قبل أسبوعين من تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الفائز في الانتخابات الأخيرة، ومع عودته المرتقبة بولاية ثانية، أعلن الجمهوري أهدافه المقبلة في قائمة طويلة، من بينها تطلعاته للسيطرة على قناة بنما، وجزيرة جرينلاند، والتقارب مع كندا لتصبح فيما يبدو الولاية الـ51 لأمريكا.
ترامب سرعان ما حول مقترحاته إلى تهديد واضح، بعدما رفض استبعاد العمل العسكري للسيطرة على جرينلاند، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في الدنمارك، والعضو بالاتحاد الأوروبي، قائلًا: "إنه قد يستولى على جرينلاند، مستشهدًا بمصالح الأمن القومي"، بحسب موقع "إن تي في" الألماني
ولم يكتفِ الرئيس الذي يحكم البيت الأبيض، 20 يناير الجاري، بتلك الشروط بل ذهب إلى مطالبة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" بإنفاق 5% من ميزانيتها على الدفاع بدلًا من 2%، من أجل بقاء أمريكا في الحلف وهو بقاء مشروط بتنفيذ ذلك المقترح.
لماذا جرينلاند؟
رفض ترامب، استبعاد العمل العسكري أو الاقتصادي كجزء من رغبته في سيطرة الولايات المتحدة على جرينلاند وقناة بنما، مهددًا بـ"العنف الاقتصادي".
وقال ترامب عندما سُئل: "لا أستطيع أن أؤكد لكم عدم اللجوء إلى أي من هذين الأمرين، لكن يمكنني أن أقول هذا، نحن بحاجة إليهما من أجل الأمن الاقتصادي"، يأتي ذلك في الوقت الذي زار ترامب جونيور، الجزيرة، أمس الثلاثاء، بعد اقتراح والده بأن تصبح المنطقة جزءًا من الولايات المتحدة.
واقترح ترامب فرض رسوم جمركية على الدنمارك إذا قاومت عرضه لشراء جرينلاند، مدعيًا أنها حيوية للأمن القومي الأمريكي، قائلًا: "جرينلاند مكان رائع، وسيستفيد أهلها بشكل كبير إذا أصبحت جزءًا من أمتنا، سنحميها ونحافظ عليها من العالم الخارجي الشرير. سنجعل جرينلاند عظيمة مرة أخرى!".
خلال فترة ولايته الأولى، فكر ترامب في شراء جرينلاند وألغى رحلة مقررة إلى الدنمارك، أغسطس 2019، بعد أن رفض رئيس وزراء البلاد الفكرة.
وبدوره؛ أدان وزير الخارجية الفرنسي جان بارو رفض الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، استبعاد احتمال الاستيلاء العسكري على جرينلاند، وقال الوزير إن الاتحاد الأوروبي لن يتسامح مع التهديدات ضد "حدوده السيادية".
وقال بارو، في تصريحات اليوم الأربعاء: "من الواضح أنه لا يوجد شك في أن الاتحاد الأوروبي سيسمح لدول أخرى في العالم بمهاجمة حدوده السيادية، نحن قارة قوية".
مَن يملك جرينلاند؟
أكدت الدنمارك أن جرينلاند -جزء من مملكتها يتمتع بالحكم الذاتي- ليست للبيع، وعلى لسان رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن قالت ردًا على تعليقات ترامب: "لا أعتقد أن محاربة بعضنا البعض بالوسائل المالية هي طريقة جيدة للمضي قدمًا عندما نكون حلفاء وشركاء مقربين".
وأضافت فريدريكسن أنها ترحب بإبداء واشنطن اهتمامًا أكبر بمنطقة القطب الشمالي، لكن ذلك "سيتعين أن يتم بطريقة تحترم الشعب الجرينلاندي".
ودعا رئيس وزراء جرينلاند موتي إيجيدي إلى الاستقلال عن الدنمارك، لكنه قال إنه لا يرغب في أن تصبح جرينلاند جزءًا من الولايات المتحدة.
بنما.. والصين وأمريكا
كرر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ادعاءه أن الصين تسيطر على قناة بنما، فيما أكدت بنما مرة أخرى سيادتها على الممر المائي الرئيسي بين المحيطين الأطلسي والهادئ غير قابلة للنقاش بعد رفض ترامب استبعاد العمل العسكري لاستعادة السيطرة.
وقال وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز أتشا: "إن سيادة قناتنا غير قابلة للتفاوض وهي جزء من تاريخ نضالنا"، مضيفًا أن الرئيس خوسيه راؤول مولينو أوضح موقفه".
وأدلى ترامب بهذه التصريحات، خلال مؤتمر صحفي عقده في منزله بجنوب فلوريدا، قائلًا: "إن قناة بنما التي شيدتها الولايات المتحدة أوائل القرن العشرين وسلمتها إلى بنما جزئيًا عام 1977 ثم بالكامل عام 1999 تديرها الآن الصين".
ورفض مارتينيز هذا الادعاء قائلًا: "الأيدي الوحيدة التي تدير القناة هي بنمية وهذا هو الوضع الذي ستبقى عليه الأمور".
وقال ترامب: "انظروا، قناة بنما حيوية لبلدنا، ويتم تشغيلها من قبل الصين، وأعطينا قناة بنما لبنما، ولم نعطها للصين لقد أساءوا استخدام هذه الهدية".
وتعتبر الصين ثاني أكبر مستخدم لقناة بنما بعد الولايات المتحدة، كما أنها مستثمر رئيسي في الدولة الواقعة بأمريكا الوسطى، كما هي الحال في العديد من أنحاء العالم.
وتدير شركة تابعة لشركة سي كيه هاتشيسون القابضة التي يقع مقرها في هونج كونج ميناءين عند مدخل القناة، كما ساعدت بكين في تمويل جسر جديد فوق الممر المائي، لكن الصين لا تمتلك القناة أو تسيطر عليها.
وزعم ترامب أيضًا أن بنما "تسرق" الولايات المتحدة من خلال أسعار الشحن المرتفعة، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات خارج السفارة الأمريكية، وبحسب نشرة لويدز ليست للشحن، فإن تكاليف عبور القناة ارتفعت بالفعل، خلال العام الماضي، بسبب الجفاف التاريخي، لكن ليس بالنسبة للولايات المتحدة فقط.
وبدأت فرنسا في الأصل في بناء قناة بنما خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، لكن توقف العمل بعد أن أصبح عدد الوفيات بين العمال في ظل الظروف القاسية غير محتمل، وأفلست الشركة التي تدير العملية، واستحوذت الولايات المتحدة على المشروع، عام 1904، وتم الانتهاء من العمل قبل الموعد المحدد بعامين في 1914.
وتم تسليم القناة إلى بنما من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي توفي 29 ديسمبر 2024.
كندا.. الولاية الـ51
يرغب دونالد ترامب في توحيد كندا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن استهدفها علنًا عدة مرات ووصف الدولة المجاورة في الشمال بأنها "الولاية رقم 51" المحتملة للولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب: "معًا يمكننا أن نصبح أمة عظيمة، وهو ما قوبل بالرفض من قبل المسؤولين في كندا، وقالت وزيرة الخارجية ميلاني جولي في مؤتمر صحفي: "تظهر الفكرة بوضوح أن الرئيس الأمريكي المستقبلي يسيء فهم ما تعنيه كندا تمامًا".
وسبق أن قال ترامب: "إذا اندمجت كندا مع الولايات المتحدة، فلن تكون هناك رسوم جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وسيكونون (الكنديون) في مأمن تمامًا من تهديد السفن الروسية والصينية التي يحاصرونها باستمرار، وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية يمكننا أن نصبح أمة عظيمة".
من خليج المكسيك إلى خليج أمريكا
لم يخفِ ترامب رغبته في إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"، وبناءً على ذلك قد يتم إصدار أمر للسلطات الفيدرالية الأمريكية باستخدام اسم "الخليج الأمريكي" فقط في المستقبل.
ووفقًا لتقارير إعلامية، قالت النائبة الموالية لترامب، مارجوري تايلور جرين، إنها أصدرت تعليمات لموظفيها "بإعداد مشروع قانون على الفور".
وتم استخدام اسم خليج المكسيك للخليج الواقع على الساحل الجنوبي للولايات المتحدة، منذ القرن السادس عشر، ولا يقتصر هذا المسطح المائي على ولايات تكساس ولويزيانا وميسيسيبي وألاباما وفلوريدا الأمريكية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى المكسيك وكوبا، وبالتالي فإن إعادة التسمية الصحيحة تتطلب مفاوضات دبلوماسية مع هذه الدول، إضافة إلى تعديلات كبيرة في الخرائط والمعاهدات الدولية والوثائق العلمية.
الناتو.. وشرط الـ5%
ولم يصل ترامب إلى منصبه بعد، لكنه يريد من أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" زيادة إنفاقهم الدفاعي بشكل كبير، ويجب على كل دولة أن تستثمر 5% من الناتج الاقتصادي.
وقال ترامب إنه في المستقبل، يتعين على الدول الشريكة أن تستثمر 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وأنهم جميعًا يستطيعون تحمل ذلك، لكن يجب أن يكون بنسبة 5%، وليس 2%".
وهدد الرئيس الجمهوري بالفعل أعضاء حلف الناتو الذين في رأيه لا يستثمرون ما يكفي في الدفاع، بعدم دعمهم حال وقوع هجوم روسي، ومن وجهة نظر الجمهوريين، فإن الشركاء الأوروبيين لا يبذلون جهدًا يُذكر في مجال الدفاع ويعتمدون أكثر من اللازم على الولايات المتحدة من أجل الحماية.
وخلال فترة ولايته الأولى في منصبه من 2017 إلى 2021، اتهم ترامب ألمانيا مرارًا وتكرارًا على وجه الخصوص بعدم الإنفاق على الدفاع.
وزادت ألمانيا أخيرًا إنفاقها الدفاعي بشكل كبير، ولكن ستظل نسبة الناتج المحلي الإجمالي نحو 2.1% فقط هذا العام، لم يكن هذا ممكنًا إلا من خلال تضمين الصندوق الخاص للجيش الألماني الذي يزيد على 100 مليار دولار.