وسط مشاهد تذكر بالحرب العالمية الأولى، يخضع الجنود الفرنسيون الشباب لتدريبات مُكثفة على حرب الخنادق في ريف الألزاس. وتتسم هذه التدريبات، وفق تقرير شبكة "فرانس 24"، بالتركيز الشديد على المهارات التكتيكية اللازمة لمواجهة صراعات مستقبلية شديدة التعقيد، مستلهمين المعارك الجارية في أوكرانيا.
تدريب على المواجهة المباشرة
في خندق بريف الألزاس، يتقدم عشرة جنود بحذر، مسلحين ببنادق هجومية ومدافع رشاشة خفيفة. التدريبات تركز على التزام الجنود بالتباعد لتجنب وقوع خسائر جماعية نتيجة هجوم بالمتفجرات. أثناء التدريب، يُظهر الجنود مستوى عاليًا من التركيز، مدركين أهمية هذه المحاكاة لتحسين ردود فعلهم في القتال الحقيقي.
الضابط المسؤول، الملازم ميلكيور، يراقب عن كثبٍ أداء الجنود، مُشيرًا إلى أهمية استخدام القنابل اليدوية لتشتيت انتباه العدو وفتح الطريق أمام القوات للتقدم.
دروس من أوكرانيا
التدريب الحالي، الذي يجري في قاعدة فوج المشاة التشادي، يستهدف إعداد الجنود للقتال في بيئات قاسية كالتي شهدتها أوكرانيا. ويُلاحظ أن التدريبات لم تتضمن عمليات مُحاكاة لقصف مدفعي أو نيران قناصة، مما يجعلها أقل شدة من الواقع، لكنها تركز على الحركات التكتيكية الأساسية وردود الفعل التلقائية.
يشير ميلكيور إلى أن التحديات الرئيسية في حرب الخنادق تتعلق بقدرة الجنود على التكيف مع بيئة مغلقة ومعقدة. وتقدم الجنود عبر الخنادق يتطلب يقظة كبيرة، حيث يمكن أن يفقدوا اتجاههم بسهولة في شبكة الخنادق.
استعداد جديد
مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، يتحول تركيز الجيش الفرنسي نحو الاستعداد لمواجهة أعداء يملكون قدرات عسكرية متقدمة. يوضح المقدم بول لشبكة "فرانس 24" أن الجيش الفرنسي يعكف على تطوير استراتيجيات تركز على التمويه والحركة الدائمة للتعامل مع بيئة قتالية شفافة، حيث تلعب الطائرات بدون طيار دورًا مهيمنًا.
يُعاني الجيش الفرنسي من نقص في إمدادات الذخيرة اللازمة لصراعات طويلة الأمد. هذا النقص يعود إلى استراتيجية سابقة تركزت على الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة على حساب تخزين الذخائر.
رغم الجهود المبذولة لتعويض هذا النقص، يشير إيلي تينينباوم، مدير مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، إلى أن التحول الكامل في الاستراتيجية العسكرية الفرنسية لا يزال بعيد المنال.
الاعتماد على الحلفاء
في ظل هذه التحديات، تواصل فرنسا الاعتماد على دعم حلفائها الغربيين لتغطية احتياجاتها العسكرية أو اللجوء إلى الردع النووي، ومع أن قانون التخطيط العسكري الجديد يُعطي أولوية لبناء إمدادات الذخيرة، إلّا أن التحول الجذري في الاستراتيجية الدفاعية الفرنسية يواجه معوقات عديدة.
وتجسد التدريبات في ريف الألزاس جهود الجيش الفرنسي في الاستعداد لصراعات عالية الكثافة، مُستفيدًا من الدروس المستخلصة من الحرب في أوكرانيا.