الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"روسيا" تتلاعب بشتاء الاتحاد الأوروبي.. والغاز سلاحها الفتاك

  • مشاركة :
post-title
الغاز الروسي

القاهرة الإخبارية - محمد عادل

يترقب سوق الغاز عالميًا تغيرًا محوريًا للتجارة بعد إعلان روسيا سعيها لتحويل مسار غاز موسكو لأسواق أوروبا عبر تركيا، بديلاً عن خطوط أنابيب الغاز المارة من الأراضي الأوكرانية.

يأتي ذلك بالتزامن مع قفزة مرتقبة برسوم شحن الغاز المسال عبر السفن لتوفير احتياجات أوروبا اللازمة لتخزين كميات تلبية للاستهلاك المتنامي خلال فصل الشتاء.

نجحت 13 دولة من الاتحاد الأوروبي من أصل 18 في تجاوز سعة مرافق تخزين الغاز لديهم لـ 80 في المئة، وجاء ذلك بعد زيادة ملحوظة في أسعار الغاز الطبيعي بالأسواق العالمية، بحسب تقرير للرابطة الأوروبية لمشغلي البنية التحتية للغاز.

وتواصل دول الاتحاد الأوروبي ضخ الغاز المسال في منشآت التخزين تحت الأرض، وقد اقتربت المخزونات من مستوى 85 في المئة مقابل المستوى المستهدف البالغ 80 في المئة، والذي كان يجب الوصول إليه بحلول الشهر المقبل.

وبحسب بيانات الرابطة، فإن مرافق التخزين تحت الأرض التابعة للاتحاد الأوروبي الآن تحتوي على ما يقرب من 91.64 مليار متر مكعب من الغاز.

ووفق موقع "إيه جي إس آي"، المتخصص في تتبع مخزونات الغاز المسال في العالم، فإن الدول الأوروبية الكبرى "فرنسا وألمانيا وإيطاليا" بلغت مستوى مطمئنًا من التخزين للشحنات، بخلاف دول أوروبا الشرقية التي تعاني من نقص حاد في مخزون الغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها.

في سياق متصل أعلنت ألمانيا عن الإسراع في عملية بناء أول محطة لاستقبال واردات الغاز المسال "LNG"، للسعي إلى سد فجوة النقص في الطاقة الناتج عن انقطاع إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي عبر خطوط أنابيب نورد ستريم، التي كانت تنقل كميات ضخمة من الغاز عبر بحر البلطيق إلى أوروبا..

ومن المقرر بدء تشغيل محطة استقبال الغاز المسال الألمانية في ميناء "فيلهلمسهافن" خلال فصل الشتاء الحالي، وستوفر المحطة ما يعادل 20 في المئة من الغاز الذي كان يتم استيراده من موسكو.

ورغم جهود دول الاتحاد الأوروبي لتخزين كميات من الغاز المسال لتلبية الطلب خلال فصل الشتاء إلا أن تحديات ارتفاع تكلفة الشحن وتحذيرات وكالة الطاقة من أن التخزين لن يكون حلا للأزمة فضلا عن القرارات الروسية المرتبطة بتغيير خريطة التصدير للأسواق الأوربية كلها تدفع في اتجاه استمرار نقص الطاقة بأوروبا .

وحسب تقرير بيانات من منصة "سبارك كوموديتي" للشحن، فإن أسعار تأجير سفن شحن الغاز المسال تضاعفت لتتجاوز نحو 200 ألف دولار يوميا في المحيطين الأطلسي والهادئ، وذلك قبل دخول فصل الشتاء لأوروبا وزيادة الإقبال على تأجير السفن لاحتياج كميات أكبر من الغاز.

كما قدرت أسعار شحن الغاز المسال وسفن الدفع الكهربائية ثلاثية الوقود التي تعمل بالديزل، سعة 160 ألف متر مكعب لنحو 308 آلاف دولار يوميا في المحيط الأطلسي .

كما ارتفعت أسعار الغاز بالأسواق الأوروبية، بعد تقارير عن حدوث نحو 4 تسريبات غاز في كل من خطي أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق، اللذين ينقلان الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر ألمانيا.

وترجح المنصة، أن يكون هذا هو السبب وراء ارتفاع أسعار الشحن الفوري للغاز المسال، في ظل تطلع أوروبا لتأمين المزيد من مخزونات الغاز الطبيعي المسال قبل فصل الشتاء.

صادرات الغاز

وكالة الطاقة: إن لم تُخفض "أوروبا" استهلاك الغاز ستواجه أزمة

أوصت وكالة الطاقة الدولية، دول الاتحاد الأوروبي بالاقتصاد في استهلاك الغاز الذي تم تخزينه لتأمين احتياجات فصل الشتاء بنسبة تتراوح ما بين 9 و13 في المئة، لتجنب نفاد الوقود من منشآت التخزين مع نقص المعروض من الشحنات بالأسواق.

وجاء في تقرير سوق الغاز الذي قدمته الوكالة، أنه في ظل التدفق المنخفض لشحنات الغاز الطبيعي المسال، سوف يضمن ذلك بقاء مخزون الغاز في دول الاتحاد الأوروبي عند مستوى يتراوح ما بين 25 و30 في المئة.

وحذّرت وكالة الطاقة، إن لم تقم أوروبا بخفض استهلاك الغاز، وفي حال التوقف  التام لإمدادات الغاز الروسي من نوفمبر المقبل، فإن مستويات التخزين قد تنخفض لأقل من 5 في المئة، مع الحصول على شحنات قليلة من الغاز الطبيعي المسال، مما يهدد الدول بحدوث نقص في إمدادات الطاقة، إذا حدثت موجة برد لفترة قصيرة وما ينتج عنها من زيادة في الاستهلاك.

الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات لتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري الروسي، ردًا على الحرب مع أوكرانيا، ليصل إلى حظر معظم واردات النفط بحلول نهاية عام 2022.

حيث خفّضت دول الاتحاد الأوروبي، استهلاكها من الغاز في شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين، مع هبوط استهلاك القطاعات الصناعية للطاقة، مع ندرة الإمدادات الروسية.

وتراجع إجمالي استهلاك الغاز في 27 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي بنسبة 14 في المئة في أغسطس، وبنسبة 15 في المئة في سبتمبر، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات".

وتزود موسكو نحو 40 في المئة من احتياجات الغاز الطبيعي لدول الاتحاد الأوروبي، كما أنها توفر 27 في المئة من احتياجات الاتحاد الأوروبي للنفط، ويدفع الاتحاد لروسيا نحو 400 مليار يورو سنويًا في المقابل.

"تركيا" تقتنص الفرص للسيطرة

مع تفاقم أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت تركيا تخطو للسعي لاقتناص الفرصة للتحول الى مركز لوجيستي لنقل الغاز الروسي إلى أسواق أوروبا، بديلًا لخطوط الأنابيب الحالية، وأيضًا لكي تخرج موسكو من ضغط عقوبات الاتحاد الأوروبي .

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن خطة بلاده لتصدير الغاز الروسي إلى دول أوروبا، وذلك بعد وقف صادرات موسكو عبر خطي نورد ستريم، وأن تركيا ستوزع الغاز الطبيعي القادم من روسيا لأسواق أوروبا عبر أراضيها بواسطة مشروع "ترك ستريم".

ويعد مشروع "ترك ستريم" خطي أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى كل من تركيا وأوروبا مرورًا بالبحر الأسود، إذ يغذّي الأنبوب الأول أنقرة، والثاني دول شرقي وجنوبي أوروبا.

بوتين: "تركيا هي الشريك الأكثر ثقة لتوصيل الغاز لأوروبا"

واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على نظيره التركي أن تنشئ موسكو "مركزًا للغاز" في تركيا لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، في وقت تراجعت إمدادات موسكو إلى الاتحاد الأوروبي جراء العقوبات وتسرب الغاز في خطي أنابيب، وذلك على هامش لقاء في أثناء انعقاد القمة السادسة.

وأكد الرئيس الروسي، أن "تركيا هي الشريك الأكثر ثقة لتوصيل الغاز إلى الاتحاد الأوروبي"، مع استعداد موسكو لتشكيل مركز كبير للغاز بتركيا وتوزيعه على الدول الأخرى.