الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الغضب يتصاعد داخل الحزب.. الديمقراطيون يبحثون عن قادتهم

  • مشاركة :
post-title
الحزب الديمقراطي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بينما تبدو القيادة الجمهورية في أمريكا متحدة ومتماسكة، يتخبط الديمقراطيون في حالة من الضياع والارتباك، متسائلين: أين قادتهم؟.

وحسب مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، يواجه الحزب الديمقراطي الأمريكي أزمة هوية وقيادة تُثير تساؤلات كثيرة بين أعضائه.

فبينما تتوالى تداعيات الخسائر الانتخابية (رئاسة وكونجرس) على الحزب الديمقراطي، يعبّر الناشطون عن إحباطهم من غياب استجابة قوية ومنسقة من قادة الحزب تجاه التحديات المتزايدة التي يفرضها دونالد ترامب وإدارته.

غضب مقابل استجابة باهتة

منذ خسارة كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (نوفمبر 2024) يعبّر الديمقراطيون عن استيائهم من الطريقة التي تعامل بها الحزب مع تداعيات الهزيمة، فالقرار الأولى بإعادة ترشيح جو بايدن لم يُقابل بحماس كبير، لا سيما بعد الكشف عن التفاصيل التي أظهرت مدى هشاشة وضعف قيادة الحزب في تلك المرحلة، ومع ذلك، فإن أكثر ما يثير الغضب الآن هو غياب موقف واضح من قبل القادة المنتخبين، الذين يبدو أنهم غير متأثرين بما يجري.

تقول شانون واتس، مؤسسة مجموعة "أمهات يطالبن بالعمل"، معبّرة عن هذا الإحباط: "لقد اعتقدت أن حزبنا سيكون مستعدًا لمواجهة هذه اللحظة، لكنني كنت مخطئة، لقد دخلنا معركة حاسمة ونحن غير مجهزين إلا بعصا جبن".

دونالد ترامب
تردد أمام سياسات ترامب

مع بداية ولاية ترامب الثانية، تزايدت الإجراءات المثيرة للجدل، مثل العفو عن بعض مثيري الشغب في أحداث 6 يناير، وفرض رسوم جمركية تهدد الاقتصاد، إضافة إلى قرارات إدارية تمس الفئات الأكثر ضعفًا، لكن رغم ذلك، لم يواجه القادة الديمقراطيون هذه السياسات بردود أفعال غاضبة ومباشرة.

على سبيل المثال، لم يُظهر أي من القادة المحتملين للحزب، مثل حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم أو حاكمة ميشيجان جريتشن ويتمر، أي تصعيد واضح، بل إن بعضهم فضّل التحدث بلغة التهدئة، حيث قالت ويتمر: "أنا لا أبحث عن المعارك، أنا دائمًا أبحث عن التعاون".

أما زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، فقد جاءت تصريحاته بعيدة عن الحدة المطلوبة، إذ قال تعليقًا على تهديدات ترامب الاقتصادية: "الله لا يزال على العرش"، وهو تصريح أثار استياء الكثيرين الذين رأوا فيه تهربًا من المواجهة الحقيقية.

ضعف الرسائل الإعلامية

في مواجهة سياسات ترامب، لم تكن استجابة الحزب الديمقراطي على المستوى المطلوب، فبعد أن أصدرت إدارة ترامب قرارًا بتجميد التمويل الفيدرالي، بما في ذلك تمويل أبحاث السرطان وبرامج الإغاثة، عقد الديمقراطيون اجتماعًا طارئًا بعد 24 ساعة فقط من صدور القرار، وهو تأخير أثار استياء القواعد الشعبية، وحتى بعد أن ألغى البيت الأبيض القرار، لم ينجح الديمقراطيون في استغلال الحدث لصالحهم بشكل فعال.

ويشير محللون إلى أن مشكلة الحزب الديمقراطي تكمن في ضعف رسالته الإعلامية، وعدم قدرته على جذب الانتباه بطرق مؤثرة، فعلى سبيل المثال، لا تزال اللجنة الوطنية الديمقراطية تعتمد على شعارات قديمة من حقبة أوباما، مثل "ترامب يركّز على وول ستريت وليس على الشارع الرئيسي"، وهي عبارات لم تعد تواكب اللحظة السياسية الحالية.

جو بايدن
الحاجة إلى قيادة جديدة

في ظل هذا الفراغ القيادي، يترقب الديمقراطيون انتخاب رئيس جديد للجنة الوطنية الديمقراطية، على أمل أن يتمكن من توجيه الحزب بشكل أكثر فاعلية، فاللجنة، رغم أنها ليست الجهة الأكثر نفوذًا داخل الحزب، إلا أنها قادرة على رسم الاستراتيجيات الإعلامية والسياسية للحزب في المستقبل.

يُنظر إلى المرشحين الرئيسيين لهذا المنصب، كين مارتن وبن ويكلر، على أنهما يمتلكان رؤية واضحة لإعادة توجيه الحزب. ويقول مارتن، الذي يرأس الحزب الديمقراطي في مينيسوتا: "إذا لم نقف الآن، فكيف سيصدق الناس أننا سنقاتل من أجلهم عندما نعود إلى السلطة؟".

مخاوف الأخطاء السابقة

ومع ذلك، هناك مخاوف من أن انتخاب رئيس جديد للجنة الوطنية الديمقراطية قد لا يكون كافيًا لمعالجة المشكلات الأعمق داخل الحزب، فالمؤتمر الوطني الديمقراطي الأخير كشف عن حالة من الفوضى والانقسام داخل الحزب، حيث طغت قضايا التنوع والاحتجاجات المناخية على النقاشات، ما جعل الحزب يبدو أكثر تشتتًا من أي وقت مضى.

وفي ظل استمرار تردد القادة التقليديين، أصبح بعض الديمقراطيين يطالبون بوجوه جديدة تتحدث بلغة مباشرة وفعّالة، فعلى سبيل المثال، أثبتت النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز قدرتها على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمهارة لإيصال رسائل الحزب بشكل أفضل، بينما لجأ حاكم إلينوي جيه بي بريتزكر إلى اتخاذ قرارات جريئة لمواجهة سياسات ترامب.

كامالا هاريس
مفترق طرق

يجد الحزب الديمقراطي نفسه اليوم أمام خيارين: إما أن يستمر في تردده وتشتته، أو أن يتبنى استراتيجيات جديدة تواكب التحديات الراهنة، ومع استمرار الضغط من القواعد الشعبية، يبدو أن الحاجة إلى قيادة حازمة أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وبينما ينتظر الديمقراطيون ما سيحدث في الأشهر المقبلة، تبقى الأسئلة الكبرى قائمة، حول ما إذا كان الحزب سيتمكن من إعادة ترتيب صفوفه، ومدى فرص إيجاد قادة قادرين على مواجهة التحديات التي يفرضها الواقع السياسي الجديد، منعًا لأن يظل الحزب يعاني من الانقسامات والتردد، بما يسمح لترامب وحلفائه بترسيخ هيمنتهم على المشهد السياسي الأمريكي.