمريكية لحفظ السلام، ما يثير مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى فرض شروط مجحفة على كييف.
وذكرت "سي إن إن" أن ترامب أثار استياءً واسعًا داخل الناتو، عندما ألمح إلى أن الدول الأوروبية يجب أن تتولى مسؤولية أمنها بنفسها، وهو موقف يعكس تراجعه عن الالتزامات الأمريكية التقليدية تجاه الحلف. وأدى هذا إلى انقسامات حادة داخل أوروبا، حيث يسعى القادة الأوروبيون إلى تأمين دعم أمريكي مستمر لمواجهة التهديدات الروسية.
وتستضيف المملكة العربية السعودية هذه المحادثات، في إطار سعيها لتعزيز دورها كلاعب دولي مؤثر، لا سيما في ظل العلاقات الوثيقة التي تربطها بكل من روسيا وإدارة ترامب.
تقارب ترامب وبوتين
يرى مراقبون أن ترامب يسعى لإقامة علاقة وثيقة مع بوتين، وهو ما يثير قلق الدوائر السياسية في واشنطن وأوروبا، وانتقد العديد من المسؤولين الأمريكيين النهج الذي يتبعه ترامب في تعامله مع روسيا، معتبرين أنه يهدد المصالح الأمريكية طويلة الأمد ويمنح الكرملين نفوذًا أكبر في الساحة الدولية.