غمرت الاحتفالات قطاع غزة، اليوم الأحد، مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بعد تأخير دام نحو ثلاث ساعات عن موعده المقرر، مع إعلان حماس أسماء المحتجزات الثلاثة المقرر إطلاق سراحهن في وقت لاحق من اليوم.
وتواصل موقع "القاهرة الإخبارية" مع عدد من سكان القطاع لرصد مشاعرهم عقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، إذ عبّروا عن شكرهم للدور المصري التاريخي في مساندة القضية الفلسطينية، ورفضها القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، فضلًا عن جهودها المُضنية في الوساطة، طوال الأشهر الماضية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وأشادوا بدورها الكبير في إرسال المساعدات الإنسانية إلى مناطق القطاع كافة مع بدء سريان الاتفاق.
وقال محمود المصري، النازح من رفح إلى خان يونس، في حديثه مع موقع "القاهرة الإخبارية": "تنتابنا مشاعر مختلطة بين الفرح بالنجاة والحزن على من فقدنا، ففي قطاع غزة لا يوجد منزل لم يعانِ من فقدان أحد ساكنيه، وفرحتنا لا توصف الآن بوقف آلة القتل الإسرائيلية".
وأضاف المصري (35 عامًا): "أخيرًا نشعر بفرحة النجاة من الموت في حرب غير مشهودة من قبل، عانينا فيها من الإبادة والتنكيل والجوع، وعشنا مشاهد قاسية لا يتخيلها عقل، فضلًا عن سعادتنا البالغة لعودتنا إلى رفح، حيث نزحنا إلى خان يونس منذ 9 أشهر، ولم نتمكن من العودة منذ ذلك الوقت".
واستطرد قائلًا: "تحول قطاع غزة على مدى فترة الحرب الطويلة، إلى مدينة يملؤها الخراب والتدمير، مبانٍ تحولت إلى ركام، وأحياءٌ بلا منازل، ومواطنون بدون مأوى أو طعام".
وذكر المصري: "رغم مرارة الفقدان الذي نعانيه، ودم الشهداء الذي نزف في جميع أنحاء القطاع، نأمل أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار شعاع الأمل لأيام قادمة بدون حرب تحمل حياة أمنة".
ووجه النازح الفلسطيني، الشكر إلى الدولة المصرية والشعب المصري على الدعم اللامحدود الذي يقدمونه إلى أهالي القطاع منذ الحرب الإسرائيلية الغاشمة، فضلًا عن تدفق شاحنات المساعدات الإنسانية على أرجاء القطاع كافة منذ بدء سريان الاتفاق.
وتسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أكثر من 85% من سكان قطاع غزة -أي ما يزيد على 1.93 مليون من أصل 2.2 مليون مواطن- من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان.
وبمشاعر مماثلة، ذكر ناهض منصور، النازح من مدينة غزة إلى خان يونس: "اضطررنا للنزوح نحو 7 مرات طوال فترة الحرب إلى مناطق متفرقة داخل القطاع، وعانينا 471 يومًا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة".
وقال منصور (42 عامًا)، لموقع "القاهرة الإخبارية": "كنت موجودًا في الشمال، الذي تعرض لاجتياح جيش الاحتلال في بداية الحرب، وشهدت الأيام الأولى من الحرب تدمير بيوتنا، ونزحنا إلى مستشفى الشفاء ومنها إلى الكنيسة، ومن ثَمَّ انتقلنا إلى مخيم النصيرات".
وتابع "منصور"، الذي كان يعمل بائع بقالة قبل الحرب: "بعد مدة قصيرة من وجودنا بمخيم النصيرات نزحنا إلى خان يونس، والآن ننتظر تمكننا من العودة إلى غزة".
وأضاف: "للأسف الشديد، يشكل فقدان منازلنا المعاناة الأولى التي تنتظرنا بعد إعلان وقف إطلاق النار، والتي لم نكن نشعر بها بشكل كبير إثر هول الحرب والقصف المستمر وفقداننا الأمل في انتهائه، إذ كان شغلنا الشاغل هو البقاء على قيد الحياة".
وأكد "منصور": لم تُبقِ لنا الحرب أي شيء، عانينا من الدمار في كل مكان وفقد أهالينا وأصدقئنا، ومع ذلك نحاول ترك حزننا خلف ظهورنا وأن نتأقلم مع الأجواء الجديدة".
بعد مماطلة من الاحتلال الإسرائيلي، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، بعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية التي خلفَّت أكثر من 157 ألف شهيدٍ وجريحٍ، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.