وصل مسؤولون أمريكيون كبار إلى دمشق، اليوم الجمعة، في أول مهمة دبلوماسية إلى العاصمة السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد هذا الشهر.
ويتواجد الوفد الذي يضم مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المحتجزين روجر كارستينز، والمستشار الكبير في مكتب الشؤون الإنسانية دانييل روبنشتاين، في العاصمة دمشق.
ويلتقي الوفد الأمريكي، برئاسة باربرا ليف، بأعضاء من جماعة "هيئة تحرير الشام" التي قادت الفصائل السورية في الإطاحة بنظام بشار الأسد، وفقًا لمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال المتحدث في بيان، إن من المتوقع أن تركز هذه المناقشات على التوقعات بشأن الانتقال إلى حكومة سورية شاملة و"الأمل في الكشف عن معلومات حول مصير أوستن تيس وماجد كمالماز ومواطنين أمريكيين آخرين اختفوا في ظل نظام الأسد".
وحسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، تركز المناقشات بين الوفد الأمريكي وأعضاء "هيئة تحرير الشام" على قضايا مثل حقوق الإنسان، ومنع ظهور الجماعات الإرهابية مثل داعش مجددًا، وتدمير الأسلحة الكيميائية.
وبالإضافة إلى هيئة تحرير الشام، سيلتقي الدبلوماسيون مع أعضاء المجتمع المدني والناشطين وأفراد المجتمعات المختلفة وغيرهم من السوريين "حول رؤيتهم لمستقبل بلادهم وكيف يمكن للولايات المتحدة المساعدة في دعمهم"، بحسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن دانييل روبنشتاين، المستشار البارز لمكتب الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، سيقود المشاركة الدبلوماسية للوزارة بشأن سوريا، وسيعمل "بشكل مباشر مع الشعب السوري والأطراف الرئيسية في سوريا وينسق مع الحلفاء والشركاء".
ومنذ الإطاحة بالأسد، تعرضت إدارة بايدن لضغوط متزايدة لإرسال موظفين أمريكيين إلى الأرض للمشاركة في البحث عن تيس، الذي اختطف في سوريا قبل 12 عامًا.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أمس الخميس، إن الولايات المتحدة على اتصال "بكل الجهات الفاعلة المحتملة التي قد تكون قادرة على الحصول على معلومات. وهذا يشمل أي شخص وكل شخص لديه علاقة ما مع السلطات الصاعدة المختلفة في سوريا".
وتأتي زيارة الوفد الأمريكي في أعقاب زيارات قام بها دبلوماسيون من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا إلى دمشق، الأسبوع الماضي، في الوقت الذي يدعو فيه زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، إلى رفع العقوبات الدولية عنه وعن الجماعة.
وتدرج الولايات المتحدة "هيئة تحرير الشام" على قائمة الإرهاب، حيث رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على الشرع. وحسب سي إن إن، لا تمنع العقوبات الوفد الأمريكي من لقاء هيئة تحرير الشام أو التحدث معها، ولكنها تقيد تقديم الدعم المادي، الأمر الذي يخلق تعقيدات أمام جماعات المساعدات الإنسانية التي تعمل على مساعدة اللاجئين العائدين إلى وطنهم والنازحين داخله على مدى العقد الماضي.
وذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" أن إدارة بايدن تدرس إزالة هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب، لكن الإدارة وضعت أيضًا قائمة من الشروط التي يجب أن تلبيها قبل أن تعترف الولايات المتحدة رسميًا بالحكومة السورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، أمس الخميس: "إن وجهة نظرنا هي أنه مهما كانت الحكومة التي تنشأ عن هذه المرحلة الانتقالية، فإنها تحتاج إلى أن تكون شاملة، وتحتاج إلى حماية حقوق جميع السوريين، بما في ذلك النساء والأقليات، ومثل جميع الحكومات، فإنها تحتاج إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة الحيوية وتقديم الخدمات الأساسية".
وأضاف: "وربما الأهم من ذلك أننا نريد أن نرى سوريا لا تشكل تهديدًا لجيرانها أو المنطقة، ولا تكون مكانًا يمكن أن يكون بمثابة قاعدة للإرهاب أو التحالف مع مجموعات مثل داعش".
وعشية وصول الوفد الأمريكي لدمشق، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية" البنتاجون" أن الولايات المتحدة لديها حاليا نحو 2000 جندي في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد الذي تم الكشف عنه سابقا وهو 900، وفق ما قاله متحدث باسم وزارة الدفاع في مؤتمر صحفي، أمس الخميس.
قال السكرتير الصحفي للبنتاجون اللواء باتريك رايدر، الذي قال إن القوات البالغ عددها 2000 جندي موجودة جميعها في سوريا لمحاربة داعش: "هناك اعتبارات أمنية دبلوماسية وعملياتية في كثير من الأحيان مع انتشارنا وبعض هذه الأعداد، وهذا هو الحال هنا بالتأكيد".
وتركز القوات الأمريكية جهودها على مكافحة داعش، وهي إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه المجتمع الدولي في أعقاب انهيار نظام الأسد. وأكد المسؤولون الأمريكيون مرارًا وتكرارًا أن التنظيم الإرهابي لا ينبغي أن تكون قادرة على استخدام المرحلة الانتقالية في سوريا لإعادة البناء.
ولدى الولايات المتحدة قوات في سوريا لمحاربة داعش منذ عام 2014، وتعمل مع قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد لمحاربة التنظيم الإرهابي. لكن السقوط السريع لنظام الأسد أثار مخاوف من حدوث فراغ في السلطة من شأنه أن يعيد تمكين تنظيم داعش، الذي لم يسيطر على أي أراض في سوريا منذ عام 2019.