في عالم الإخراج، حيث تتحول الأفكار إلى عوالم نابضة بالحياة، استطاع المخرج الشاب أحمد عادل سلامة أن يثبت جرأته الإبداعية من خلال التجريب الفني في مسلسل "ساعته وتاريخه". لم تكن مشاركته مجرد تجربة عادية، بل فرصة لاستعراض رؤيته الإخراجية عبر أربع حلقات تنوعت بين الإثارة، الغموض، والكوميديا السوداء، عُرض منها ثلاث حلقات في الموسم الأول للعمل، حيث قاد سلامة المشاهدين في رحلة مليئة بالمفاجآت، معتمدًا على أدوات مبتكرة ورؤية جديدة موظفًا الذكاء الاصطناعي لتشكيل تفاصيل دقيقة تضيف أبعادًا فنية جديدة.
تحدث سلامة عن رؤيته الفنية وكواليس مشاركته في العمل، مشيرًا إلى التحديات التي واجهها والقرارات التي اتخذها في تجربته الإخراجية الأولى وإسناد 4 قصص للعمل.
"بلوك" جريمة غير متوقعة
أوضح سلامة أن حلقة "بلوك" التي قدمتها الفنانة حنان سليمان حملت طابعًا مميزًا ومختلفًا عن بقية حلقات المسلسل، إذ يقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "عندما قرأت الحلقة لأول مرة، شعرت أنها تحمل طابعًا كوميديًا خفيفًا، لكنها في الوقت نفسه مليئة بالإثارة والغموض، كنت أتعاطف مع شخصية السيدة المسنة طوال الوقت، لكن المفاجأة في النهاية أن هذه السيدة هي العقل المدبر للجريمة، حيث قتلت ضحيتها وخدعت الجميع".
وأضاف: "ما جذبني في النص هو التحول الدرامي الكبير في النهاية، وكيف يتحول تعاطف المشاهد مع الشخصية إلى صدمة حين يكتشف أنها المجرمة. لذلك، أردت اختيار ممثلة تمتلك ملامح بريئة تشبه أمهاتنا، تجعل المشاهد لا يشك بها أبدًا".
وعن اختيار الفنانة حنان سليمان للدور، قال: "ملامحها البريئة هي السبب الرئيسي لاختيارها، لأنها تجعل المشاهد يشعر بالاطمئنان تجاهها، ولا يتوقع أبدًا أن تكون قاتلة. هذه المفارقة أضافت عمقًا كبيرًا للشخصية، وجعلت الأداء مقنعًا للغاية".
"فنان دكتور" شخصية مجنونة
انتقل سلامة للحديث عن قصة "فنان دكتور" التي جسّدها الفنان محمد شاهين، واصفًا شخصية الدكتور فاروق بأنها كانت جذابة ومليئة بالتحديات. قال: "الشخصية مجنونة وغير تقليدية، وكان من المهم أن أعبر عن هذا الجنون بطريقة تجعل المشاهد يشعر بالغرابة والانبهار في الوقت نفسه، كانت القصة مغرية جدًا لي كمخرج، وأردت أن أجعل المشاهدين يعيشون تفاصيلها كما رأيتها عند قراءة النص".
أشار "سلامة" إلى أن أكبر تحدٍ واجهه في هذه الحلقة كان اختيار موقع التصوير، موضحًا: "الحلقة تدور بالكامل في موقع واحد، ما جعل للمكان أهمية كبيرة في إيصال أجواء القصة، وبحثنا طويلًا عن شقة مناسبة تعكس الرؤية الإخراجية المطلوبة، حتى وجدنا المكان المناسب، لكنه كان فارغًا تمامًا، واضطررنا لتأثيثه بالكامل وإعداده ليصبح متماشيًا مع أحداث الحلقة، ومساحتها 1200 متر وقمنا بعمل اللوحات التي ظهرت بالعمل كانت مصممة بالذكاء الاصطناعي وزوجتي أوحت لي بتقديم الفكرة".
تنوع الإخراج واكتشاف المواهب
أوضح "سلامة" أن مسلسل "ساعته وتاريخه" يعتمد على تقديم حلقات منفصلة، حيث يتولى إخراج كل حلقة مخرج مختلف، قال: "هذا النهج منح فرصة كبيرة لاكتشاف مواهب جديدة، سواء من الممثلين أو المخرجين. أنا شخصيًا أخرجت أربع حلقات، ثلاث منها تم عرضها، بينما الحلقة الرابعة ستعرض قريبًا".
وأشار إلى أن المشروع أتاح للمخرجين الجدد تحمّل مسؤولية كاملة عن الحلقات التي عملوا عليها، وهو ما اعتبره فرصة ذهبية لتقديم رؤيتهم الخاصة واكتساب خبرة أكبر.
رحلة مهنية
تحدث أحمد عادل سلامة عن مسيرته المهنية، التي بدأت منذ دراسته في معهد السينما قسم الإخراج وتخرجه عام 2013. قال: "بدأت عملي كمساعد مخرج عام 2012، وعملت في المجال لمدة 12 عامًا، تدرجت خلالها في كل مراحل المهنة، حتى أصبحت مساعد مخرج أول".
وأضاف: "عملت مع أسماء كبيرة مثل الأستاذ أحمد خالد موسى، الذي كان له دور كبير في مسيرتي، حيث منحني فرصة إخراج الوحدة الثانية في مسلسل العتاولة الجزء الأول، هذه الخطوة كانت نقطة تحول بالنسبة لي، لأنها جعلتني أكتسب الثقة وأثبت نفسي كمخرج".
وأشار إلى تأثره الكبير بأستاذه في معهد السينما، المخرج الكبير علي بدرخان، قائلًا: "رغم أنني لم أعمل معه بشكل مباشر، إلا أنني تعلمت منه الكثير خلال دراستي، وكان له أثر كبير في تكوين رؤيتي الفنية".
أعرب أحمد عادل سلامة حديثه عن امتنانه الكبير للشركة المنتجة على دعمها للمواهب الشابة، مضيفًا: "تجربتي في مسلسل ساعته وتاريخه كانت مميزة للغاية، وشعرت خلالها بمسؤولية كبيرة، لكنني فخور بالنتائج. أتمنى أن تكون الحلقات قد نالت إعجاب الجمهور، وأتطلع لتقديم أعمال جديدة تضيف للدراما المصرية".
وأكد أن الموسم المقبل من العمل سيشهد مشاركة مخرجين جدد، معربًا عن ثقته في قدرتهم على تقديم أعمال متميزة تضيف إلى نجاح المسلسل.