الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

النتائج جاءت عكسية.. ماكرون يعترف بفشل قرار حل البرلمان

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في اعتراف غير مسبوق بمسؤوليته عن تفاقم حالة الانقسام السياسي في البلاد، اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنَّ قراره المفاجئ بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة أدى إلى نتائج عكسية.

ويأتي هذا الاعتراف في وقت تشهد فيه فرنسا تحولات سياسية عميقة وتحديات داخلية وخارجية متزايدة، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

مسار الأزمة وتداعياتها السياسية

وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا، بدأت تتصاعد عندما قرر ماكرون بشكل مفاجئ حل البرلمان في يونيو الماضي، بعد أداء مخيب للآمال لمرشحي تياره الوسطي في الانتخابات الأوروبية.

وبرر ماكرون قراره بحاجة البلاد إلى "لحظة توضيح" لمواجهة الصعود المتنامي لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، غير أن النتائج جاءت صادمة للرئيس الفرنسي، إذ أظهرت الانتخابات التشريعية رفضًا قاطعًا لأجندته الاقتصادية المؤيدة للأعمال، وأدت إلى تحول تاريخي جعل التجمع الوطني القوة السياسية الأكبر في برلمان منقسم إلى ثلاث كتل متنافرة.

وفي خطابه السنوي الثامن بمناسبة العام الجديد، نقلت الصحيفة اعتراف ماكرون الصريح قائلًا: "عليَّ أن أعترف الليلة بأن حل البرلمان جلب المزيد من الانقسامات للجمعية الوطنية أكثر من الحلول للشعب الفرنسي"، ما يعكس حجم المأزق السياسي الذي وجد ماكرون نفسه فيه، خاصة مع تراجع شعبيته إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة إيلاب، في ديسمبر الماضي، أن نسبة الثقة في قدرته على معالجة مشكلات فرنسا لم تتجاوز 21%، وهو ما يمثل أدنى مستوى منذ توليه الرئاسة.

تحديات متعددة وحكومات متعاقبة

شهدت فرنسا، وفقًا لتقرير فايننشال تايمز، سلسلة من التغييرات الحكومية المتتالية في محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة السياسية، فبعد الانتخابات التشريعية، عيّن ماكرون السياسي المحافظ وكبير مفاوضي بريكست السابق ميشيل بارنييه رئيسًا للوزراء في سبتمبر، في محاولة لبناء توافق سياسي عبر مختلف الأطياف، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل.

وسقط بارنييه في تصويت لحجب الثقة الشهر الماضي، بعد فشله في حشد الدعم من اليسار واليمين المتطرف لميزانية كانت تهدف إلى خفض العجز الذي تجاوز نسبة 6% في 2024.

وفي أعقاب هذا الفشل، اضطر ماكرون إلى تعيين حليفه المقرب فرنسوا بايرو رئيسًا للوزراء في محاولة جديدة لإعادة الاستقرار السياسي.

مستقبل غامض وتحديات متزايدة

وعززت التطورات الأخيرة تعقيدات المشهد، إذ كشفت "فايننشال تايمز" عن إشارات ماكرون إلى احتمال إجراء استفتاءات في عام 2025، إذ ألمح في خطابه إلى أنه قد يطلب من الناخبين الفرنسيين التصويت مجددًا على "قضايا رئيسية".

ويأتي هذا في سياق تحديات خارجية متزايدة، خاصة مع إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، ما دفع ماكرون إلى التأكيد على أن "أوروبا لم يعد بإمكانها تفويض أمنها ودفاعها لقوى أخرى"، في دعوة واضحة لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية المستقلة.

وفي المقابل، انتقدت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، اعتراف ماكرون بشدة في رسالتها بمناسبة العام الجديد، واصفة إياه بأنه "ندم متأخر" و"مناشدات سطحية من رئيس دولة فقد مصداقيته نهائيًا".

وأكدت لوبان أن عام 2025 سيكون "عامًا حاسمًا"، مشيرة إلى أن حل مشكلات فرنسا لا يمكن أن يتم إلا من خلال "قرار ديمقراطي"، في إشارة ضمنية إلى إمكانية الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة قبل موعدها المقرر في 2027.

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن فرنسا تقف على مفترق طرق تاريخي، إذ تتشابك التحديات الداخلية مع الضغوط الخارجية في ظل مشهد سياسي منقسم بشكل غير مسبوق.