أظهرت دراسة تحليلية أن الارتفاعات التي اقترحتها وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز على ضرائب التأمين الوطني "ستدمر 100 ألف وظيفة"، حيث ستضطر الشركات التي تعاني من ضغوط شديدة إلى تسريح الموظفين وتجميد التوظيف.
ونقلت صحيفة "ذا تليجراف" عن "دويتشه بنك" أنّ سوق العمل في المملكة المتحدة "تظهر بالفعل علامات التصدع"، وحذر من أن التغييرات التي أجرتها ريفز على التأمين الوطني من شأنها أن تضع المزيد من الضغوط على أصحاب العمل.
وقال سانجاي راجا، الخبير الاقتصادي في البنك، إنه يتوقع أن يكون الضرر أكبر بمرتين من الـ50 ألف وظيفة التي توقعها مكتب مسؤولية الميزانية في توقعاته التي نشرها إلى جانب الميزانية.
وأوضح "راجا": "نظرًا لأن الزيادة في مساهمات التأمين الوطني هي في نهاية المطاف ضريبة على الرواتب، فإن قرارات الشركات المتعلقة بالرواتب سوف تخضع لتدقيق كبير في المستقبل.. لن يحدث هذا دفعة واحدة.. بل على الأرجح، سوف نشهد انخفاضًا في التوظيف ونمو العمالة، مع قيام بعض الشركات بالتكيف بشكل أسرع مع الزيادة في الضرائب".
وأكد أن عدد الوظائف "بما في ذلك الوظائف المستقبلية، التي قد نفقدها بناءً على ما سبق، هو ما يزيد قليلاً على 100 ألف وظيفة".
خفض الأجور
الشهر الماضي، قالت وزيرة الخزانة البريطانية إن معدل مساهمات أصحاب العمل في التأمين الوطني سيرتفع من 13.8% إلى 15% بدءًا من أبريل، كما سينخفض الحد الأدنى للأجور الذي يبدأ عنده تطبيق هذا المعدل من 9100 جنيه إسترليني سنويًا إلى 5000 جنيه إسترليني.
وتتوقع وزارة الخزانة أن تؤدي هذه الخطوة إلى جمع 25 مليار جنيه إسترليني.
وزعمت ريفز أن التغييرات لا تنتهك وعد بيان حزب العمال الانتخابي بعدم زيادة مساهمات التأمين الوطني، لأن ذلك يشير فقط إلى حصة الضريبة التي يدفعها العمال مباشرة.
أيضًا، ومع توقعات الوزيرة، قال "دويتشه بنك" إن أجور العاملين سوف تتأثر، على الرغم من تعهد ريفز بحماية "العاملين" في الميزانية.
وأوضح التحليل أن زيادات الأجور من المرجح أن تكون أقل بمقدار 5.6 مليار جنيه إسترليني من التوقعات السابقة، إذ يسعى أصحاب العمل إلى تقليل العبء.
ويتوقع البنك الآن نمو متوسط الأجور في المملكة المتحدة بنسبة 3.75% العام المقبل، وليس 4.25% كما توقع قبل الميزانية.
ارتفاع الأسعار
في الوقت نفسه، ستكون الأسعار أعلى في المتاجر، إذ تضطر الشركات، التي تعاني بالفعل من انخفاض الأرباح، إلى نقل بعض تكاليف الضريبة البالغة 25 مليار جنيه إسترليني إلى عملائها.
وسوف يدفع هؤلاء العملاء نحو 6.5 مليار جنيه إسترليني في صورة أسعار أعلى، وهو ما يزيد من التضخم الذي من المتوقع بالفعل أن يرتفع مرة أخرى فوق هدف بنك إنجلترا البالغ 2% في الأشهر المقبلة.
وبحسب "دويتشه بنك"، فإن أصحاب العمل سوف يتكبدون في نهاية المطاف تكاليف سنوية تقدر بنحو 19 مليار جنيه إسترليني من الضريبة، وهو أقل من رقم 25 مليار جنيه إسترليني التي قدرتها وزارة الخزانة، حيث يقع جزء من هذه التكلفة على رواتب القطاع العام، وليس القطاع الخاص.
أيضًا، اقترح البنك أن تخفض الشركات الإنفاق الرأسمالي بنحو 1.4 مليار جنيه إسترليني. وهو ما يقلل الاستثمار التجاري في مختلف أنحاء الاقتصاد بنسبة 0.5%.
لكن هذا قد يقوض هدفًا آخر وضعته ريفز، وهو تعزيز حالة الاستثمار في بريطانيا وتحسين النمو الاقتصادي على المدى الطويل.