حذرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، من أن اندفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى ممارسة سلطات واسعة والوفاء بوعود حملته الانتخابية، يهدد سيادة القانون ويخاطر بالاستقرار العالمي.
وأوضحت الشبكة، أن ترامب عين الملياردير إيلون ماسك، على رأس إدارة الكفاءة الحكومية للقضاء على وكالات حكومية ضخمة مكرسة في القانون الأمريكي، وطرد العاملين الحكوميين في مجال المساعدات الإنسانية، ووضع خطة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة، وهي الخطوة التي تهدد السلام في الشرق الأوسط، وتصل في الواقع إلى حد التطهير العرقي.
كما ربط الدعم لأوكرانيا، بالحصول على المعادن الأرضية النادرة من كييف، وهدد بضم كندا، صديقة أمريكا، وهاجم نظام التجارة الحرة بالرسوم الجمركية.
وقالت الشبكة إن ترامب فعل كل هذا وأكثر، وهو يجلس في المكتب البيضاوي، يوزع السلطة بقلمه، ويرسم السياسة الخارجية على الفور، على الرغم من خطر إشعال الأزمات الدستورية في الداخل والاضطرابات في الخارج.
ولفتت الشبكة إلى أن ترامب، الماهر في إحداث الاضطرابات، لا يعتذر عن ذلك، فهو يزعم أنه يفعل ببساطة ما تريده البلاد. وقالت إن البيت الأبيض زعم أنه حقق انتصارات مبالغ فيها ووهمية، في إجبار دول نصف الكرة الغربي على استعادة المهاجرين غير الشرعيين، وفي الحصول على صفقة أفضل للسفن الأمريكية في قناة بنما، وفي إجبار كندا والمكسيك على تعزيز أمن الحدود، وتحرير المحتجزين في غزة.
على الصعيد المحلي، يشكل ترامب تهديدات لسيادة القانون على جبهات متعددة. وبعد ثلاثة أسابيع فقط من توليه منصبه، يعتقد العديد من المحللين القانونيين أن البلاد تتجه نحو أزمة دستورية غير مسبوقة.
وذكرت "سي إن إن" إن إدارة ترامب خلقت العديد من الاختبارات لسيادة القانون، بدءًا بمحاولة الرئيس لتجاوز المبدأ الدستوري للمواطنة بالولادة، لدرجة أن العديد من القضاة تدخلوا لتجميد خططه.
وأثبت ترامب احتقاره للديمقراطية برفضه قبول نتيجة انتخابات عام 2020، وبالعفو عن مئات من مثيري الشغب الذين حاولوا إبقاءه في السلطة في السادس من يناير 2021.
وخلال الأسابيع الأولى من توليه السلطة، أثار ترامب قلقًا خاصًا من خلال محاولته ببساطة إغلاق وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومكتب حماية المستهلك المالي، وتم إنشاء كل من هذه المؤسسات بموجب قانون صادر عن الكونجرس، وبالتالي فهي متجذرة في القانون.
وتأججت المخاوف من أن ترامب يخطط لتجاهل سلطة فرع آخر من الحكومة، السلطة القضائية، أمس الاثنين، عندما أمر قاضٍ فيدرالي الإدارة للمرة الثانية باستعادة مدفوعات المنح والقروض.
وقال جون ماكونيل رئيس قضاة رود آيلاند، إن الإدارة انتهكت تعليماته السابقة بإلغاء تجميد مليارات الدولارات من المساعدات الفيدرالية.
وفي قضية أخرى في واشنطن العاصمة، قال موظفون فيدراليون لقاضٍ إن الإدارة فشلت في إعادة عمال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذين تم وضعهم في إجازة.
وترى "سي إن إن" أن المخاوف المتزايدة من إدارة خارجة عن القانون تغذيها علامات متعددة تُشير إلى أن ترامب يرى أن سيادة القانون مصدر إزعاج.
على سبيل المثال، أقال العشرات من المدعين العامين الذين شاركوا في قضايا السادس من يناير، بعد وقت قصير من عودته إلى البيت الأبيض.
كما أن الدور البارز الذي يلعبه ماسك، رائد التكنولوجيا الذي يرأس وزارة الكفاءة الحكومية في إدارة ترامب، في تمزيق قطاعات واسعة من الحكومة الفيدرالية، يثير قلق خبراء الأخلاقيات في ضوء العقود الحكومية الضخمة التي تتمتع بها شركاته، بما في ذلك "سبيس إكس".
وزاد ترامب من هذه المخاوف، أمس الاثنين، عندما أقال رئيس مكتب أخلاقيات الحكومة، الذي لم يتم تثبيته في منصبه إلا في أواخر العام الماضي، جاء ذلك في الوقت الذي منح فيه الرئيس عفوًا كاملًا لحاكم ولاية إلينوي السابق رود بلاجوفيتش، الذي أدين بتهم متعددة، بما في ذلك محاولة بيع مقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي كان يشغله أوباما في السابق.
وفي الوقت نفسه، أصدرت وزارة العدل التابعة لترامب تعليماتها للمدعين العامين بإسقاط قضية الفساد الفيدرالية ضد عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز، وزعمت الوزارة أن هذه المزاعم كانت تعمل على تشتيت انتباه العمدة الديمقراطي عن مساعدة جهود ترامب في إنفاذ قوانين الهجرة، وبالتالي تعزيز المخاوف من أنه يخطط لاستخدام وزارة العدل للمقايضة للحصول على مزايا سياسية.
وحاول الرئيس الأمريكي أيضًا نشر سلطاته التنفيذية في الخارج، مؤكدًا جديته في تنفيذ خطته للاستيلاء على غزة، وإجبار كندا على أن تصبح الولاية رقم 51.