الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حرب الظلال.. روسيا تستهدف أوروبا في صمت

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

خلال السنوات الماضية بدأت تزداد وتيرة الهجمات على البنية التحتية الحيوية في أوروبا، وتتنوع الأساليب بين استهداف الكابلات البحرية والمرافق الحيوية وحتى استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية سرية.

وفي تقرير نشرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، أثارت قضية مقلقة تتعلق بالأحداث التي تشهدها أوروبا فيما يشبه سياق حرب باردة جديدة، حيث يُسدل الستار على أفعال تحت مسميات تُخفف من وقع الحقيقة، ومع تردد أوروبا في مواجهة الحقيقة المُرة، يصبح السؤال: هل دخلت القارة العجوز حربًا أوسع نطاقًا دون أن تعترف بذلك؟

أبعاد جديدة للصراع

منذ أكثر من ثلاث سنوات، تستخدم روسيا أساليب مختلفة لاستهداف أوكرانيا، بدءًا من الصواريخ والطائرات بدون طيار إلى الهجمات السيبرانية، والجميع يدرك أن هذه الهجمات هي أعمال حرب، بغض النظر عن مدى إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وصفها بأنها جزء من "عملية عسكرية خاصة".

لكن الأمور لم تقتصر على أوكرانيا وحدها، فالشهر الماضي، شهد انقطاع كابل الطاقة البحري Estlink 2 الذي يربط إستونيا بفنلندا، وهو حدث اعتبره الاتحاد الأوروبي جزءًا من سلسلة هجمات منظمة على البنية التحتية للطاقة.

وعلى الرغم من عدم توجيه أصابع الاتهام رسميًا إلى روسيا، فإن النمط العام يشير إلى أن هذه الهجمات تهدف إلى تقويض سيادة الدول الأوروبية.

وفي تطور لافت، ألقت السلطات الفنلندية القبض على ناقلة النفط "Eagle S" التي كانت تحمل معدات مراقبة متقدمة وتستهلك طاقة هائلة، وكشفت التحقيقات أن السفينة كانت تعمل على تعطيل كابل Estlink 2 من خلال جر مرساتها عبر قاع بحر البلطيق، هذا التصرف يُظهر الاستخدام المزدوج للأصول المدنية لتحقيق أهداف عسكرية، وهو نهج بات يشكل تهديدًا جديدًا.

تردد أوروبي

رغم الدلائل الواضحة، تبدو أوروبا مترددة في وصف ما يجري بأنه "حرب"، إذ شملت تحقيقات أخرى طرودًا مفخخة استهدفت شركات شحن ومرافق حيوية، إلى جانب تخريب خطوط السكك الحديدية ومصانع الذخيرة.

ومع ذلك، يكتفي الاتحاد الأوروبي باستخدام مصطلحات مثل "الأعمال المزعزعة" و"الإجراءات الخبيثة" لتوصيف هذه الأحداث، متجنبًا أي تصعيد لفظي قد يُلزم برد عسكري.

حرب بوتين العالمية

لم يعد غزو أوكرانيا الحدث الوحيد الذي يكشف عن طموحات روسيا، ففي حادثة أخرى، أُسقطت طائرة ركاب أذربيجانية فوق روسيا وأُجبرت على الهبوط في كازاخستان، فيما أُرسل جنود كوريون شماليون للقتال في أوروبا، كل هذه الأحداث تشير إلى أن بوتين يسعى لتوسيع نفوذه خارج حدود أوكرانيا، في حين يكتفي القادة الأوروبيون بالحد الأدنى من الردود.

ولطالما اعتمدت أوروبا الديمقراطية على الولايات المتحدة في تحمل أعباء الدفاع، ولكن مع تراجع الالتزام الأمريكي في ظل قيادات مثل الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بات لزامًا على أوروبا أن تعيد التفكير في استراتيجياتها الدفاعية. ورغم أن أوروبا تمتلك سكانًا يبلغ عددهم نصف مليار نسمة، واقتصادات تشكل خُمس الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أن غياب التخطيط الجاد يتركها عُرضة للتهديدات.

تسمية الحرب باسمها الحقيقي

وحسب التقرير، فلا يمكن لأوروبا أن تستمر في إنكار الحقيقة، في أن وصف الهجمات الروسية المتزايدة بأنها "حرب" قد يُشكل نقطة تحول في التفكير الاستراتيجي.

فمصطلح الحرب لا يُلزم باستخدام القوة العسكرية بالضرورة، ولكنه قد يُحفز الزعماء الأوروبيين على اتخاذ خطوات أكثر جدية لحماية القارة، وفي ظل عدوان بوتين ولامبالاة واشنطن، يبقى الاعتراف بالواقع هو الخطوة الأولى نحو بناء دفاع أوروبي مستقل وفعّال.