الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وسط تهديدات وضغوط أمريكية.. كندا تواجه تحديات اقتصادية كبرى

  • مشاركة :
post-title
كندا تعاني من سياسات نقدية ضاغطة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة في أمريكا الشمالية، تجد كندا نفسها في موقف حساس، حيث يهدد تباطؤ نموها الاقتصادي واستمرار الفجوة بينها وبين الولايات المتحدة بمضاعفة الأعباء التي تواجهها.

وبينما يتجه الاقتصاد الأمريكي نحو استقرار نسبي بعد تجاوز صدمة التضخم، تُعاني كندا من سياسات نقدية ضاغطة، وضعف الاستثمارات، ومخاوف من تصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، ومع تلويح ترامب بإعادة فرض رسوم جمركية على الصلب والألومنيوم، يبرز التساؤل إلى أي مدى يمكن لكندا تحمّل هذه الضغوط؟

اختلاف اقتصادي

وفقًا لموقع "أكسيوس" الأمريكي، يتضح أن الأداء الاقتصادي المتباين بين الولايات المتحدة وكندا يمنح واشنطن نفوذًا أكبر في أي مواجهة تجارية محتملة، فقد شهد الاقتصاد الأمريكي نموًا بمعدل سنوي يبلغ 2.8% خلال العامين الماضيين، بينما لم يتجاوز معدل النمو في كندا 1.2% خلال الفترة ذاتها.
أما على صعيد سوق العمل، فإن معدل البطالة في الولايات المتحدة لا يزال منخفضًا عند 4%، مقارنة بـ 6.6% في كندا، مما يعكس فجوة واضحة في القوة الاقتصادية بين البلدين، ويقول دوج بورتر، كبير الاقتصاديين في بنك مونتريال، لموقع "أكسيوس": "من الغريب أن يكون هناك هذا التفاوت الكبير بين الاقتصادين كما رأينا خلال العامين الماضيين".

اختلاف المسارات

منذ تفاقم التضخم العالمي، عمدت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد، في محاولة لكبح ارتفاع الأسعار، لكن في كندا، أدى هذا الإجراء إلى ضغوط مالية إضافية، لا سيما أن القروض العقارية تم تعديلها وإعادة تسعيرها في غضون ثلاث سنوات فقط، ما زاد من الأعباء على الكنديين.
وعلى عكس الولايات المتحدة، التي تباطأ فيها الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، بدأ بنك كندا بخفض الفائدة بوتيرة أسرع منذ يونيو، حيث خفضها بنقطتين مئويتين، وهي نسبة أعلى بمقدار نقطة كاملة من التخفيضات التراكمية التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي تم تعليقها حاليًا.
وفي هذا الصدد، يوضح بورتر: "خلال معظم العشرين عامًا الماضية، كانت أسعار الفائدة في كندا والولايات المتحدة متشابهة إلى حد كبير، لكن الوضع الحالي يعكس ظروفًا استثنائية تؤدي إلى فجوة غير مسبوقة في السياسات النقدية بين البلدين".

فرض الرسوم الجمركية

إلى جانب التحديات الاقتصادية الداخلية، تواجه كندا خطرًا آخر يتمثل في تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على واردات الصلب والألومنيوم، ومن المتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن هذه الخطوة يوم الاثنين؛ مما يثير قلق كندا كونها المورد الرئيسي لواردات الصلب الأمريكية.
ورغم أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت كندا ستُستثنى من هذه الرسوم، فإن تأثير مثل هذه الإجراءات على اقتصادها قد يكون عميقًا. ففرض الرسوم الجمركية سيؤدي إلى تراجع الصادرات الكندية من الصلب، وهو ما سيضر بقطاع التصنيع ويؤثر سلبًا على سوق العمل. وفي الوقت نفسه، تراهن الأسواق المالية على هذه الإجراءات، حيث شهدت أسهم الشركات الأمريكية المنتجة للصلب ارتفاعًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة.

ذكريات 2018 تعود إلى الواجهة

لا تعد هذه المرة الأولى التي تواجه فيها كندا هذا النوع من التحديات التجارية. ففي عام 2018، فرض ترامب تعريفات جمركية مماثلة على الصلب والألومنيوم؛ مما أدى إلى انخفاض صادرات كندا من الألومنيوم بنسبة 20%، وتراجع صادراتها من الصلب بنسبة 40%، وفقًا لتقرير صادر عن بنك TD الكندي.
ورغم هذه الضغوط، استمر الاقتصاد الكندي في النمو، وإن كان بوتيرة أبطأ، كما ظلت معدلات البطالة والتضخم في مستويات مستقرة، إلا أن الوضع الاقتصادي اليوم يختلف كثيرًا عن عام 2018، حيث يعاني الاقتصاد الكندي بالفعل من تباطؤ النمو، وضعف الاستثمارات، وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما قد يجعل تأثير التعريفات الجمركية أكثر قسوة هذه المرة.