عصف القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والتصعيد بين حزب الله وقوات الاحتلال في جنوب لبنان، باقتصادهما خلال 2024، وسط معاناة غير مسبوقة يعيشها المدنيون في المنطقتين جراء العدوان الغاشم.
شلل مالي
كشف البنك الدولي في وقت سابق من الشهر الجاري، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدفع الأراضي الفلسطينية إلى أزمة غير مسبوقة، مشيرًا إلى أنه خسر الاقتصاد الفلسطيني بمقدار الربع خلال العام الحالي بعد انكماش كبير آخر في 2023.
ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطنية "وفا"، قال البنك الدولي إن الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين شهد انخفاضًا كبيرًا إثر الحرب المتواصلة على غزة، الذي بلغ 86% في النصف الأول من عام 2024، وانكمش اقتصاد الضفة الغربية المحتلة بنسبة 23% خلال الفترة ذاتها، ووصف البنك الدولي الوضع بـ"تباطؤ لا مثيل له في الذاكرة الحديثة".
وأفاد البنك الدولي بأن تأثير الصراع الجاري تجاوز جميع الأزمات الاقتصادية السابقة في الأراضي الفلسطينية على مدى العقدين الماضيين، بما في ذلك الانتفاضة الثانية في 2000، والانقسام الداخلي عام 2006، وحرب غزة عام 2014، و جائحة "كوفيد-19".
ويُقدّر البنك الدولي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 26% لفلسطين ككل خلال 2024، مع تأثر جميع القطاعات بشكل كبير، خاصة البناء والتصنيع والخدمات والتجارة.
وأدت الحرب إلى اضطرابات في سوق العمل، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في غزة، حيث أصبح أكثر من 80% من السكان عاطلين عن العمل.
وتفاقمت التحديات المالية للسلطة الفلسطينية، حيث أدى انخفاض الإيرادات وزيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من إيرادات المقاصة- الضرائب التي تجبيها إسرائيل بالنيابة عن السلطة الفلسطينية- إلى تقليص رواتب الموظفين العموميين من 60 إلى 70% منذ بداية الحرب.
ووفقًا للبنك، فإن 91% من سكان غزة على شفا انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع ارتفاع خطر المجاعة في شمالي القطاع.
وشدّد البنك الدولي على أهمية إنهاء العدوان الإسرائيلي للسماح باستعادة الخدمات الأساسية وبدء التعافي الاجتماعي والاقتصادي.
خسائر مليارية
ووفقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، قدّر البنك الدولي، في وقت سابق من الشهر الماضي، الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية ضد لبنان بنحو 5.1 مليار دولار.
وقال البنك الدولي في تقرير له، إن لبنان، الذي مزقته سنوات من الأزمة الاقتصادية، عانى من أضرار في الهياكل المادية وحدها بلغت 3.4 مليار دولار، وخسائر اقتصادية وصلت إلى 5.1 مليار دولار منذ اندلاع الأعمال العدائية في أكتوبر العام الماضي.
ووفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، أدى الصراع إلى مقتل ما يقرب من 3.400 شخص وإصابة ما يقرب من 14.500 آخرين في لبنان منذ أكتوبر من العام الماضي.
وأشار البنك في تقريره إلى أنه خلال الصراع المستمر منذ 13 شهرًا، نزح أكثر من 1.3 مليون شخص، 875 ألفًا منهم داخليًا، وكان النساء والأطفال والمسنون وذوو الإعاقة واللاجئون الأكثر عرضة للخطر.
وتسببت الأعمال الإسرائيلية في أضرار اقتصادية كبيرة، حيث خفّضت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنسبة 6.6% على الأقل في عام 2024، وفقًا للتقرير.
وذكر البنك الدولي أن ما يقدر بنحو 166 ألف عامل فقدوا وظائفهم، وأن ما يقرب من 100 ألف منزل تضرر جزئيًا أو كليًا، بقيمة تصل إلى 3.2 مليار دولار من الخسائر والأضرار، إلى جانب خسائر تعطل التجارة والزراعة التي تقدّر بأكثر من 3 مليارات دولار.
الضرر يصيب إسرائيل
وانعكس تأثير الهجمات الإسرائيلية على اقتصاد دولة الاحتلال نفسها، إذ شهدت عجزًا في الميزانية إثر زيادة الإنفاق، وتأثرها بغياب أكثر من 170 ألف عامل فلسطيني كانوا يعملون في قطاعات حيوية بصدارة الإنشاءات.
ووفقًا لـ"تايمز أوف إسرائيل"، أقر الكنيست الإسرائيلي، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، مشروع قانون لرفع سقف العجز في ميزانية 2024 إلى 7.7% بدلًا من 6.6%، كما صادق في جلسته العامة، الثلاثاء الماضي، على التوصية المشتركة للجنة الخارجية والأمن ولجنة الدستور بتمديد سريان إعلان حالة الطوارئ.
وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش للكنيست الإسرائيلي في سبتمبر الماضي: "نحن في أطول حرب وأكثرها تكلفة في تاريخ إسرائيل".
واعترف سموتريتش بأن تكلفة العمليات العسكرية قد تتراوح بين 200 مليار و250 مليار شيكل (بين 54 مليارًا و68 مليار دولار).