مع تصاعد حدة الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية، تجد إسرائيل نفسها تواجه انتقادات غير مسبوقة على الساحة الأوروبية، وتتزايد عزلتها الدبلوماسية تزامنًا مع تحركات أممية وإجراءات تُظهِر انحيازًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، سلطت الضوء على هذا المشهد المتشابك، الذي يعكس توترات عميقة بين إسرائيل وأوروبا، واستشهدت على ذلك بصياغة النرويج قرارًا أمميًا، يطالب محكمة العدل الدولية بتقديم رأي استشاري حول التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين.
القرار، الذي صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة فيه بأغلبية 137 دولة، جاء ردًا على حظر إسرائيل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) منذ يناير الماضي، إضافة إلى العراقيل التي تواجهها وكالات الأمم المتحدة في غزة.
في المقابل، أرجعت إسرائيل أزمة المساعدات إلى ما وصفته بـ"سرقة حماس"، مؤكدة أنها سلمت أكثر من مليون طن من المساعدات العام الماضي، لكن حماس نفت هذه الادعاءات، متهمة إسرائيل بتعمد تقليص المساعدات.
مواجهة دبلوماسية
في خطوة وصفها محللون بـ"العمل السياسي المتعجرف"، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إغلاق السفارة الإسرائيلية في أيرلندا، وهو ما أثار انتقادات واسعة، بما في ذلك من داخل الأوساط الإسرائيلية، إذ وصف الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس القرار بأنه "استعراض للقوة" و"محاولة للفت الأنظار".
من جهته، انتقد رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس، هذا الإجراء ووصفه بـ"المؤسف للغاية"، مشددًا على التزام أيرلندا بحل الدولتين واحترام القانون الدولي.
وشهدت العلاقات بين أيرلندا وإسرائيل تدهورًا ملحوظًا مع انضمام أيرلندا إلى دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.
واتهم وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، إسرائيل بممارسة "عقاب جماعي" في غزة، مشيرًا إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين.
وأعربت السفيرة الفلسطينية لدى أيرلندا جيلان وهبة عبد المجيد، عن تقديرها للمواقف الأيرلندية، مؤكدة أن هذه التحركات تتماشى مع القانون الدولي والتزامات الأمم المتحدة.
تأثير دولي
مع استمرار التصعيد في غزة، تطورت الدعوات لتصل إلى طلب تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة ومراجعة حق الفيتو في مجلس الأمن.
ودعا وزير التعليم العالي الماليزي زامبري عبد القدير، خلال قمة الدول الثماني النامية في القاهرة إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية وحماية عمل الأونروا، مطالبًا بحل دائم للأزمة.
على الرغم من ذلك، ترى إسرائيل أن الانتقادات الدولية تُغفل التهديدات الأمنية التي تواجهها منذ تصاعد الأعمال العدائية في أكتوبر 2023.
في خضم هذه التوترات، يبدو أن العزلة الدبلوماسية التي تواجهها إسرائيل ليست سوى فصل جديد من صراع طويل الأمد في المنطقة، وبينما تسعى الأطراف الدولية لإيجاد حلول دائمة، يبقى قطاع غزة في قلب الجدل الدولي حول العدالة والإنسانية في أوقات الحرب.