كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن توجهات توسعية غير مسبوقة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يستعد لتولي مقاليد السلطة في البيت الأبيض مطلع عام 2025، إذ تضمنت هذه التوجهات خططًا طموحة للسيطرة على مناطق استراتيجية في نصف الكرة الغربي، في خطوة تذكر بالسياسات التوسعية التقليدية للقوى العظمى.
نهج ترامب
وبحسب الصحيفة الأمريكية، يمزج ترامب في التعامل مع الملفات الخارجية بين التهديدات الصريحة والمناورات الدبلوماسية.
ويستند هذا النهج إلى تجربته السابقة في البيت الأبيض، حيث نجح في تحقيق مكاسب دبلوماسية من خلال سياسة "عدم القدرة على التنبؤ".
ويؤكد ماثيو بارتليت، الاستراتيجي الجمهوري الذي عمل في إدارة ترامب الأولى، أن هذا الأسلوب أثبت فعاليته في السابق، حيث دفع العديد من القادة الأجانب إلى إعادة النظر في مواقفهم؛ خوفًا من ردود فعل غير متوقعة من البيت الأبيض.
وفي هذا السياق، يشير ديف كارني، المستشار السياسي الذي عمل مع لجنة العمل السياسي المؤيدة لترامب، إلى أن التهديدات الحالية قد تكون جزءًا من استراتيجية تفاوضية أوسع.
ويستشهد كارني بتجربة ترامب السابقة مع حلف الناتو، حيث أدت تهديداته بالانسحاب من الحلف إلى زيادة الإنفاق العسكري للدول الأعضاء.
خطط توسعية
تكشف المنشورات الأخيرة لترامب على منصة "تروث سوشيال" عن رؤية توسعية تشمل ثلاثة محاور رئيسية، وهي ضم كندا كولاية أمريكية جديدة، واستعادة السيطرة على قناة بنما، والاستحواذ على جرينلاند.
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل دولية غاضبة، خاصة من القيادات السياسية في هذه المناطق، إذ رد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على اقتراح ترامب بتعيين نجم هوكي الجليد واين جريتزكي "حاكمًا" لكندا بنشر فيديو تعليمي عن العلاقات التاريخية بين البلدين، في محاولة دبلوماسية لاحتواء الموقف.
أما في بنما، فجاء الرد أكثر حدة من الرئيس خوسيه راؤول مولينو، الذي أكد أن سيادة بلاده على القناة "غير قابلة للتفاوض".
وتأتي مطالبات ترامب في وقت يتزايد فيه القلق الأمريكي من النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، حيث تعد الصين ثاني أكبر مستخدم للقناة.
مخاوف المجتمع الدولي
يرى المراقبون أن توجهات ترامب الجديدة تعكس تحولًا جذريًا في السياسة الخارجية الأمريكية من العزلة إلى التدخل المباشر.
ويُؤكد مسؤول في الفريق الانتقالي لترامب، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن هذه السياسة بدأت تُؤتي ثمارها بالفعل.
فعلى سبيل المثال، التزمت كندا بتشديد إجراءات الأمن على حدودها الشمالية ومكافحة تهريب المخدرات؛ استجابة للضغوط الأمريكية.
وتدافع آنا كيلي، المتحدثة باسم الفريق الانتقالي، عن هذا النهج قائلة إن "ترامب حقق إنجازات أكبر لمصلحة أمريكا منذ فوزه في الخامس من نوفمبر؛ مما حققه جو بايدن في أربع سنوات".
وتضيف أن القادة العالميين يتسابقون للتفاوض مع ترامب؛ لأنه "يفي بوعده بجعل أمريكا قوية مرة أخرى".
ويمتد تأثير هذه السياسة الجديدة إلى المكسيك أيضًا، حيث يناقش مستشارو ترامب إمكانية تنفيذ "غزو ناعم" للبلاد في إطار الحرب على عصابات المخدرات، وهو ما قوبل برفض قاطع من الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم.
وتختتم بوليتيكو بتحليل للمشهد المستقبلي، مشيرة إلى أن هذه التوجهات، وإن بدت غير واقعية للوهلة الأولى، قد تؤدي إلى تغييرات جوهرية في النظام الدولي.
ويرى محللون أن نجاح هذه الاستراتيجية سيعتمد على قدرة ترامب على تحويل تهديداته إلى مكاسب دبلوماسية ملموسة، مع تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى أزمات دولية خطيرة.