الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في اليوم العربي للمسرح.. آمال وتحديات "أبو الفنون" تمتد من مصر إلى الخليج

  • مشاركة :
post-title
اليوم العربي للمسرح

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

آمال وتطلعات تُغازل عددًا كبيرًا من المسرحيين العرب في ظل الاحتفال باليوم العربي للمسرح الذي يوافق 10 يناير، إذ يعود تاريخ تخصيص هذا اليوم إلى أول اجتماع تأسيسي للهيئة العربية للمسرح، ليُصبح يومًا استثنائيًا يُحتفل فيه بـ "أبو الفنون"، كما أن هذا اليوم يتزامن مع افتتاح مهرجان المسرح العربي الذي انطلقت دورته الـ 13 بالدار البيضاء بالمغرب.

مر المسرح العربي بمراحل كثيرة ما بين صعود وركود، حيث شهد صحوة في بلدان وعروض عكست قضايا الوطن العربي وعبّرت عنها وساهمت في توعية جمهورها، فيما كانت هناك بلدان أخرى أقل حظًا.

بلدان سبقت غيرها في إدخال المسرح لشعبها، منها مصر التي كانت من أوائل البلاد التي دخلها المسرح في نهاية القرن الـ 18 وتحديدًا عام 1798، فيما عرفت بلدان أخرى فن المسرح منذ سنوات قريبة مُقارنة بغيرها.

تحدث عدد من المتخصصين المسرحيين من دول الوطن العربي، لموقع "القاهرة الإخبارية" في اليوم العربي للمسرح، عن رؤيتهم المستقبلية للمسرح وما ينقصه؟ والتحديات التي تواجهه.

المسرح المصري

أنارت مسارح مصر شُعلة النور في كل ربوع الوطن العربي، وخرج منها آلاف الفنانين الذين ملأوا الدنيا بإبداعهم على مدار عقود طويلة، ليسبق المسرح كل الفنون.

تقول الفنانة المصرية سميحة أيوب المتوجة بلقب سيدة المسرح العربي، التي تم اختيارها مؤخرا في اللجنة العليا للبيت الفني للمسرح المصري، إن مصر ستشهد طفرة خلال الفترة المقبلة في جميع مسارح الدولة إذ يُجري الإعداد لتقديم عروض مسرحية متميزة.

وأشارت إلى أن المسرح العربي مر بأزمة خلال السنوات الماضية ولكنه يسترد عافيته خلال الفترة المقبلة، ونُجري حاليًا في مصر اختيار نصوص مسرحية مميزة استعدادًا لإنتاجها.

سميحة أيوب

فلسطين

عبّر المسرح في فلسطين عن وضع الدولة نفسها، إذ تقاسما المعاناة والمقاومة ومحاولة التعبير عن القضية الفلسطينية ومحاربة الاحتلال، ليقول الفنان المسرحي الفلسطيني القدير حسام أبو عيشة لموقع القاهرة الإخبارية: المسرح الفلسطيني مختلف تمامًا و"يغرد منفردًا "عن كل أشكاله في الوطن العربي فهو مسرح مُقاوم ومُحارب من قبل الاحتلال ونحاول من خلاله التعبير عن القضية الفلسطينية.

يضيف أبو عيشة: "رغم كل المعوقات التي واجهها من قبل الاحتلال ولكنه استطاع أن يثبت حضوره فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا فهناك عدد كبير من المشاركات المسرحية في المهرجانات الدولية صعدت على منصات التتويج، رغم أن الهدف ليس فقط اقتناص الجوائز ولكن توصيل القضية".

وعن مُتطلبات المسرح في فلسطين قال: "ينقصنا تأسيس نقابة للفنانين في فلسطين، فنحن نحارب لكي يتم تثبيت قانون نقابة الفنانين إذ يكون التصويت له بالمجلس التشريعي والمجلس الوطني الفلسطيني".

وعن رأيه في المسرح العربي قال: المسرح العربي حفر بالصخر منذ أكثر من ١٥٠ عامًا وإن كان بدأ بالكنائس ثم تشكلت الفرق، مشيرًا إلى أن المسرح يسير بخطوات جديرة بالاهتمام، فالمسرح العربي بدأ ترميم نفسه، وأقصد بذلك مهرجانات كبيرة بالوطن العربي مثل القاهرة للمسرح، ومهرجان دمشق المسرحي، ومهرجان فوانيس في عمان، ومهرجانات أخرى بالرباط والجزائر، فخلال ١٠ سنوات مر المسرح بفترة انحدار نتيجة انتشار التكنولوجيا، ولكن حاليًا نحن نعيش في مرحلة ترميم تقودها الهيئة العربية للمسرح".

ويؤكد حسام أبو عيشة: المسرح في كل الدول العربية ينقسم إلى نصفين، وهنا لا نقصد بالمسرح التجاري الذي قدّمه نجوم كبار منهم عادل إمام وسمير غانم وغيرهم وإن كان به مسرحيات رائعة وقيّمة وتعيش حتى اليوم، فالقسم الأول يمثل حركة مسرحية تحمل قضية فنية مُتقدمة للأمام، أما الثاني فيطغى فيه الشكل المسرحي على حساب المضمون.

حسام أبو عيشة

الأردن

منذ ستينيات القرن الماضي، نشأت الحركة المسرحية بالأردن من خلال مسرح الجامعة، ومع إنشاء جامعة الأردن وقدوم المخرج هاني صنوبر من أمريكا، بدأت نهضة مسرحية قُدمت من خلالها أشكال متنوعة من المسرحيات التاريخية والاجتماعية والدينية.

يقول الفنان الأردني علي عليان رئيس مهرجان المسرح الحر بالأردن لموقع "القاهرة الإخبارية": يعاني المسرح العربي من معوقات منها مسألة الإنتاج والتي أدت إلى بعض الإخفاقات في كم ونوعية الإنتاج، كما أن جائحة كورونا أثرت سلبا خلال السنوات الماضية على المسرح، وقللت من الإنتاجات ومحاولة التوسع في الأعمال المسرحية، وكان الحل هو اللجوء للأعمال المقننة والاستعانة بممثلين عددهم قليل للغاية".

أوضح أن قلة الأعمال المسرحية أثرت على إقبال الجمهور على المسارح العربية والمهرجانات الدولية المسرحية، مشيرًا إلى أن العدد يختلف من بلد لأخرى.

وحول أهمية تنوع المسرح العربي وتعدده، يرى عليان أنها مسألة مهمة للغاية حيث يقول: "تنوع المسرح العربي يُساهم في عمل تبادل فكري للعروض المسرحية، كما أن المهرجانات المسرحية ظاهرة صحية ومهمة جدًا، لذا من المهم أن يكون المهرجان المسرحي مختلفًا، خاصة أن هذه العروض والمهرجانات أصبحت تقتصر على تسويق العروض من جانب مدراء المهرجانات".

وعن المسرح الأردني يقول عليان: نُعاني من مسألة الإنتاج وقلة العروض، كما أن الحضور من الجمهور في الأعمال المسرحية يتنوع حسب توقيت إقامة العروض، ففي فصل الشتاء تقدم عروض أكثر من مثيلاتها في الصيف، الذي يشهد خروج الناس بشكل أكبر للأماكن المفتوحة بعيدًا عن المُغلقة مما ينعكس على عدد الجمهور في المسارح الأردنية".

علي عليان

الإمارات

ظهر المسرح في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، مع ظهور مدرسة القادسية، وفي الستينيات ظهر الفنان العراقي واثق السامرائي وقدّم عروضًا في دبي، وفي السبعينيات تأسست فرقة المسرح القومي في دبي كأول مؤسسة مسرحية تتبع وزارة الشباب والرياضة.

تحدث الفنان المسرحي الإماراتي عبد الله راشد لموقع "القاهرة الإخبارية"، عن المسرح في الإمارات قائلًا: إن المسرح في الإمارات شأنه مثل المسرح في سائر الأقطار العربية والعالمية، فمنذ بداياته نشأ محاكيًا وراصدًا للبيئة المُحيطة به معبرًا عنها، في صورة مختلفة بدأت بفقرات "اسكتشات" ثم تطورت إلى مسرحيات ذات نصوص، ثم مُحاكاة ومجاراة النصوص العربية والعالمية، وإسقاطها على الواقع في المجتمع المحلي والعربي.

أوضح أن المسرح يُمثل فعلًا ثقافيًا مؤثرًا، ومن خلاله برزت النصوص والأعمال المسرحية للتعبير عن إرهاصات المجتمع مع تطوره وانفتاحه على الآخر وبات مرآة للمجتمع.

‏أضاف أن المسرح يعتبر أحد المقومات الثقافية والفنية التي تنامت للتعبير عن خصوصية المجتمع واقترانه بالحراك المسرحي والثقافي العربي، مشيرً إلى أن أبرز التحديات التي يواجهها المسرح في الإمارات تتمثل في النمو المتسارع في جوانب الحياة كالتطور الهائل العمراني والتكنولوجي ومدى القدرة على مجاراة الواقع للتعبير عن الإرهاصات الناتجة عن المتغيرات في أفراد المجتمع.

أوضح أن قدرة المسرح على محاكاة الواقع في المجتمع تجري بوتيرة بطيئة لعلاقتها بالتراكم، موضحا أن هذه التحديات تواجه المسرح ليس بالإمارات فحسب ولكن بالعالم أجمع فهي قاسم مشترك بين الدول متسارعة النمو.

بينما قال الكاتب المسرحي المصري المُقيم في الإمارات مجدي محفوظ، إن ما ينقص المسرح العربي هو الدعم المادي من وزارات الثقافة مع الأخذ في الاعتبار بضرورة تفعيل دورها وكثرة المهرجانات.

وأوضح أن اليوم العربي للمسرح يمثل مرحلة مهمة، إذ استطاع تقديم الكثير من الفعاليات المسرحية والثقافية، والتي مثّلت مرحلة مهمة في تاريخ الحراك المسرحي العربي، وتقديم العديد من العروض التي استطاع المشاهد الاطلاع عليها بحيث يمثل المسرح العربي محطة التقاء فكري بين مسرحي العالم والاطلاع على مُختلف التجارب المسرحية، والتي مثّلت نوعًا جديدًا من التقارب الفكري، حيث تُمثل تلك المرحلة نقلة نوعية في المسرح العربي، والذي جسّد الكثير من القضايا العربية على مختلف دول العالم.

وأضاف أن المسرح انتقل لمرحلة مهمة في تاريخ الحركة المسرحية في الوطن العربي مما خلق فرصة للالتقاء والتعارف المسرحي، وطرح الرؤى الجديدة التي ساعدت في خلق مناخ مسرحي مُتميز على مستوى الأداء وساعد في إحداث مجال سياحي ثقافي أدى إلى زيادة الفعل الثقافي المتميز، كما أن الأكثر أهمية من ذلك هو انخراط الكثير من الشباب في الحركة المسرحية والاهتمام بها، من خلال قضايا العصر التي تم طرحها للمشاهد.

عبد الله راشد

السعودية

دخل فن المسرح السعودية عام 1950، وظل حكرًا على الرجال لسنوات طويلة، ولكن مع نهضتها شهد المسرح صحوة منذ عام 2019 ليدخل الفن عامة والمسرح خاصة في مرحلة جديدة مع إنشاء هيئة المسرح والفنون الأدائية.

تقول د. ملحة عبد الله عميدة المسرح السعودي لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن الحركة المسرحية تشهد نهضة وتطورًا وعطاءً فكريًا فلسفيًا إبداعيًا بجهود رواده الطامحين لنوافذ المسرح المُضيئة، مؤكدة أن المسرح في السعودية يُبنى على رؤية 2030.

تشير "ملحة" إلى أن المسرح في أي مكان من العالم يتمحور حول نواته، ثم ينطلق مثل طائر الفينيق الذي يستمد حياته وشبابه من شيخوخته ويتجدد مُحطمًا حائط كل التوقعات، فمن أهم سماته التي يتميز بها، وتُكسبه المتعة هو كسر حائط التوقع.

أضافت عميدة المسرح: "تعوّدنا على أن ننثر الأمل والتفاؤل لأن المسرح لا يزال ينجب كل يوم بطلًا من أبطاله المبدعين العاشقين التواقين إلى حد العشق، لكن العقبة التي تواجهه تكمن في توفير مناخ اقتصادي يغذي شرايينه، لأن الفيلم والمسلسل ضغطا على تفضيلات صنّاعه فأصبحت الأموال هي الحاكم والمسيّر لهؤلاء الصناع بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العمل المسرحي في أجواء عالم الصورة".

تابعت: "من بين التحديات التي تواجه (أبو الفنون) ندرة المسارح وإن وجدت فهي باهظة الثمن، وأعتقد أنه إذا توفرت خشبات للعرض المسرحي بأسعار رمزية لأصبح المسرح في كل حي، وبعدها يفرز الغث من الثمين والجدارة للأفضل، فضلًا على أن من بين التحديات الأخرى هي قلة عدد المتخصصين".

ملحة عبد الله