الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الوجود العسكري الأمريكي في سوريا.. معضلة ترامب مع انطلاق ولايته الثانية

  • مشاركة :
post-title
مروحية أمريكية تقلع من قاعدة في شرق سوريا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

يُشكل الوجود العسكري الأمريكي في سوريا مُعضلة مبكرة أمام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عندما يبدأ ولايته الثانية الشهر المقبل، وفقًا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، إن ترامب يواجه أسئلة ملحة بشكل متزايد حول مستقبل نحو 2000 جندي أمريكي متمركزين في شرق سوريا، حيث استخدمت واشنطن لأكثر من عقد من الزمان مجموعة من المواقع المتقدمة لمحاربة داعش ومراقبة أنشطة إيران.

وأضافت أن ترامب، الذي هدد مرارًا وتكرارًا بسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى، وسعى في الأيام الأخيرة إلى إبعاد الولايات المتحدة عن الاضطرابات التي تجتاح البلاد الآن، لم يكشف عن خططه بشأن المهمة العسكرية الأمريكية هناك.


وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي المنتخب ومستشاروه أشاروا إلى أن الأولوية القصوى ستكون احتواء تنظيم داعش، الذي أعاد تجميع صفوفه في الصحراء الجنوبية لسوريا، حيث قصفت القوات الأمريكية المتشددين بغارات جوية مكثفة في الأيام الأخيرة.


وأشار جيمس جيفري، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إلى أن هيئة تحرير الشام، التي قادت الفصائل السورية في معركة الإطاحة بنظام بشار الأسد، نجحت في محاربة تنظيم داعش في الماضي، وهي حقيقة من شأنها أن تزيد من حدة الأسئلة المطروحة على الرئيس القادم.
وقال جيفري: "إن ترامب سيسأل: لماذا يتعين على أن أبقي على قوات لمحاربة داعش، في حين أن كل قتالنا يتركز في الأساس على قصفهم في الصحراء؟". وأضاف: "وسوف يكون من الصعب للغاية الإجابة على هذا السؤال".

ونقلت "واشنطن بوست" تصريح النائب مايكل والتز (جمهوري من فلوريدا)، ضابط القوات الخاصة المتقاعد الذي اختاره ترامب مستشارًا للأمن القومي، إن الرئيس المنتخب سيعطي الأولوية للحد من التدخلات العسكرية في الخارج، لكنه وصف أيضًا منع عودة داعش بأنه الأولوية رقم واحد، مما يجعل الاستراتيجية العسكرية التي قد تسعى إليها الإدارة الجديدة غير واضحة.

وفي مقابلة أجريت معه مؤخرًا، قال والتز لشبكة فوكس نيوز: "لقد كان الرئيس واضحًا للغاية، وكان تفويضه من الناخبين هو بذل كل ما في وسعه لتجنب جرنا إلى المزيد من الحروب في الشرق الأوسط. ولكن في سوريا، كان واضحًا بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الذي لا يزال قائمًا... يتعين علينا أن نبقيه تحت السيطرة".

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن فريق ترامب وإدارة بايدن، التي أرسلت دبلوماسيين كبارًا إلى سوريا الأسبوع الماضي لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان، يتعاملان بحذر مع هيئة تحرير الشام، التي تشكلت في البداية كفرع من فروع تنظيم القاعدة. وفي حين وعدت الجماعة بالاستقرار والشمولية، إلا أنها لا تزال مدرجة على القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية الأجنبية.

وأوضحت الصحيفة أن أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام، الزعيم المؤقت الجديد في سوريا، دعا إلى حل الميليشيات في جميع أنحاء سوريا، لكنه لم يقل صراحة ما إذا كانت حكومته ترغب في بقاء الولايات المتحدة.

كما أن المخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة، مع وجود أفراد أمريكيين يعملون في قواعد صغيرة مكشوفة، عالية كما هو الحال في العراق والأردن المجاورين. منذ بدء الحرب على غزة، نفذت الميليشيات ما لا يقل عن 211 هجومًا على القوات الأمريكية بطائرات بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه وصواريخ وذخائر أخرى، بما في ذلك هجوم أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين عبر الحدود السورية في الأردن في يناير، وفقًا لبيانات البنتاجون. واستهدف أكثر من 130 من تلك الهجمات مواقع أمريكية في سوريا.


وتأتي هذه التساؤلات المتزايدة في الوقت الذي أقر فيه البنتاجون لأول مرة الخميس الماضي بأن كبار المسؤولين العسكريين حجبوا لأشهر حقيقة أن الوجود العسكري في سوريا تضاعف هذا العام من حوالي 900 جندي إلى حوالي 2000 جندي. وقال اللواء باتريك رايدر، المتحدث باسم البنتاجون، إنه علم للتو بالتوسع، وأن المسؤولين يحجبون مثل هذه المعلومات أحيانًا بسبب "اعتبارات أمنية دبلوماسية وعملياتية".


وحسب "واشنطن بوست"، من المرجح أن يكون العامل الرئيسي في تشكيل مستقبل المهمة الأمريكية هو الترتيبات المستقبلية بين السلطات الكردية في شمال شرق سوريا والحكومة الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام في دمشق، وإلى أي مدى ستذهب الولايات المتحدة في حماية قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في محاربة داعش.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه رغم أن قوات سوريا الديمقراطية أثبتت أنها رفيق عنيد في تلك المعركة، فإن أملها في تأمين الحكم الذاتي الدائم كان سببًا في خلق احتكاكات طويلة الأمد بين واشنطن وحليفتها في حلف شمال الأطلسي تركيا، التي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية جزءًا من حزب العمال الكردستاني.

وتوسطت الولايات المتحدة في اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات المدعومة من تركيا التي تسعى إلى تأكيد السيطرة في شمال سوريا. وفرض هذا الاتفاق على قوات سوريا الديمقراطية الانسحاب من مدينة منبج، ذات الأغلبية الكردية، الواقعة بالقرب من الحدود السورية مع تركيا. ويبدو الآن من المرجح أن تحاول القوات المدعومة من تركيا الاستيلاء على كوباني، وهي أولوية رمزية بالنسبة للأكراد السوريين.


وبحسب تشارلز ليستر، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، فإن قوات سوريا الديمقراطية في وضع "صعب للغاية" مع فرار المقاتلين غير الأكراد من صفوف المجموعة وتساؤل قادتها عن المدة التي سيظلون فيها يتمتعون بدعم الولايات المتحدة. وقال: "إنهم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى".

وترى "واشنطن بوست" أن من أهم مصادر القلق بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين هي السجون والمخيمات التي تؤوي مسلحي داعش وأفراد عائلاتهم، والتي تحرسها الآن قوات سوريا الديمقراطية.

وقال فرهاد شمسي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، إن تنسيق مجموعته مع القوات الأمريكية تكثف بسبب التهديد المتطور من داعش. وحذر شمسي من أن المسلحين يحاولون التوغل في شمال شرق سوريا، وأن بعضهم، على حد زعمه، ينضمون إلى القوات المدعومة من تركيا، والتي قاتلتها قوات سوريا الديمقراطية في الأيام الأخيرة.

وقال شامسي عن الوجود العسكري الأمريكي: "نأمل أن يحافظوا على وجودهم هنا في سوريا، وخاصة في هذا الوضع الحرج، لأننا نعتقد أن داعش سيعود إلى الظهور"، مضيفًا أن قوات سوريا الديمقراطية قلقة من أن تركيا لن تستمع للجهود الأمريكية لتهدئة التوترات، وأن السلطات الجديدة في دمشق لم تقدم ضمانات حازمة بشأن دور المجموعة في سوريا المستقبلية إذا تم التوصل إلى ميثاق وطني واسع النطاق.


وقال الجنرال المتقاعد والقائد السابق للقيادة المركزية الأميركية جوزيف فوتيل، إن مكانة الولايات المتحدة لدى الشركاء الآخرين قد تعاني إذا تخلت عنهم. وقال إن القوات الكردية لديها خبرة أكبر من تلك التي تتمتع بها الجماعات الأخرى في سوريا في مواجهة تنظيم داعش، محذرًا من "أننا قد نخلق وضعًا هنا حيث يمكن لداعش استعادة وإعادة تأسيس نفسه".