الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

استراتيجية متعددة المسارات.. تغيير في خطة ترامب بشأن حلف "الناتو"

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت مصادر مطلعة لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن خطط جديدة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجاه حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تتضمن رفع الإنفاق العسكري لدول الحلف إلى مستويات غير مسبوقة، في الوقت الذي يتراجع فيه عن تهديداته السابقة بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وتظهر هذه التطورات ملامح جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية في المرحلة المقبلة، وتضع حلفاء واشنطن أمام تحديات استثنائية.

استراتيجية ترامب الجديدة

وبحسب "فايننشال تايمز"، يتبنى فريق ترامب استراتيجية متعددة المسارات في التعامل مع الملفات الأوروبية والأطلسية، إذ أجرى مستشارو السياسة الخارجية المقربون من الرئيس المنتخب سلسلة من المشاورات المكثفة مع كبار المسؤولين الأوروبيين خلال الشهر الجاري، وقدموا رؤية تجمع بين التشدد في المطالب المالية والمرونة في الملف الأوكراني.

وتكشف هذه المحادثات عن تحول ملحوظ في موقف ترامب من قضية دعم أوكرانيا، إذ يبدو أنه تخلى عن موقفه المتشدد السابق الذي هدد فيه بقطع المساعدات العسكرية عن كييف فور توليه السلطة.

وفي تفصيل مهم، أشارت المصادر إلى أنَّ ترامب يخطط لربط مطالبه برفع الإنفاق العسكري بحزمة من الحوافز التجارية، فبينما يطالب علنًا بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، تشير المعلومات إلى أنه قد يقبل بنسبة 3.5% كحد أدنى، مع تقديم شروط تجارية أفضل للدول التي تستجيب لهذه المطالب، وفقًا للصحيفة. 

هذا النهج التفاوضي الجديد يعكس فهمًا أعمق من جانب ترامب للعلاقات عبر الحلف، وتخليًا نسبيًا عن أسلوب التهديد المباشر الذي اتبعه في ولايته الأولى.

تحركات أوروبية متسارعة

في خضم هذه التطورات المتسارعة، تتحرك العواصم الأوروبية بوتيرة متسارعة للتكيف مع الواقع الجديد، وشهدت بروكسل اجتماعًا رفيع المستوى ضم القوى الأوروبية الرئيسية في حلف الناتو (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا) مع الأمين العام للحلف مارك روته والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وفي خطوة لافتة، أجرى المستشار الألماني أولاف شولتس اتصالًا هاتفيًا مباشرًا مع ترامب خلال قمة الاتحاد الأوروبي، في محاولة واضحة لجسِّ نبض السياسة الأمريكية المقبلة وتأمين خطوط التواصل المباشر مع الإدارة الأمريكية المقبلة.

وتكشف هذه التحركات الأوروبية عن قلق عميق من التداعيات المحتملة لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، إذ إن المطالب الجديدة برفع النفاق العسكري تضع الحكومات الأوروبية في موقف صعب أمام شعوبها، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة والضغوط المالية المتزايدة.

ومع ذلك، يبدو أنَّ القادة الأوروبيين يدركون ضرورة التكيف مع الواقع الجديد، إذ تُجرى بالفعل مناقشات جادة حول رفع هدف الإنفاق العسكري إلى 3% خلال قمة لاهاي المقررة في يونيو المقبل.

مستقبل الدعم الأوكراني

يمثل الموقف الجديد لترامب من الملف الأوكراني تحولًا لافتًا في سياسته الخارجية، فبحسب المصادر التي تحدثت للصحيفة البريطانية، يتبنى الرئيس المنتخب استراتيجية "السلام من خلال القوة"، إذ يصر على ضرورة إنهاء الصراع فورًا، لكنه يؤيد في الوقت نفسه استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية إلى كييف حتى بعد وقف إطلاق النار.

هذا الموقف، رغم تناقضه الظاهري، يعكس رؤية براجماتية تجمع بين الرغبة في إنهاء النزاع وضمان توازن القوى في المنطقة.

من جهته، يبدو الرئيس الأوكراني مدركًا لحساسية المرحلة المقبلة، فخلال زيارته الأخيرة لبروكسل، حيث التقى قادة الاتحاد الأوروبي والناتو، شدد على أن التعهدات الأوروبية وحدها لن تكون كافية لحماية أوكرانيا دون المشاركة الأمريكية الفعالة، ما يعكس فهمًا عميقًا للواقع الاستراتيجي، إذ يظل الدعم الأمريكي العمود الفقري لأي جهد غربي لمساعدة أوكرانيا.

وبحسب "فايننشال تايمز""، تظل القضية الأكثر إلحاحًا هي كيفية تحقيق التوازن بين المطالب الأمريكية الجديدة والقدرات المالية والسياسية للدول الأعضاء في الناتو، فمن بين 32 دولة عضو في الحلف، لا تلتزم سوى 23 دولة حاليًا بهدف الإنفاق البالغ 2%، ما يجعل الوصول إلى نسبة 5% أو حتى 3.5% تحديًا هائلًا، ما يضع التحالف الغربي أمام اختبار صعب لوحدته وقدرته على التكيف مع المتغيرات الجيوسياسية العالمية في مرحلة تاريخية فارقة.