في ظل تصاعد العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، تتكشف العديد من القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، إحداها أثارت جدلاً واسعًا بعد انتشار مقطع فيديو يوثق جريمة الجندي الإسرائيلي الذي أُدين بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد أسرى فلسطينيين من غزة في مركز الاعتقال العسكري سديه تيمان، سيئ السمعة.
إدانة الجندي
أصدرت محكمة عسكرية في دولة الاحتلال، وفق صحيفة "هاآرتس" العبرية، حكمًا بالسجن 7 أشهر على جندي احتياط، لم يُذكر اسمه، بعد إدانته بسوء معاملة أسرى فلسطينيين، ووفقًا لقوات الاحتلال الإسرائيلية، اعتدى الجندي على الأسرى المقيدين ومعصوبي الأعين عبر لكمهم واستخدام سلاحه ضدهم.
وأشارت "هاآرتس" إلى أن الجندي أجبر الأسرى الفلسطينيين على التلفظ بعبارات مهينة وإصدار أصوات حيوانية، بينما كانوا مقيدين ومعصوبي الأعين.
واعترف الجندي بارتكاب 3 تهم تتعلق بالإساءة المشددة، بالإضافة إلى تهمة تتعلق بالسلوك غير اللائق، وذلك ضمن صفقة إقرار بالذنب مع الادعاء، وتعود الحوادث إلى الفترة بين يناير ويونيو 2024، عندما كان الجندي مكلفًا بحراسة شاحنات تنقل المحتجزين.
مشاركة جنود آخرين في الانتهاكات
بحسب تقرير "هاآرتس"، لم يكن الجندي وحده في تنفيذ هذه الاعتداءات، إذ شاركه جنود آخرون ملثمون في الانتهاكات، لكن هوياتهم لا تزال مجهولة، وأشارت المحكمة العسكرية في "بيت ليد" إلى أن تحقيقاتها ما زالت جارية لمعرفة المزيد عن المتورطين.
إلى جانب عقوبة السجن، تم تخفيض رتبة الجندي إلى جندي عادي، بالإضافة إلى فرض عقوبة سجن مع وقف التنفيذ، وذلك وفقًا لبيان جيش الاحتلال.
سديه تيمان مركز الانتهاكات
تم إنشاء مركز الاحتجاز "سديه تيمان" بعد بدء حرب غزة قبل خمسة عشر شهرًا، وسرعان ما أصبح محل تقارير عديدة حول انتهاكات حقوق الإنسان. وفي يوليو، اقتحم متظاهرون من اليمين المتطرف القرية بعد أن قامت الشرطة العسكرية الإسرائيلية باستجواب تسعة جنود احتياط يشتبه في تورطهم في عنف جنسي ضد أحد المعتقلين وإحداث إصابة تهدد حياته، حيث تم اعتقال العديد منهم لاحقًا.
في أكتوبر، أصدرت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة تقريرًا يفيد بأن آلاف الأطفال والبالغين الأسرى من غزة تعرضوا لانتهاكات جسدية ونفسية واسعة النطاق، بالإضافة إلى تعرضهم لعنف جنسي وعنف قائم على النوع الاجتماعي، وهي ممارسات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ومع ذلك، رفضت الحكومة الإسرائيلية هذه الاتهامات، مؤكدة التزامها بالمعايير القانونية الدولية، وادعت أنها تُجري تحقيقات شاملة في كل شكوى تتعلق بسوء معاملة المعتقلين.
الحرب على غزة
بدأت إسرائيل حربها على غزة في أعقاب هجوم غير مسبوق لحركة حماس في 7 أكتوبر 2023، ومنذ ذلك الحين، استُشهِد أكثر من 47,550 شخصًا في غزة، وفقًا للصحة الفلسطينية.
وبحسب منظمة "هموكيد" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فإن 1802 فلسطيني من غزة محتجزون حاليًا في السجون الإسرائيلية بتصنيف "مقاتلين غير شرعيين"، وهو تصنيف يسمح باحتجازهم لفترات طويلة دون محاكمة عادلة، ولا يشمل هذا الرقم المعتقلين الذين لا يزالون قيد الاحتجاز لدى القوات العسكرية الإسرائيلية.
ونقلت "هيئة الإذاعة الأسترالية" عن رضا عبيد، شاب في الثامنة عشرة من عمره، الذي روى تجربة اعتقال مريرة في سجن مجدو الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنه أصيب بالجرب أثناء احتجازه في السجن بسبب الأوضاع المعيشية غير الإنسانية.
وقال "رضا": "كانوا يكبلوننا ويجبروننا على النباح مثل الكلاب، وحين نُقلنا إلى سجن مجدو، تم تجريدنا من ملابسنا وضُربنا بقسوة كجزء من طقوس الترحيب هناك، وكنا نرتدي الملابس نفسها منذ 7 أكتوبر حتى 20 نوفمبر، دون إمكانية الاستحمام أو تغيير الملابس، ما تسبب في إصابتي بالجرب"، ولم يتمكن من الحصول على رعاية طبية إلا بعد إطلاق سراحه، ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية.
وأضاف: "لم أكن أستطيع الحديث، لأنهم كانوا ينهالون علينا بالضرب عند أي كلمة ننطق بها"، حتى في الأيام الأخيرة قبل إطلاق سراحه، مُنع من الاستحمام، ليبقى جسده المثقل بالجروح شاهدًا على قسوة المعاملة.
ويذكر أنه في مهد الحرب الإسرائيلية على غزة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت إن جنوده يحاربون "حيوانات بشرية" حين أعلن فرض حصار كامل على قطاع غزة، وأضاف: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة.. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام.. نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقًا لذلك".