الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

روسيا والصين تتفوقان وأمريكا تتراجع.. سباق النفوذ في القطب الشمالي

  • مشاركة :
post-title
القطب الشمالي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تفوق روسي متزايد في منطقة القطب الشمالي، مدعومًا بتحالف استراتيجي مع الصين، في وقت تتراجع فيه القدرات الأمريكية بشكل ملحوظ في المنطقة، خاصة وأن هذا التطور يأتي في ظل تغيرات مناخية متسارعة تفتح آفاقًا جديدة للتنافس على موارد المنطقة وطرقها البحرية الاستراتيجية.

معركة جديدة

تشهد منطقة القطب الشمالي تحولات جذرية غير مسبوقة في تاريخها الحديث، ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، ارتفعت درجات الحرارة في المنطقة بمعدل يفوق أربعة أضعاف المتوسط العالمي خلال العقود الأخيرة، في ظاهرة يطلق عليها العلماء اسم "التضخم القطبي".

وقد أدى هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة إلى تقلص مساحة الغطاء الجليدي بشكل كبير، إذ انخفضت من 2.7 مليون ميل مربع في عام 1979 إلى 1.7 مليون ميل مربع في 2024، وهو ما يعادل فقدان مساحة تضاهي مساحة الأرجنتين خلال أقل من خمسة عقود.

هذا التغير المناخي الهائل فتح الباب على مصراعيه أمام سباق محموم بين القوى العالمية للسيطرة على المنطقة، وتجلى ذلك في سلسلة من المناورات العسكرية المتبادلة، حيث قامت الغواصات النووية الروسية بإجراء تدريبات على إطلاق صواريخ كروز بالقرب من الدول الأعضاء في حلف الناتو "النرويج وفنلندا والسويد".

وقد جاءت هذه التدريبات في أعقاب مناورات عسكرية أجراها حلف شمال الأطلسي في المياه المتجمدة شملت عمليات إنزال برمائية.

موسكو وبكين

أدت العزلة الدولية المتزايدة التي تواجهها روسيا منذ الحرب مع أوكرانيا عام 2022 إلى تعميق تحالفها مع الصين في المنطقة القطبية، ويتجلى هذا التعاون في مستويات متعددة، بدءًا من الاستثمارات الصينية الضخمة في مشاريع الطاقة الروسية، مثل مشروعي "يامال" للغاز الطبيعي المسال، و"آركتيك 2"، وصولًا إلى التعاون العسكري المتنامي.

وفي تطور لافت، شهد عام 2024 تنفيذ أول دورية مشتركة بين خفر السواحل الصيني وحرس الحدود الروسي في المنطقة القطبية.

كما نفّذت قاذفات من البلدين طلعات جوية مشتركة بالقرب من ألاسكا، في خطوة وصفها السناتور الجمهورية ليزا موركوفسكي بأنها "استفزاز غير مسبوق من قبل الخصوم".

وتؤكد "وول ستريت جورنال" أن هذه التحركات تمثل أول عملية من نوعها في تاريخ العلاقات بين البلدين.

تفوق روسي ساحق

تكشف المقارنة بين القدرات الروسية والأمريكية في المنطقة عن فجوة كبيرة لصالح موسكو، إذ تمتلك روسيا أسطولًا ضخمًا من كاسحات الجليد يضم أكثر من 36 سفينة، معظمها يعمل بالطاقة النووية، ما يمنحها قدرة أكبر وتحملًا أطول في البحر.

في المقابل، تمتلك الولايات المتحدة ثلاث كاسحات جليد فقط، إحداها يبلغ عمرها 50 عامًا، وأخرى خرجت من الخدمة العام الماضي بسبب حريق على متنها.

ويزداد الأمر خطورة مع غياب الموانئ الأمريكية للمياه العميقة في المنطقة القطبية، وافتقار معظم أراضي ألاسكا للطرق وخطوط السكك الحديدية. وقد اعترفت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في عام 2023 بأن قدرة موسكو على الحفاظ على وجود قوي في المحيط المتجمد الشمالي تفوق قدرات واشنطن، ما يضعف الأمن الأمريكي.

هيمنة روسية وتطلعات صينية

تساهم المنطقة القطبية الروسية بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتشمل 17% من مبيعات النفط و80% من الغاز الطبيعي وثلث إنتاج الأسماك، وفي المقابل، لا تتجاوز مساهمة ألاسكا 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في عام 2023.

وتسعى الصين، التي أعلنت نفسها "دولة قريبة من القطب الشمالي" في عام 2018، إلى توسيع نفوذها في المنطقة، ورغم أن أقصى نقطة شمالية في أراضيها تبعد أكثر من 900 ميل عن الدائرة القطبية الشمالية، أرسلت ثلاث كاسحات جليد إلى المنطقة العام الماضي، في خطوة تعكس طموحاتها المتنامية.

وتخلص "وول ستريت جورنال" إلى أن المنطقة القطبية تحولت إلى ساحة جديدة للمنافسة الجيوسياسية، حيث تتفوق روسيا بدعم صيني على الولايات المتحدة في السباق للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية، ومع استمرار ذوبان الجليد وانفتاح طرق ملاحية جديدة، من المتوقع أن تزداد حدة المنافسة على موارد المنطقة وممراتها البحرية في السنوات المقبلة.