الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كريمة مختار.. أيقونة الأم في السينما المصرية

  • مشاركة :
post-title
الفنانة الراحلة كريمة مختار

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

في كل مشهد وفي كل دور، كانت كريمة مختار تجسد الحكاية المصرية بأصالتها وحنانها، تلمس القلوب دون عناء، ولا تزال حاضرة في ذاكرتنا، كأيقونة فنية تُعد واحدة من أبرز ممثلات السينما والتلفزيون المصري، بصوتها الدافئ وملامحها التي تحمل في طياتها طابعًا مصريًا أصيلًا.

ويوافق اليوم الأحد 12 من يناير، ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة كريمة مختار، التي فارقت الحياة في عام 2017، بعد مسيرة فنية طويلة أثرت في كل من شاهد أعمالها، خاصة صورة الأم المصرية التي جسَّدتها بكل تفاصيلها، سواء كانت حنونة أو صارمة، فلا تزال حاضرة دائمًا في ذاكرة الجمهور، لتبقى مع مرور السنين، واحدة من أبرز الوجوه التي تركت بصمة لا تُنسى في السينما والتلفزيون المصري، وتذكر أعمالها كإرث فني خالد.

معارضة حلم التمثيل

لم تكن بداية عطيات محمد البدري (كريمة مختار) في عالم الفن سهلة، فأسرتها المحافظة عارضت دخولها مجال التمثيل، وفي لقاء تلفزيوني مع الإعلامية صفاء أبو السعود، أشارت إلى خوفهم من تأثير هذه الخطوة على سمعتها وعلى مستقبل شقيقاتها، لكن رغم هذا، أصرّت كريمة مختار على تحقيق حلمها الفني، واختارت أن تكون دائمًا محطَّ فخر لعائلتها بأدوارها التي قدمتها باحترافية. 

وفي مقابل الخوف والرفض من العائلة، حرصت كريمة مختار، ذات الأصول الصعيدية، على أن تقدم أدوارًا تعكس أصالتها وتجعل أسرتها تفتخر بها في المستقبل، وهو ما حققته في مشوارها لتقدم صفحات مضيئة من مسيرتها الفنية المميزة.

"بابا شارو" وتفرد الصوت

كان صوتها بوابة دخولها لعالم النجومية، إذ بدأت كريمة مختار مسيرتها الفنية من خلال أثير الإذاعة، وتألقت في برنامج الأطفال الشهير "بابا شارو" في الخمسينيات من القرن الماضي، وظهرت كصوت إذاعي مميز، ما جعلها تصبح واحدة من أبرز الشخصيات في تلك الفترة، وعُرِفت بقدرتها على تقديم الأعمال الدرامية المميزة عبر الإذاعة. 

ورغم محاولات العائلة إبعادها عن السينما، استمرت كريمة في العمل الإذاعي حتى سمحت لها الفرصة للظهور في السينما بعد زواجها من المخرج نور الدمرداش في عام 1958، وهو الزواج الذي شكل نقطة تحول حاسمة في حياتها، إذ فتح لها أبواب عالم الفن من خلال فيلم "ثمن الحرية" في عام 1964.

ثنائية فنية مع فريد شوقي

شكلت كريمة مختار ثنائيًا فنيًا مميزًا مع الفنان الراحل فريد شوقي، إذ تعاونت معه في 16 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والمسرح. وتحدثت في أحد اللقاءات عن موقف طريف جمعها بفريد شوقي، حين طلب منها أن تجسد دور والدته في فيلم يروي سيرته الذاتية، لكن بعد أن سأل عن الوقت الذي سيستغرقه المكياج والذي بلغ أربع ساعات، تراجع عن الفكرة لصعوبة الانتظار لهذه المدة الطويلة. ورغم المواقف الطريفة، كانت هناك علاقة فنية مميزة بينهما تركت بصمات واضحة في ذاكرة الجمهور.

"الحفيد" من أهم المحطات الفنية

من أبرز المحطات التي لا تنساها كريمة مختار في مشوارها الفني كان فيلم "الحفيد"، الذي شكَّل نقطة تحول كبيرة في حياتها المهنية. وفي لقاء مع الإعلامية نهال كمال، تحدثت عن مشهد الولادة في الفيلم، الذي لم يُعرض كما تم تصويره بسبب قصه في المونتاج، مشيرة إلى أن ذلك المشهد كان له تأثير كبير عليها. 

وأضافت أنها لا تنسى مشهد شراء الدجاج مع الفنان عبد المنعم مدبولي، الذي كان مليئًا بالكوميديا، وكانت تفاصيله تحمل الكثير من الضحك والذكريات الجميلة التي كانت تجمعهما على الشاشة.

طوال مسيرتها الفنية، قدمت كريمة مختار العديد من الأعمال السينمائية البارزة التي جعلتها واحدة من أهم نجمات السينما المصرية. مثل "الحفيد"، و"رجل فقد عقله"، و"الليلة الموعودة"، و"سعد اليتيم"، و"نحن لا نزرع الشوك"، و"أميرة حبي أنا"، كما قدمت أيضًا العديد من الأعمال الدرامية والتلفزيونية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الدراما المصرية.

ومن أهم أدوارها التلفزيونية كان دور "ماما نونا" في مسلسل "يتربى في عزو"، الذي جمعها مع الفنان الكبير يحيى الفخراني، ليحقق المسلسل نجاحًا كبيرًا ويظل واحدًا من أشهر الأعمال المصرية. كما قدمت العديد من الأعمال مع الفنان الراحل فريد شوقي في مسلسلات مثل "البخيل وأنا"، و"صابر يا عم صابر"، و"من الذي لا يحب فاطمة".

حياة شخصية مليئة بالإنجازات والحب

تزوجت كريمة مختار من المخرج الراحل نور الدمرداش في عام 1958، وكان له دور كبير في دعمها على مستوى حياتها المهنية، أنجبت منه ابنها الإعلامي معتز الدمرداش، الذي أصبح أحد الأسماء اللامعة في الإعلام المصري. وعلى الرغم من التحديات والصعوبات التي مرت بها، تمكنت كريمة مختار من أن تحافظ على توازن بين حياتها الشخصية والفنية، ونجحت في أن تظل رمزًا من رموز الفن المصري الذي لا يُنسى.

رغم رحيل كريمة مختار، إلا أن أعمالها تظل حاضرة في ذاكرة جمهورها، ولا يزال اسمها مرتبطًا بشخصية الأم المصرية التي لا تُنسى. رحيلها لم يكن مجرد فقدان لفنانة، بل فقدانًا لروح فنية قدمت الكثير للفن المصري، إذ فقد الفن المصري واحدة من أكثر الفنانات صدقًا في تقديم الأدوار الإنسانية التي تلامس القلوب وتستمر في الذاكرة.

لا شك أن كريمة مختار ستظل في ذاكرة الفن المصري، وسيظل اسمها يتردد في الأذهان عندما نتحدث عن الأم الحنونة، الصلبة، والمثابرة التي أعطت لحياتنا الفنية رونقًا خاصًا.