بدأت الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة جديدة من التغيير الجذري مع تولي راسل فوت منصب مدير مكتب الإدارة والميزانية في إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الثانية، في خطوة تهدف إلى إحداث تحول عميق في هيكل المؤسسات الفيدرالية.
وكشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن خطط طموحة وغير مسبوقة يقودها فوت لإعادة تشكيل أسس الحكومة الأمريكية.
حرب مفتوحة على البيروقراطية
في غضون 19 يومًا فقط من تولي ترامب السلطة، اتخذت إدارته سلسلة من القرارات التنفيذية الحاسمة التي تحمل بصمات فوت الواضحة، وأشارت "بوليتيكو" إلى أن هذه القرارات شملت إلغاء الحماية الوظيفية لآلاف الموظفين الفيدراليين وتجميد التعيينات الجديدة في المؤسسات الحكومية.
الأهم من ذلك، تم إطلاق مراجعة تفصيلية لكل سطر من الإنفاق الفيدرالي للتأكد من عدم توجيه أي أموال نحو برامج التنوع والمساواة والشمول أو أي قضايا تتعارض مع رؤية ترامب.
ووفقًا لمصادر مطلعة تحدثت لـ"بوليتيكو"، تعكس هذه الخطوات رؤية فوت العميقة لتفكيك ما يسميه ترامب بـ"الدولة العميقة"، التي يعتقد أنها عملت على عرقلة أجندته خلال فترة رئاسته الأولى.
وأضافت المصادر أن فوت يسعى لإحداث "صدمة" في القوى العاملة الفيدرالية وتفكيك ما يصفه بـ"النظام النخبوي" الذي يرى أنه طالما قمع المحافظين.
استراتيجية التغيير الجذري
وكشفت الصحيفة عن تفاصيل حول شخصية فوت وأسلوبه في العمل، فخلال أكثر من عقدين في واشنطن، اكتسب سمعة كمحافظ مالي صارم يؤمن بالميزانيات المتوازنة وخفض معدلات الضرائب.
ويصفه المقربون منه بأنه "استراتيجي ومفكر متعمق" يقضي عطلات نهاية الأسبوع في دراسة وثائق الميزانية، وأنه الوحيد من إدارة ترامب الأولى الذي يعود إلى نفس منصبه.
ونقلت "بوليتيكو" عن شخص مقرب من فوت قوله: "إذا كنت مقتنعًا حقًا بأن التقدمية تهدد الأمة وتهدد الثقافة الصحية، فستريد حقًا مهاجمتها.. إنه شخص لطيف ومهذب، لكنه يرى التقدمية كقوة حقيقية مثيرة للازدراء تحتاج إلى نزع سلاحها".
معركة السلطات والصلاحيات
يواجه فوت تحديات كبيرة في تنفيذ خطته الطموحة، خاصة في ما يتعلق بنظريته حول "الاحتجاز"، وهي فكرة تقوم على أن الرئيس يمكنه تجاهل توجيهات الكونجرس بشأن الإنفاق.
وأثار مكتبه هذه القضية بالفعل عندما أصدر مذكرة غامضة الصياغة الأسبوع الماضي، بدت وكأنها تفرض تجميدًا شاملًا للإنفاق الفيدرالي، ما أدى إلى تحديات قانونية سريعة.
وفي هذا السياق، قال جيمس كابريتا، الذي شغل منصب المدير المشارك لمكتب الميزانية في البيت الأبيض خلال إدارة جورج دبليو بوش: "سينتظرون حتى يكون لديهم قضية نظيفة وواضحة للقيام بشيء ما، ثم سيحاولون المضي قدمًا ببعض السلطة.. إنهم جيدون في محاولة التأكد من أنها موجهة إلى الأماكن التي يعتقدون أن لديهم فرصة جيدة للفوز بالقضية فيها".
تحديات وتحالفات
يأتي تعيين فوت في وقت يشهد تحولات كبيرة في الإدارة الأمريكية، وأشارت "بوليتيكو" إلى تقاطع محتمل بين مهامه ومهمة إيلون ماسك في "إدارة كفاءة الحكومة"، التي تركز بشكل خاص على مراجعة ميزانيات المؤسسات الفيدرالية.
ويواجه فوت تحديات فورية تتعلق بإعداد ميزانية الرئيس وإدارة الأموال الفيدرالية التي ستنفد في منتصف مارس.
وفي الوقت نفسه، يعمل الكونجرس على تشريعات تسوية الميزانية لتعزيز أولويات ترامب، مثل الإصلاح الضريبي وأمن الحدود.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول سابق في البيت الأبيض تأكيده أن فوت "ليس شخصًا يمكن التلاعب به، عندما لا يتمكن من تحقيق أهداف الرئيس في البداية، لا يستسلم.. بل يضاعف جهوده".
وفي المقابل، يستعد الديمقراطيون في الكونجرس لمواجهة توجيهات فوت من خلال تحديات قانونية قد تصل إلى المحكمة العليا.
وتقول النائبة الديمقراطية روزا ديلاورو إنها عقدت اجتماعات مع مجموعات تعليمية ومجموعات المحاربين القدامى لمشاركة خططه معهم، واصفة إياه بأنه "شخص خطير على حكومتنا".