صوتها لا تخطئه أذن وبصمتها المؤثرة لا يضاهيها أحد، هكذا يمكن وصف الإعلامية القديرة ليلى رستم، التي تربى على برامجها الكثير من الأجيال وساهمت في تشكيل ذاكرة المواطن المصري والعربي بنبرتها الهادئة وطلتها المميزة وحضورها الطاغي على الشاشة وإلمامها بالتفاصيل، ساهم ذلك في أن تصنع أيقونتها الخاصة لتكون من أبرز الأسماء التي سطعت في سماء الإعلام العربي.
عاد للأضواء اسم ليلى رستم، إثر وفاتها صباح اليوم عن عمر ناهز 87 عامًا، حيث غيب الموت جسدها ولكن لم يغب أثرها الباقي في النفوس، باعتبارها واحدة من أبرز الإعلاميين الذين أثروا الساحة الفنية بالكثير من البرامج الملهمة على الشاشة المصرية والعربية.
بدأت ليلى - التي وُلدت في 11 فبراير 1937- مسيرتها الإعلامية في أواخر الخمسينيات حيث عملت كمذيعة في البرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية قبل أن تنتقل إلى التليفزيون المصري مع انطلاقته في 23 يوليو 1960، وتعتبر ليلى رستم من أوائل المذيعات في التلفزيون المصري، حيث عملت في البداية كمذيعة ربط ثم قارئة للنشرة الفرنسية، ثم تدرجت في الكثير من البرامج ولم تكتفي بما حققته مهنيًا بل طورت نفسها أكاديميًا حيث حصلت على ماجستير في الصحافة من جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ساعدها في تطوير مهاراتها الإعلامية بشكل كبير.
علامات مؤثرة
بفضل كفاءتها وحضورها، نالت ليلى رستم شهرة واسعة في عالم الإعلام، وقدمت العديد من البرامج الناجحة التي أسهمت في تشكيل الوعي الثقافي والفني لدى المشاهدين، من أبرز برامجها "نجمك المفضل"، الذي استضافت فيه كوكبة من كبار الفنانين والمثقفين، مثل محمد عبد الوهاب، فاتن حمامة، طه حسين، يوسف السباعي، إحسان عبد القدوس، عمر الشريف، مصطفى أمين، وعلى أمين.
في عام 1967، انتقلت ليلى رستم للعمل في تلفزيون لبنان حيث قدمت برامج مميزة مثل "سهرة مع الماضي" و"بين الحقيقة والخيال"، لتواصل بناء إرثها الإعلامي في الساحة العربية.
شائعة أحمد رمزي والانفصال
غاصت في أعماق شخصيات ضيوفها من برنامج " نجمك المفضل"، حيث أحدثت حلقة الفنان أحمد رمزي رد فعل كبير، وصاحبها الكثير من الشائعات ومن بينها أنها كانت سببًا في انفصالها عن زوجها إلا أن ابنتها نفت ذلك جملة وتفصيلًا. وتعود تفاصيل الواقعة عندما سألت أحمد رمزي عن سر فتحه أزرار قميصه ويؤكد لها أنها بسبب الحسد، حيث قال: "أنا حاطط الخرزة علشان العين، أصلى بخاف منها، والمدام هى السبب علشان خايفة عليا"، لترد عليه بكلمة: "ياختى عليه" وهو ما جعل شائعة قوية تتردد أن زوجها قد طلقها بسبب تلك الكلمة، قبل أن تخرج ابنتها وتنفي هذا الأمر، وتكشف أن انفصالهما حدث بعد هذا اللقاء بخمس سنوات.
صائدة المشاهير
بفضل أسلوبها الفريد في تقديم البرامج ولقاءاتها مع أبرز الشخصيات الثقافية والفنية، أُطلق على ليلى رستم لقب "صائدة المشاهير"، الذي أصبح مرادفًا لها في مجال الإعلام، كما لقبت بـ"أيقونة ماسبيرو" بسبب بصمتها الواضحة على شاشة التليفزيون المصري، ما جعلها إحدى أبرز الإعلاميين الذين أرسوا قواعد الإعلام المهني والصادق.
على المستوى الشخصي، مرت ليلى رستم بتجارب مؤلمة، من بينها وفاة شقيقها الطيار نبيل رستم في حادث طائرة مأساوي عام 1963.
ورغم الصعاب، استطاعت أن تواصل مسيرتها الإعلامية بنجاح. تزوجت من رجل الأعمال حاتم الكرداني، الذي هاجر إلى بيروت بعد قرار التأميم، ما جعلها تترك التليفزيون وتنتقل للعيش في لبنان، لكن في عام 1980، عادت إلى مصر وبدأت بتقديم برنامج "قمم" الذي استضافت فيه عددًا من رموز المجتمع المصري مثل الدكتور مصطفى محمود ويوسف بك وهبي.
أثر باقٍ
رحيل ليلى رستم عن عالمنا ترك فراغًا في الساحة الإعلامية، ولكنّ أعمالها وإنجازاتها ستظل حية في الذاكرة الجماعية.
صباح اليوم، نعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية الراحلة، معتبرة إياها واحدة من أبرز الإعلاميين الذين قدموا إعلامًا متميزًا وصادقًا أسهم في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي.