الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

السنغال وتشاد وساحل العاج.. سياسات جديدة صادمة لباريس

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

تشهد القارة الإفريقية اليوم فصلًا جديدًا في معركة التحرر من النفوذ الفرنسي، إذ أعلنت دول السنغال وتشاد وساحل العاج خطوات جريئة ضد التواجد العسكري الفرنسي.

وتمثل قرارات هذه الدول انعكاسًا لتحولات سياسية واقتصادية في المشهد الإفريقي، ومع ازدياد التوترات بين الدول الإفريقية والقوى الاستعمارية السابقة، تتجدد التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين فرنسا ومستعمراتها السابقة.

السنغال.. ثورة سياسية

في عام 2024، شهدت السنغال انتخابات وطنية غير مسبوقة، جاءت برئيس شاب إلى سدة الحكم، وهو باسيرو ديوماي فاي، هذا التحول السياسي لم يكن مجرد نتيجة لصناديق الاقتراع، بل كان نتيجة حركة جماهيرية قادتها منظمة الوطنيين الأفارقة من أجل العمل والأخلاق والأخوة، التي دفعت بشدة لإحداث تغيير سياسي جذري.

وقوبلت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي تحدث فيها عن انسحاب عسكري فرنسي "بالاتفاق" مع الدول الإفريقية، بانتقادات حادة من المسؤولين السنغاليين، إذ وصف رئيس الوزراء عثمان سونكو التصريحات بـ"غير الدقيقة"، في إشارة واضحة إلى رفض السنغال الانصياع للهيمنة الفرنسية.

وأشار وزير الخارجية السنغالي، ياسين فال، إلى خطة السنغال لتحقيق استقلال اقتصادي ودبلوماسي، تبدأ بإغلاق القواعد العسكرية الفرنسية، وهي خطوات جريئة تمثل إعلانًا صريحًا بأن السنغال تدخل مرحلة جديدة تركز فيها على سيادتها السياسية والإدارة المُستدامة لمواردها.

تشاد.. نهاية التحالفات التقليدية

من جهة أخرى، كانت تشاد، المعروفة بتحالفاتها القوية مع فرنسا والولايات المتحدة، تسير على خطى مماثلة، ففي أواخر 2024، أعلن الزعيم الانتقالي محمد ديبي إيتنو إنهاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا، ودعا القوات الفرنسية إلى مغادرة البلاد. هذا القرار يأتي وسط تصاعد الهجمات العنيفة التي شنتها جماعات مثل بوكو حرام، وسعي تشاد للحصول على دعم أمني من روسيا بدلًا من فرنسا.

وأثار الهجوم الأخير على المقر الرئاسي في نجامينا، الذي نفذته جماعة بوكو حرام، تساؤلات حول مدى تأثير هذه التوترات السياسية على استقرار المنطقة، إلا أن تشاد تبدو مصممة على المضي قدمًا في سياستها الجديدة، حتى مع استمرار التحديات الأمنية.

ساحل العاج.. صدمة لباريس

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الإيفواري الحسن واتارا عن طلب القوات الفرنسية مغادرة البلاد، ما شكل صدمة كبيرة للحكومة الفرنسية، ويبدو واتارا، المعروف بقربه من باريس، أنه استجاب لضغوط داخلية مُتزايدة تدعو إلى إنهاء التبعية لفرنسا.

ووفق تقرير لموقع "إن ديبث نيوز" فإن نشاط الجماعات المسلحة في المنطقة، على الرغم من الوجود العسكري الفرنسي، أثبت فشل السياسة الفرنسية في تحقيق الاستقرار، ومع استمرار هذه الجماعات في التوسع إلى دول مثل ساحل العاج وغانا وبنين، بات واضحًا أن التحديات الأمنية تتطلب حلولًا جديدة بعيدًا عن التدخلات الاستعمارية.

دلالات وتوقعات مستقبلية

وتعكس القرارات التي اتخذتها السنغال وتشاد وساحل العاج حالة من الوعي السياسي المتزايد في القارة الإفريقية، حيث تسعى دولها إلى التخلص من الإرث الاستعماري وإعادة صياغة علاقاتها مع القوى العالمية.

ومع تراجع النفوذ الفرنسي، يبدو أن القارة الإفريقية مقبلة على مرحلة جديدة من التحديات والتحولات، ولكن السؤال الأهم يبقى: هل ستتمكن هذه الدول من تحقيق استقلالها الفعلي وسط تصاعد الضغوط الدولية والمحلية؟