من سيد درويش ونجيب الريحاني ويوسف وهبي، إلى فريد شوقي ومحمود ياسين ونور الشريف، وغيرهم من النجوم الذين شكّلوا القوة الناعمة لمصر على مر العصور، ليعززوا مكانتها الثقافية والفنية بين الأمم، ويؤكدوا على ريادتها الفنية، بعدما أثروا الفن المصري والعربي بكنوز توارثتها الأجيال، ولا تزال حتى الآن.
ما قدمه هؤلاء النجوم من سجل فني مُشرف، كان دافعًا من جانب وزارة الثقافة المصرية، للاحتفاء بهم وتخليد ذكراهم، من خلال تدشين متحف فني يحمل اسم "رموز ورواد الفن المصري"؛ ليكون فرصة للأجيال الجديدة للتعرّف على تاريخ نجومهم، الذين مازالوا حاضرين بماضيهم الناجح إلى اليوم.
فعند المرور بين جُدران المتحف نجد أنفسنا أمام حقب زمنية مُختلفة، أبدع فيها هؤلاء النجوم، فهنا بدلة ارتداها فنان في أحد الأعمال الفنية، وهناك درع تسلمته فنانة عن دور مميز جسدته، مقتنيات عديدة تعيدك إلى زمن الفن الجميل الذي أعادته وزارة الثقافة من جديد، في حفل بمقر المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، حضرته وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني، المخرج المصري خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، والفنان القدير ياسر صادق رئيس الإدارة المركزية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وجمعية أبناء فناني مصر، ليشهدوا افتتاح هذا الصرح العظيم.
يُخلّد المتحف الذي يُعتبر الوحيد في الوطن العربي، تراث عدد كبير من نجوم الزمن الجميل بما يحتويه من مقتنيات هامة لكل من نجيب الريحاني، زكي طليمات، سيد درويش، يوسف وهبي، توفيق الحكيم، صلاح جاهين، داود حسني، نبيل الألفي، علوية جميل، أمينة رزق، محمد الكحلاوي، توفيق الدقن، محمود عزمي، السيد راضي، محمد رضا، إبراهيم سعفان.
بالإضافة إلى مقتنيات عبد المنعم إبراهيم، عدلي كاسب، شكري سرحان، حسن عابدين، زوزو نبيل، سميحة أيوب، سمير العصفوري، فهمي الخولي، عقيلة راتب، عمر الحريري، سميرة عبد العزيز، مديحة حمدي، آمال رمزي، مشيرة إسماعيل، محمود الجندي، محمد شوقي، أحمد راتب، سناء شافع، سيد زيان، مجدي وهبة، ومحمد متولي، محمود مسعود، المنتصر بالله، سهير الباروني، جمال إسماعيل، صلاح رشوان، طلعت زكريا، فاروق يوسف، محمد عناني، وحسن الديب.
كما شهد المتحف وجود مخططات بخط اليد لبديع خيري، ومارون النقاش، ومحمد التابعي، وأبو السعود الإبياري، وأيضا ماكيت دار الأوبرا المصرية القديمة، وآخر للمسرح القومي، وماكيت لمسرح سيد درويش، والعديد من الصور الأصلية، والنوت الموسيقية والنصوص المسرحية التراثية النادرة، والمقتنيات الشخصية لنجوم في مجالات المسرح والموسيقى والفنون الشعبية.
ذاكرة مصر
عُرض خلال الحفل، فيلم تسجيلي عن كواليس التحضير للمتحف أقيم قبل الافتتاح، وحرصت وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني على أن تلقي كلمة، حيث قالت: "هذا المتحف هو ذاكرة مصر الفنية، وأشكر كل من عمل على هذا الصرح وتجهيزه لأن هذه المقتنيات جزء من تاريخنا، وأشكر قطاع الإنتاج الثقافي وعلى رأسهم خالد جلال الذي يفاجئنا دائمًا بأفكاره، وياسر صادق لأنه بذل قصارى جهده لكي يُفتتح المتحف".
مرحلة التطوير
"أهمية تطوير هذا المتحف من أهمية مصر وريادتها الفنية" هكذا بدأ الفنان ياسر صادق مدير المتحف حديثه مع موقع "القاهرة الإخبارية"، مضيفًا: "سمعنا في الفترة الأخيرة عن بيع مقتنيات الفنانين، لذلك كان شغلي الشاغل أن يخرج المتحف المُتخصص الوحيد، وتواصلت مع المستشار ماضي توفيق الدقن رئيس جمعية أبناء الفنانين، وبدأنا في مرحلة التطوير، وكان لدينا في البداية مقتنيات قليلة ولكن أبناء الفنانين تحمسوا للفكرة وتخطى عدد فناني المتحف 70 فنانًا".
محافظات مصر
الأمر لا يتوقف عند متحف رموز ورواد الفن المصري في القاهرة فقط، بل سيكون هناك جناح في كل محافظة يضم مقتنيات أبناء فناني المحافظة بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، حسبما أكد ياسر صادق.
وحتى يكون هناك فرصة للأجيال الجديدة والقديمة لمشاهدة تراث فنانيهم يوضح "صادق" أنه سيكون هناك شباك لبيع التذاكر بأسعار مُخفضة للجمهور، حيث قال: "سيتم إقامة عدد من الأنشطة الثقافية والفنية في ذكرى الميلاد والوفاة الخاص برموزنا الفنية، كما سنقوم بتقديم أفلام تسجيلية عن فنانينا العظماء تُعرض في المركز القومي للمسرح والموسيقى".
فرصة للجيل الجديد
وقال خالد جلال رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية": "ما يحدث اليوم خطوة مهمة لحفظ تاريخ فنانينا العظماء، كما أن خطوة وجود تراث الفنانين في المحافظات مهمة جدًا ليتعرّف الجيل الجديد في كل محافظة على تاريخ فنانيهم".
ترحيب
ووصف ماضي توفيق الدقن، رئيس جمعية أبناء فناني مصر، افتتاح المتحف بعد تطويره بالإنجاز حيث قال: "الجمعية أعطت كل ما تملكه للمتحف، وأبناء الفنانين رحبوا جدًا بتلك الخطوة الكبيرة ورأوا أنها تخليد لتاريخ نجومنا الكبار، وسيكون هناك دفعة جديدة من المقتنيات سنُعلن عنها قريبًا".
متحف متفرد
يصف نجل الفنان المصري إبراهيم سعفان - الذي رحل عن عالمنا عام 1982- المتحف بالمتفرد من نوعه ويقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "الفكرة رائعة جدًا، ونشعر أن المكان منزلنا وسيعيش طويلًا، لذا فرحت حينما رأيت باقي مقتنيات أبناء الفنانين، ولدى سيناريوهات لوالدي لمسلسلات وأفلام سأرتبها وأقدمها للمتحف بجانب المقتنيات الموجودة".
تسجيل للتاريخ
وأعربت حنان ابنة الفنان حسن الديب عن سعادتها بتلك الخطوة، حيث قالت في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية": "جمعية أبناء فناني مصر ساعدتنا اليوم في تسجيل تاريخ آبائنا، لذا فرحت لأن الأجيال الجديدة ستتعرف على تاريخ فنانيهم".
دعوة لأبناء الفنانين
وقالت الفنانة سميرة عبد العزيز لموقع "القاهرة الإخبارية": "المتحف خطوة مهمة جدًا وأدعوا أبناء الفنانين لأن يُحضروا مقتنياتهم ويحفظوها هنا للتاريخ، لأن تراث رموزنا يجب أن يظل محفورًا في التاريخ، وسعيدة لرؤية جانب من مقتنياتي بجانب هؤلاء العظماء الكبار".
ثروة حقيقية
بينما قالت ابنة الفنانة سهير الباروني: "فخورة جدًا بالمتحف، لأن أعمال آبائنا وأمهاتنا محفورة في قلوب الشعب المصري والعالم العربي، وهذا المتحف سيساعد في تعريف الأجيال الجديدة ببصمة هؤلاء النجوم وتاريخهم الكبير".
وأضافت: "أشكر الفنان ياسر صادق على هذه الخطوة وفكرته العظيمة، لأنه نجح في تجميع هذا العدد الكبير من الفنانين الكبار في مكان واحد".
وتابعت قائلة: "أول شيء فكرت أن أضعه في المتحف هو فستانين لوالدتي في مسرحية "شارع محمد علي"، وبعدما شاهدته اليوم في الافتتاح، مستعدة أن أضع في المتحف جميع مقتنيات والدتي بالكامل لأني محتفظة بها وبجميع الجوائز التي حصلت عليها على مدار مشوارها الفني".
وأضافت: "قيمة هؤلاء النجوم الراحلين لا تقدر بمال، وثروتهم الحقيقة في قلوب الشعب المصري والعربي".