مع استمرار التوترات حول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عاد جماعة الحوثيين في اليمن، إلى تصدر المشهد بتهديدات مباشرة لإسرائيل، لتؤكد أن الحرب على غزة لم تعد مجرد صراع فلسطيني-إسرائيلي، بل امتدت إلى ساحات أخرى، وأصبحت جزءًا من معادلة إقليمية أوسع، تلعب فيها الجماعات المسلحة دورًا رئيسيًا.
ومع تصعيد الخطاب الإسرائيلي، وتلويح تل أبيب باستئناف العمليات العسكرية في القطاع، وجد الحوثيون فرصة لإعادة التلويح بورقة الهجمات ضد إسرائيل، في تهديد صريح يكشف عن استعدادهم للعودة إلى استهداف المصالح الإسرائيلية، برًا وبحرًا، في حال اندلاع مواجهة جديدة.
عودة التصعيد
وفي كلمة لزعيم جماعة الحوثي في اليمن عبد الملك الحوثي، عبر قناة "المسيرة" اليمنية، أكد أن جماعته "مستعدة تمامًا لتنفيذ هجمات جديدة ضد إسرائيل، إذا أقدمت الأخيرة على استئناف عدوانها على غزة ولم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف الحوثي أن حركته "لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما صعّدت إسرائيل من عملياتها ضد الشعب الفلسطيني"، مشددًا على أن الدعم الذي يقدمه الحوثيون لغزة هو "دعم استراتيجي ومستمر، ولن يتأثر بأي متغيرات سياسية".
وأشار الحوثي إلى أن إسرائيل "تراهن على الدعم الأمريكي، لكن عليها أن تفهم أن هذا الرهان لن يجدي نفعًا إذا استمرت في نهجها التصعيدي"، مضيفًا أن "المقاومة الفلسطينية ستجد الدعم من كل القوى المناهضة لإسرائيل في المنطقة، بما في ذلك من جماعة الحوثي".
وألقى "الحوثي"، كلمة بمناسبة ذكرى "هروب المارينز الأمريكي" من العاصمة صنعاء، إذ أكد أن مماطلة إسرائيل في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق اذا دفعت الأمور إلى التصعيد فسنكون حاضرين وبقوة، وقال: "أيدينا على الزناد وحاضرون للاتجاه الفوري للتصعيد ضد العدو الإسرائيلي إذا عاد للتصعيد على قطاع غزة".
300 هجوم ضد إسرائيل
وحسب "يديعوت أحرونوت" العبرية، فلا يمكن النظر إلى تهديدات الحوثي الأخيرة بمعزل عن سياق العمليات العسكرية التي نفذتها الجماعة خلال الأشهر الماضية، فمنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبرتبنى الحوثيون أكثر من 300 هجوم ضد أهداف إسرائيلية، شملت استهداف مدن في دولة الاحتلال بالصواريخ والطائرات المسيّرة، إضافة إلى عمليات استهداف السفن في البحر الأحمر.
كان الحدث الأبرز في سلسلة تصعيد الحوثيين، اقتياد سفينة الشحن "جالكسي ليدر" والسيطرة على طاقمها المكون من 22 شخصًا، ورغم أن الجماعة أعلنت لاحقًا الإفراج عن الطاقم، فإن العملية شكّلت مؤشرًا واضحًا على مدى قدرة الحوثيين على تهديد المصالح الإسرائيلية، ليس فقط في البر، بل أيضًا في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات التجارية في العالم.
تحول في الخطاب
في تطور لافت، تغيّر خطاب الحوثيين خلال الفترة الأخيرة، إذ انتقل من التأكيد على دعم غزة حتى "رفع الحصار ووقف العدوان"، إلى تبني موقف أكثر تشددًا، يتمثل في تبني خيار المقاومة حتى "تحرير كل شبر من فلسطين". ويعكس هذا التحول في التصريحات مستوى التصعيد الذي قد تتجه إليه الجماعة في حال انهيار وقف إطلاق النار واستئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية.
تهديد إسرائيلي بعودة الحرب
في المقابل، جاء الرد الإسرائيلي على شكل تهديدات مباشرة لحركة حماس، إذ أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في خطاب متلفز مساء الثلاثاء، أن "إسرائيل ستعود إلى القتال المكثف حتى تحقيق الهزيمة الكاملة لحماس، إذا لم يتم الإفراج عن جميع المحتجزين بحلول ظهر السبت المقبل".
ولم يقتصر التصعيد الإسرائيلي على تصريحات نتنياهو، بل جاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ليؤكد أن "اللعبة انتهت، وإذا لم تُعد حماس المحتجزين، فسوف تُفتح عليها أبواب الجحيم".
وقبل التهديد الإسرائيلي، دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة، حيث هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، بأن "وقف إطلاق النار سينتهي إذا لم تُعد حماس جميع المحتجزين بحلول ظهر السبت"، مشيرًا إلى أن بلاده لن تتساهل مع أي محاولة لعرقلة تنفيذ الاتفاق، وستفتح ما وصفه بـ"أبواب الجحيم".
وفي خطوة تصعيدية، وقع ترامب على أمر رئاسي يقضي بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تهدف إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على الجماعة، ومعاقبة أي جهة تقدم لها الدعم، وكانت إدارة بايدن قد أزالت الحوثيين من قائمة الإرهاب في عام 2021.
تداعيات محتملة
تفتح التهديدات المتبادلة بين الحوثيين وإسرائيل الباب أمام احتمالات تصعيد أوسع في المنطقة، خاصة مع استمرار حالة عدم اليقين حول مستقبل وقف إطلاق النار في غزة.
وفي حال عودة المواجهات العسكرية، فمن المرجح أن نشهد جولة جديدة من الهجمات الحوثية على إسرائيل، سواء عبر الطائرات المسيّرة أو عبر استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
أكد زعيمهم عبد الملك الحوثي، لن يتراجعوا عن موقفهم، ما يجعل المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة قد تعيد خلط الأوراق من جديد.