الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لغز التوقيت.. فورين بوليسي: لماذا قبلت حماس وإسرائيل اتفاق غزة الآن؟

  • مشاركة :
post-title
فرحة أهالي غزة بالتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

بعد أكثر من 467 يومًا على اندلاع الحرب في قطاع غزة، وبمفاوضات شاقة استمرت لأشهر طويلة، نجحت الجهود الدبلوماسية أخيرًا في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ الأحد المقبل، لكن هذا التطور يطرح سؤالًا محوريًا حول توقيته، ولماذا نجح الاتفاق الآن تحديدًا؟

 وقدمت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تحليلًا حول الأسباب التي دفعت الطرفين (إسرائيل وحماس) للقبول بالاتفاق في هذا التوقيت تحديدًا.

حماس.. الإنهاك العسكري

ويرى تحليل "فورين بوليسي" أن قبول حماس بالهدنة يأتي في ظل واقع عسكري وسياسي بالغ الصعوبة، إذ إن الحركة التي صدمت إسرائيل بهجوم السابع من أكتوبر، تجد نفسها اليوم في أضعف حالاتها منذ سيطرتها على قطاع غزة.

وأشارت المجلة إلى أن الحركة فقدت معظم قياداتها العليا، بمن فيهم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي، ومحمد الضيف القائد العسكري، ويحيى السنوار، مهندس عملية السابع من أكتوبر.

وأضافت أن الخسائر لم تقتصر على القيادات العليا فحسب، إذ وفقًا للتقديرات الإسرائيلية، قُتِل نحو 17 ألفًا من عناصر الحركة، كما تم تدمير جزء كبير من شبكة الأنفاق والبنية التحتية العسكرية.

أيضًا، لفت تحليل "فورين بوليسي" إلى عامل آخر دفع حماس للقبول بالهدنة، وهو تراجع الدعم الإقليمي، فجماعة حزب الله، الحليف الرئيسي للحركة، انسحبت من المواجهة بعد تكبد خسائر فادحة من الضربات الإسرائيلية في العدوان الأخير على جنوب لبنان.

كما أن إيران، الداعم الأساسي للحركة، تجد نفسها في موقف صعب وغير قادرة على تقديم دعم عسكري مباشر في ظل التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.

إسرائيل مرهقة

على الجانب الآخر؛ إسرائيل مرهقة أيضًا من الحرب، وقد أصبحت العمليات في غزة، على مدار الأشهر الماضية، تحقق عوائد متناقصة. اعترف يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، منذ عدة أشهر أن إسرائيل لم يعد لديها مهمة عسكرية حقيقية في غزة. قتل أحد قادة حماس من المستوى المتوسط أو مجموعة من مقاتلي حماس لا يهم كثيرًا من حيث قوة المنظمة. 

كما أن الغضب الدولي الذي واجهته إسرائيل، بما في ذلك تراجع الدعم بين الشباب والديمقراطيين في الولايات المتحدة، قد يكون له تكاليف طويلة الأمد على إسرائيل. يميل الرأي العام الإسرائيلي إلى تأييد اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، والجيش، الذي يعتمد بشكل كبير على الاحتياطيات، مرهق بعد أكثر من عام من القتال الشاق.

نتنياهو.. تحديات سياسية وقانونية

بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، كان إنهاء الحرب أمرًا صعبًا سياسيًا. فائتلافه اليميني المتطرف يتخذ سياسة متشددة تجاه حماس، تهدف إلى تدميرها تمامًا. وقد تبنى نتنياهو هذا الموقف، لكن على أرض الوااقع، ما يعنيه ذلك عمليًا لا يزال غير واضح. لذا فيتعين على حكومته الموافقة على الاتفاق.

على الرغم من توجيه ضربات متكررة لحماس، لم تقم إسرائيل بأي خطوات لضمان وجود بديل لحماس في غزة يمكنه إزاحتها، ولو على المدى الطويل. نتيجة لذلك، قد تتمكن حماس من إعادة بناء قوتها تدريجيًا واستعادة بعض النفوذ في غزة. 

كما أن صعوبات نتنياهو السياسية، حيث أنه يواجه محاكمة بتهم فساد، تضعه في موقف ضعيف، مما يزيد من خطر اتخاذ أي خطوات قد لا يدعمها أعضاء ائتلافه. 

علاوة على ذلك، مع وجود وقف لإطلاق النار، ستكون هناك محاسبة على إخفاقات هجوم 7 أكتوبر نفسه، بما في ذلك دور نتنياهو في السماح لحماس بالنمو وتفضيل جبهات أخرى على غزة. لم يعد بإمكان نتنياهو التهرب من الدعوات لتشكيل لجنة تحقيق في الهجوم بالقول إن البلاد في حالة حرب.

التوقيت الأمريكي.. عامل حاسم

واختتم تحليل فورين بوليسي بالإشارة إلى أن التوقيت الحالي للاتفاق يرتبط بشكل وثيق بفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، إذ تسعى إسرائيل لكسب نقاط مع الإدارة الجديدة التي وعدت بإنهاء الحرب فور توليها السلطة.

ونوهت المجلة بأن ترامب مارس ضغوطًا كبيرة على نتنياهو للقبول بالاتفاق.

وعلى الرغم من أن شروط الاتفاق الحالي تشبه إلى حد كبير المقترحات التي قدمت العام الماضي من جو بايدن، إلا أن الظروف العسكرية والسياسية المتغيرة، إلى جانب الإرهاق المتزايد لدى جميع الأطراف، جعلت قبوله ممكنًا الآن.

ومع ذلك، حذرت المجلة من أن الهدنة قد لا تصمد طويلًا، وأن الوضع في غزة سيظل متوترًا ومعقدًا لسنوات قادمة.