الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"جرينلاند" و"سفالبارد".. صراع ترامب وبوتين للسيطرة على القطب الشمالي

  • مشاركة :
post-title
بينما يتحدث ترامب عن أحلامه التوسعية قد تجذب سفالبارد أنظار بوتين

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

عندما أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن احتمالية القيام بعمل عسكري للاستيلاء على جزيرة جرينلاند من الدنمارك. بدا أنَّ هناك تصاعدًا خطيرًا في المنافسة للسيطرة على منطقة القطب الشمالي الأوسع ومواردها المعدنية الهائلة والممرات المائية الرئيسية.

ففي الوقت نفسه، وبينما يتحدث ترامب عن أحلامه التوسعية لمستقبل أمريكا، تراقب دول القطب الشمالي الأخرى بحذر، مثل النرويج وجزر سفالبارد الواقعة في أقصى الشمال المتجمد.

وقد تجذب سفالبارد أنظار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لخوض هذه المنافسة، كما يشير تقرير للنسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو".

وكان أحد كبار مساعدي ترامب أكد أن "خطة جرينلاند" تتعلق بديناميكيات جيوسياسية أوسع نطاقًا، إذ تنظر الولايات المتحدة إلى روسيا بشكل متزايد كمنافس على التفوق في القطب الشمالي.

وقال مايك والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، على قناة "فوكس نيوز"، الأربعاء الماضي: "لا يتعلق الأمر فقط بجرينلاند، بل يتعلق الأمر بالقطب الشمالي.. لدينا هنا روسيا التي تحاول أن تصبح ملكة.. يتعلق الأمر بالنفط والغاز، وبأمننا القومي، وبالمعادن الحيوية".

سفالبارد

رغم المخاوف الغربية، نفى رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره، أمس الخميس، أية مخاوف بشأن احتمال تعرض أرخبيل سفالبارد للخطر.

وقال "ستوره" لهيئة الإذاعة النرويجية (NRK): "سفالبارد هي النرويج، وسفالبارد آمنة".

ولكن سفالبارد، -موطن الدببة القطبية التي تملؤها أكثر من عدد سكانها- تقع على طول طريق بحري يتعين على الأسطول الشمالي الروسي أن يمر به للوصول إلى المحيط الأطلسي، ما يجعلها مهمة استراتيجيًا لموسكو، على الرغم من أنها تمتلك بالفعل المزيد من الأراضي في القطب الشمالي مقارنة بأي دولة أخرى.

ويعيش في سفالبارد نحو 2500 شخص، ويسكنها روس يعود تاريخهم إلى الحقبة السوفييتية، ويعيش معظمهم في ثاني أكبر مدينة وهي بارنتسبورج.

كما تضم ​​الجزيرة بلدة بيراميدن، وهي بلدة مهجورة لتعدين الفحم، حيث لا يزال تمثال الزعيم السوفييتي الراحل فلاديمير لينين يطل على الساحة المركزية.

وتمنح معاهدة سفالبارد، التي تم توقيعها في عام 1920 -والتي تضم حاليًا 48 طرفًا بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا واليابان- السيادة على الأرخبيل للنرويج، ولكنها تسمح لجميع الموقعين الآخرين على الاتفاقية باستغلال موارده الطبيعية.

ومع ذلك، فإن روسيا والنرويج فقط هما من يستخدمان هذا الحق اليوم.

أيضًا، تعد سفالبارد منطقة منزوعة السلاح وخالية من التأشيرات بفضل المعاهدة، وفي حين تجذب بشكل أساسي الباحثين والسياح، يعمل معظم سكان المنطقة في صناعة التعدين.

غليان الجليد

في عام 2022، عندما بدأت النرويج في منع السفن الروسية المتجهة إلى بارنتسبورج للامتثال للعقوبات الاقتصادية التي تستهدف موسكو، أُصيب الكرملين بالغضب، واتهم النرويج بانتهاك حقوق الإنسان.

وفي عام 2024، نصبت روسيا -بشكل استفزازي- الأعلام السوفييتية في مدينتي بارنتسبورج وبيراميدن اللتين يسكنهما الروس، وأعلنت أنها ستفتح مركزًا علميًا جديدًا للأبحاث القطبية.

وأمس الخميس، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إنَّ موسكو تتابع التطورات في جرينلاند باهتمام.

وأضاف "بيسكوف"، وفق إفادة صحفية: "القطب الشمالي هو منطقة مصالحنا الوطنية ومصالحنا الاستراتيجية. نحن مهتمون بالحفاظ على أجواء السلام والاستقرار في منطقة القطب الشمالي".

هكذا، حذر مراقبو القطب الشمالي من أن الخطر الأكبر الناجم عن إصرار ترامب على الاستيلاء على جرينلاند هو "الإلهام المحتمل" الذي قد يمنحه للقوى المنافسة للبدء في التصرف بنفس النهج التوسعي، حسب التقرير.

ونقلت "بوليتيكو" عن أندرياس أوستهاجن، الباحث في معهد "فريدجوف نانسن" النرويجي في أوسلو، أن تصريحات مثل تصريحات ترامب قد تثير جهات أخرى، روسيا أو الصين على وجه الخصوص "لتنظر إلى استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى لتحقيق مصالحها الوطنية كوسيلة مشروعة للعمليات في الشؤون الدولية".

ولفت التقرير إلى أنه بالنسبة للصين، من المرجح حاليًا أن ينطوي ذلك على عدوان ضد تايوان، وليس في القطب الشمالي.

وأضاف أوستهاجن أنه "بينما جرينلاند بعيدة للغاية عن روسيا، لكن هناك أهدافًا أخرى مثل الحدود الفنلندية، أو أرخبيل سفالبارد النرويجي، أو حتى الحدود البحرية بين الولايات المتحدة وروسيا".

سيطرة النرويج

وبينما لا يبدو أن بكين لديها طموحات عسكرية في منطقة القطب الشمالي، زعم اثنان من أعضاء الكونجرس الأمريكي، أحدهما ديمقراطي والآخر جمهوري، في أكتوبر الماضي، أن النرويج ليس لديها سيطرة كافية على الباحثين الصينيين في محطة نهر يلو في سفالبارد حيث تجرى الدراسات العلمية.

ونقل التقرير عن توري ويج، باحث العلوم السياسية بجامعة أوسلو، أن النرويج -بصراحة- يجب أن تعيد النظر في سياستها الأمنية في ما يتعلق بسفالبارد والقطب الشمالي.

وقال ويج عن احتمال محاولة واشنطن وموسكو تقسيم القطب الشمالي: "ينبغي لنا أن نشعر بالقلق من أن سفالبارد قد تُستخدم كورقة مساومة في إبرام الصفقات المتعلقة بأمن القطب الشمالي".

وأضاف: "عندما لا تحترم الولايات المتحدة المعاهدات الدولية -وهو ما يظهره ترامب في تعليقاته بشأن جرينلاند- فإن هذا يضع كل شيء في الحسبان".

وعلى الرغم من الخطاب المتزايد حماسة في معسكر ترامب بشأن القطب الشمالي، لا يزال من الممكن خفض درجة الحرارة بشأن جرينلاند، وفقًا لقول جيم تاونسند، المسؤول السابق في البنتاجون عن حلف شمال الأطلسي وأوروبا.

وقال تاونسند: "أعتقد أن إصلاح هذه المشكلة يتطلب من الدنماركيين وسكان جرينلاند أن يذهبوا إلى ترامب ويقولوا له: ما هي المشكلة التي تواجهها؟ ولنعمل معًا على إصلاحها.. على الأقل، لاكتشاف ما هي التفاصيل، لأن ترامب لم يقل ما يقلق بشأنه".