الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من بايدن إلى ترامب.. "القيادة المُسنَّة" أزمة محورية في الشارع الأمريكي

  • مشاركة :
post-title
بايدن وترامب خلال لقاء جمعهما في البيت الأبيض بعد فوز الأخير بالانتخابات

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بات التأثير المحتمل لتقدم عمر قادة الإدارة الأمريكية المقبلة قضية محورية في الشارع السياسي بالولايات المتحدة، لما لذلك من انعكاس واضح على أداء الإدارة وكفاءة مسؤوليها.

مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، خلال تقرير يلمس هذه القضية المحورية، سلطت الضوء على حالة النائبة الجمهورية كاي جرينجر، والتي ألقت بظلالها على أزمة أعمق تتعلق بالشفافية والمصداقية في إدارة الشؤون العامة، مما أثار تساؤلات حول مستقبل القيادة في الولايات المتحدة.

النائبة كاي جرينجر، البالغة من العمر 81 عامًا، والتي كانت واحدة من أبرز الشخصيات الجمهورية في تكساس، اختفت عن الكونجرس منذ شهر يوليو الماضي.

جاء هذا بعد إعلان جرينجر استقالتها من رئاسة لجنة المخصصات في مجلس النواب، وأنها لن تسعى لإعادة انتخابها، وفسرت صحيفة "دالاس إكسبريس" هذا الغياب بانتقالها إلى منشأة للرعاية المدعومة؛ نتيجة مشاكل صحية تضمنت أعراضًا تشير إلى تدهور إدراكي.

وقد أكد نجل النائبة كاي جرينجر أن تدهور صحتها كان سريعًا للغاية، مما جعل العمل والسفر إلى واشنطن أمرين غير ممكنين.

الشفافية المفقودة

حالة جرينجر كشفت عن غياب الشفافية تجاه الناخبين والمسؤولين، فعائلتها وموظفوها تعرضوا لانتقادات بسبب عدم الإفصاح عن حالتها الصحية في وقت مبكر، مما أثار تساؤلات حول مدى مصداقية النظام السياسي الأمريكي.

ووصف رولاندو جارسيا، عضو اللجنة التنفيذية للحزب الجمهوري في تكساس، ما حدث بأنه "نهاية حزينة ومذلة لمسيرة سياسية طويلة"، متسائلًا عن مدى صعوبة مواجهة القادة بحقيقة أن الوقت قد حان للتنحي.

معضلة العمر

قضية جرينجر ليست استثناءً، بل جزء من ظاهرة أوسع، فالعديد من السياسيين الأمريكيين البارزين يواجهون دعوات للتقاعد بسبب تقدمهم في السن، إلا أنهم يصرون على البقاء في مناصبهم.

الأمثلة على ذلك تشمل وفاة السناتور ديان فاينشتاين والقاضية روث بادر جينسبيرج أثناء شغلهما مناصب حساسة، بالإضافة إلى استمرار ميتش ماكونيل ونانسي بيلوسي وتشاك جراسلي في ممارسة أدوارهم رغم وصولهم إلى أعمار تتجاوز الثمانين عامًا.

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس جو بايدن

الرئيس جو بايدن، الذي قرر الترشح لولاية ثانية وهو في الثمانينيات من عمره، واجه انتقادات بسبب التحديات الصحية المرتبطة بتقدمه في السن.

ووفقًا لتقرير "وول ستريت جورنال" الأمريكية، وضع موظفو البيت الأبيض نظامًا محكمًا لتنظيم جدول أعماله وتفاعلاته، ما يثير تساؤلات حول قدرته على قيادة البلاد بكفاءة.

وعلى الرغم من ذلك، يواصل البيت الأبيض نفي أن تكون صحة الرئيس تشكل عائقًا أمام أداء مهامه.

بعد انسحاب الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، من سباق الانتخابات الرئاسية، وتوقفه عن سعيه لولاية ثانية، ووسط تراجع ملحوظ لحالته الصحية، ترشحت نائبته كامالا هاريس.

عمر ترامب

وبجانب جو بايدن البالغ من العمر 81 عامًا، أصبح الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي كان أصغر منه بثلاث سنوات فقط، ثاني أكبر رئيس سنًا في تاريخ الولايات المتحدة بعد بايدن، وهو الوتر الذي سرعان ما بدأ الديمقراطيون في العزف عليه سياسيًا، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.

وبعد انسحاب جو بايدن من حملة الانتخابات الرئاسية، أصبح التركيز فجأة على السن المتقدمة لدونالد ترامب، ونشرت بعض حملات الديمقراطيين صورة على فيسبوك تُظهر ترامب بعد التصويت لصالحه في عام 2020، ومقارنتها بصورته الحالية للإشارة إلى التقدم الملحوظ في العمر.

وحلّل عالم السياسة ماثيو فوستر في إحدى الجامعات الأمريكية في يونيو الماضي، أن ترامب كان يتجول بشكل مرتبك، ويبدو في بعض الأحيان وكأنه كبير في السن مخمور عندما يلقي هذه الخطب، وقد تكون هذه علامة على تقدم السن، وأنه أصبح أقل قدرة على التحكم في كل دوافعه.

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب

وفي ظهور سابق، خلط ترامب بين الرئيس التركي ورئيس الحكومة المجرية، وحذّر من حرب عالمية ثانية وليست ثالثة، ووصف القاتل المتسلسل هانيبال ليكتر من فيلم "صمت الحملان" بأنه "رجل رائع، وعندما أراد ترامب التباهي بنتائج الفحص المعرفي، نسي اسم طبيبه.

بالنسبة للناخبين، يعد عمر المرشحين الرئاسيين معيارًا حاسمًا للتصويت، وفي استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست ومحطة ABC الإخبارية التلفزيونية، ذكر 60% من المشاركين أنهم يعتقدون أن ترامب أكبر من أن يتمكن من ولاية أخرى كرئيس للولايات المتحدة.

القضية تتجاوز العمر لتصل إلى حق الشعب الأمريكي في معرفة الحقائق حول الحالة الصحية لقادته، وما إذا كان يتم تقديم المعلومات بشفافية، ومدى ضلوع الدوائر المحيطة بالقادة في السعي لإخفاء الحقيقة، وتأثير ذلك على مصالح الأفراد والشعب، جميعها أسئلة تكتسب أهمية خاصة عندما تؤثر تحديات القادة الصحية على القرارات السياسية الكبرى.

ومع استمرار تقدم السياسيين الأمريكيين في العمر، تصبح الحاجة إلى نقاش وطني حول التوازن بين الخبرة والقدرة أكثر إلحاحًا، كون التحدي الرئيسي يكمن في ضمان قيادة فعالة دون التضحية بالشفافية أو المصداقية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كيفية تعامل النظام السياسي الأمريكي مع مسألة العمر والقيادة.